ثقافات

أدب الطفل من عودة الورود إلى دهليز القائد علي الكاتب صلاح بن عيّاد نموذجا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


بقلم فؤاد بالضياف

"إلى أطفال تونس في كلّ مكان ، إليهم و قد حملوا أسئلة .. إلى تلك الحيرة التي شاهدتها في وجوههم الصغيرة تجاه غليان شارع بلدهم أيضا معنيّون به"&"عودة الورود ، صلاح بن عياد"

لعلّ الأدب يتّخذ حيّزا كبيرا من إهتماماتنا كقرّاء و ناشرين و أدباء ، فهو يحيط بجميع خياراتنا و إحتياجاتنا من متعة و تسلية و معرفة و ثقافة و تخيّل . فالأدب عموما يساعد كذلك على تنمية قدرات الطّفل من عدّة جوانب نفسيّة و معرفيّة ، و أدب الطفل فيتامينات للعقل و رحلة في عوالمه و توسيع لملكة الخيال عنده و إثراء للغته و ثقافته العامة.
ففي الوطن العربي ظهرت أولى بوادر الكتابة في أدب الطفل على يد أمير الشعراء أحمد شوقي و من بعد برز كامل الكيلاني لكن بعدهما لم نشهد إلاّ قلّة قليلة إختصّت في هذا الجنس الأدبي بمحاولات لم تدفع بأدب الطفل للوصول إلى غايته و ظلّت عاجزة عن إدراك الإبداع الأدبي و الإخراج الفنّي و التجسيد الدّرامي .
اليوم في تونس نشهد بروز كاتب يذكّرنا بشارل بيرّو و على خطى دنيال بناك ، كرّس قلمه للطّفل و هو الكاتب صلاح بن عيّاد الذي أصدر تسعة عشرة "19" عملا أدبيا موجّها للطفل . فكانت "رحلة رولا" و هي سلسلة متكوّنة من ثمانية "8" قصص أوّل إصداراته ، تلتها سلسلة "ريكو و ريكا" تتكوّن من ثمانية "8" قصص ، كما اشتغل كاتبنا بمجلة عرفان بتونس لسنتين تقريبا . في 2019 صدر لصلاح بن عياد رواية "عودة الورود" عن دار زينب للنشر و التوزيع و مؤخّرا ظهر علينا بإصداره الجديد "رواية دهليز القائد علي" و كلاهما عن نفس الدار و موجّهان للطفل و الناشئة و الأخيرة حاضرة في معرض الكتاب الوطني بتونس المنتظم من 19 إلى 29 ديسمبر 2019 .
في رواية عودة الورود إتّخذ صلاح بن عياد من شخصيات ك "البطل قرنفل" و "الشرّير شرّار" و "الشّيخ الحكيم" للإجابة عن أسئلة الطفل و إزالة حيرته إزاء واقع مبهم و ملغز ، بحبكة سرديّة فتحت خيال القارئ الصغير ليتابع مسيرة البطل قرنفل و محاولته إستعادة مدينة الورود من الشرير شرّار ، و كأنّ كاتبنا يحاول تفسير المشهد العام في تونس للطفل الذي وقع في حيرة إزاء ما يحدث في البلاد بعد الثورة و يعطي حلول للآباء و الأمهات للإجابة عن تساؤلات أبنائهم .
أمّا في إصداره الأخير "دهليز القائد علي" فإنّه يأخذنا لعالم بطل ملحميّ ، بطل تناقلت سيرته ألسن الناس حتى أصبح أسطورة شعبيّة في تونس و هو القائد علي بن عمّار العيّاري ، مناضل و مجاهد في وجه الإستعمار الفرنسي ، حيث يتوجّه صلاح بن عيّاد في هاته الرواية لأصدقائه الأطفال قائلا "و ما قصّتنا هذه سوى واحدة من تلك البطولات ، أوردناها بتفاصيل الأمكنة و بما أمكن من روائح الأرض ، فأرجو أن تصلكم يا أصدقائي و أن تساعدكم على حسن قراءة هذه الأرض".
تنقسم الرواية إلى ثمانية فصول في شكل أحداث تاريخية بدايتها سنة 1835 من مدينة مكثر أو مكتريم أو مكتريس ، إلى موفّى سنة 1883 لترسم لنا ملحمة مجاهد كان مثال للإخلاص و الوفاء لوطنه و محاربا في سبيل الحرّية و العزة و الكرامة .
لقد أخذ صاحب "عودة الورود" و "دهليز القائد علي" الطّفل لعالم الرّواية بأسلوب لغوي و حبكة سرديّة شيّقة تفتح خيالاته و تنمّي ثقافته و تحسّن مهاراته اللّغويّة ، لذلك نحن في حاجة لكتّاب مثل صلاح بن عيّاد ينهضون بأدب الطّفل في الوطن العربي ، بعد أن أضحى ضرورة ملحّة خاصّة و نحن في عصر لم تعد الأسرة وحدها المبرمجة لشخصيّة الطّفل و فكره .


ناشط ثقافي " مبادرة تونس تقرأ"
&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف