ثقافات

ضمت 30 قصة قصيرة وقصيرة جدا

باقر صاحب يضع قصصه في (خزانة للنسيان) .. 

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

صدر للاديب العراقي باقر صاحب مجموعته القصصية التي تحمل عنوان (خزانة النسيان) & عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ عمان -بيروت، تضم صفوة مختارة من تجاربه القصصية طيلة عشرين عاماً (1998-2018).
تقع المجموعة القصصية في 104 صفحات من القطع المتوسط ، ليس فيها اهداء ولا مقدمة ، كما ان عنوان المجموعة ليس مأخوذا من اية قصة فيها ،بقدر ما افتتحها الاديب بـ (اشارة) منه قال فيها (تنبغي الاشارة الى ان نصوص هذه المجموعة ،يمكن وصفها بانها خلاصة تجاربي القصصية طيلة عشرين عاما،أي في الفترة الممتدة ما بين 1998 &- 2018 ،فقد اقصيت نصوصا كثيرة ، للخروج الى عالم النشر ،بما اعتقد انه يمثل تجربتي في كتابة القصة اصدق تمثيل) ، تضم المجموعة 12 قصة قصيرة، ثلاث منها كتبت بأسلوب المتوالية القصصية، فضلاً عن قسم منفصل للقصص القصيرة جداً، عددها 18.
زينت الغلاف لوحة بعنوان (الأمل) للفنان البريطاني جورج فريدريك واتس،فيما &الصورة الشخصية على الغلاف الأخير للفنانين أسامة القصاب وحيدر الأعرجي- رابطة عيون المثنى للتصوير.
&وتأتي هذه المجموعة القصصية التي هي الاولى ضمن نشاطات الاديب في فن السرد القصصي بعد ثلاث مجموعات شعرية اصدرها ما بين عامي 1997و 2013، مع استمراره بكتابة الشعر والمقالة الأدبية والعمود الصحافي، وله مجموعة شعرية رابعة، قيد النشر .

الدهشة والتكثيف
تتميز قصص باقر صاحب بالدهشة التي تضعها في متنها، يبدأ هادئا قبل ان يثير الفضول ثم الذهاب الى ضفاف الانبهار التي تؤدي الى اكتشاف الصورة المتكاملة للقصة ، اعجبني اسلوبه الادبي في الكتابة حيث لا تعثرات في الايقاع ولا في السبك،حيث تمضي قصته هادئة الى منتهاها حتى وان حمل متنها قلقا وفنتازيا، المقاطع التي تتكون منها قصته القصيرة تنسجم مع بعضها بشكل يؤدي الى يلتقط القاريء المقطع الاخر وهو منجذب اليه،بشيء من التوقع لكنه يرسم اللامتوقع فيمضي في القراءة وهذا هو الامر الجيد حيث ان القاريء لا يتخلى عن القراءة لمجرد ان تظهر امامه القصة القصيرة بهيأتها الطويلة لانه مع استمتاعه بالقراءة السلسة يشعر انه يحتاج ان يعرف النتيجة ، فهو لا يذهب في سرد عشوائي انشائي ممل ،بل يرسم الصور مكثفة ومعبرة وصولا الى الحالة التي تنتهي عندها القصة بمفارقة معينة .
اما قصصه القصيرة جدا &التي عددها 18 قصة ،فقد كانت جملا مفيدة ترتكز على جدية الحدث الذي يتطرق اليه، انها كلمات متماسكة مكثفة تسعى الى غايتها التي تثير في القاريء شيئا يهز في داخله السكون الذي كان عليه قبل ان تلتقط نظراته كلماته وتستدعي الانتباهة التي تتهيأ لمواجهة صورة المفارقة التي يقفل باب القصة لكنه يفتح عند القاريء بابا اخرى يتركها لما يفهمه القاريء منها.

مقطع قصصي على الغلاف الأخير
بمشقة بصم الأب &أصابعه على زر الجرس، فتحت زوجته الرابعة والأخيرة الباب، وارتعبت حين رأت الدوائر الحمر الملتهبة تغزو وجهه ويديه، فضلاً عن &أن أجزاء جسمه المغطاة بالملابس، تبدو مدببة، صرخت مذعورةً تاركة إياه، واستدعت أهلها ومعارفها الذين كانوا يحتفلون بعيد ميلادها، ولما تزل الشموع موقدة.لم يلمسه أحد ممن جاؤوا راكضين على صراخ ابنتهم، دخل الصالة، وكانوا على مسافة خشية أن يصابوا بما أصيب به، قال والكلمات تخرج منه بصعوبة: ما هي المناسبة في لمتكم، فقد أصبحت أخشى اللمات، فضلاً عن أنني أخشى النار .ونحن أيضا نخشى الاقتراب منك، لذا ندعوك أن تطفئ الشموع &الثماني عشرة.. أجابه أكثر من واحد منهم :كم؟ مرتعباً قال:إرتفعت الدوائر الحمر في أجزاء جسده، بل أصبح هو كرة جلدية حمراء كبيرة.
جَمعُ الأهل والمعارف الذي باعدوا مسافاتهم عنه، حلّت في أعينهم غشاوة الرؤية، حينما شاهدوا بضبابية ارتعبوا منها، النيران الشمعية الثماني عشرة، المؤذنة ببلوغ زوجته الرابعة النضوج، ومن ثم يحق لها تملَك بيته الأخير، وفق تنازله لها عنه. شاهدوا النيران مع فرارهم السريع من الصالة إلى الحديقة، تتوهج في أماكن متفرقة من جلده الكروي الأحمر، ومن ثم سمعوا دويَّ انفجار.
الشموع المحرقة للكرة الجلدية الحمراء تحولت إلى أفواه نارية ماضغة بصوت عالٍ اللحم المنتفخ، كان جسده يتضاءل، وآخر ما التهمت الحيوانات النارية المفترسة، رأسه المدبب، الذي كانت تسطع فيه حيناً، وتشحب حيناً آخر صور بؤس أبنائه وبناته المشردات في الشوارع، ومعهم الأم المظلومة التي توحش معها العمر كله.

الصّالح العام
دخولي العقد الستيني دقَّ أجراس هجوم أمراض الشيخوخة، فقرًّرتُ اتخاذ إجراءات، قيل لي إن الركض اليومي أكثرها فائدة .
اليوم الأول، ركض معي عدد من مجانين المدينة. اليوم الثاني الكهول أمثالي، لنفس أسبابي حتماً. اليوم الثالث اللصوص، لربما سرقتُ مالاً، اليوم الرابع أفراد الشرطة، للقبض على اللصوص. اليوم الخامس، نشطاء المدينة.. للاقتصاص من السياسيين الفاسدين. اليوم السادس، السياسيون أمامي، خوفاً من ثورة الشعب. اليوم السابع أصبح سكّان المدينة خارجها، فعيَّنتُ نفسي حاكماً على المدينة.
كان مرسومي الأول إعدام أمراض الشيخوخة، كي لا تهدِّد صالحي العام.

دحرجة
كانت على قدرٍ كبيرٍ من الجمال، يتبارى في قطف قلبها الرسامون في كلية الفنون الجميلة حيث تدرس، بالتنافس في رسم لوحة تكون هي الأقرب إلى عالمها.أحدهم رسمها طاووساً يتبعها عشاق ذيليون، وهو آخرهم، كأنه اليائس الأول من نيل قلبها.ثانيهم رسمها متخلفةً عنه بخطوات، كأنه مستعد لمواجهة أي منافس له عليها.ثالثهم رسمها وسط معجبيها يسيرون سويةً، هو معهم للدلالة أن لا أحد سيحوز قلبها بما فيهم هو .رابعهم رسم نفسه.. وقد تقطع أشلاءً بسبب تفجير إرهابي، لكن قلبه تدحرج إليها لتحتضنه بين ذراعيها وتبكي...ففازت اللوحة بقلبها...

نبذة عن الكاتب :
*ولد الكاتب &في السماوة &- جنوب العراق العام 1963،*تخرج في الجامعة التكنولوجية-بغداد العام 1987 كمهندس مدني،*شاعر وقاص وكاتب &وصحافي
*صدرت له ثلاث مجموعات شعرية هي :”جياد لن تصل”، بغداد 1997،*”طيور يومية”، كتب غيوم للنشر والتوزيع والإعلان &- بغداد العام 1999 و”ترنيمة سوداء” &- الدار العربية للعلوم ناشرون / بيروت-2013.
نشر بعض قصصه في الصحف العراقية والعربية،له مقالات منشورة في مراجعة الأعمال الأدبية العراقية والعربية والعالمية- في الشعر والقصة والرواية، ويخطط لجمعها في كتاب.
*يعمل في الصحافة العراقية منذ العام 2003.
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف