ثقافات

مقالات مختارة للروائي والمترجم لؤي عبد الإله

حين تُغيّرنا عتبات البيوت

صورة الغلاف الخاصة بالكتاب "حين تغيّرنا عتبات البيوت"
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أطلقت دار دلمون السورية كتاباً جديداً للروائي والمترجم العراقي المقيم في لندن، لؤي عبد الإله بعنوان "حين تغيّرنا عتبات البيوت".
وهو إصدار حديث لمجموعة نصوص أدبية وكتابات نقدية ومقالات مختارة نُشرت ما بين عامي 1990 و 2020 في مجلات وصحف عربية متعددة.

الجزء الأول
ويتألف الكتاب من ثلاثة أجزاء، الأول بعنوان: "نصوص". ونقرأ فيه 29 مقالة يستكشف بعضها أبعاداً جديدة لمضامين كتب خطها روائيون وفلاسفة وشعراء وفنانون مثل دستويفسكي وتولستوي والمعري ونيتشه وباختين وميلان كونديرا وماركس، وغيرهم من الأسماء اللامعة.
هذا إلى جانب نصوص تأملية تحتفي بالحياة وبينها مقالة "الحوار كتاب الوجود" المنشور في أولى صفحات الكتاب، وكُتِبَ فيه: "يقول الشاعر الألماني غوته: لا شيء أكثر لمعاناً من الذهب إلا الضوء، ولا شيء ألمع من الاثنين إلا الحوار... الحوار بمعناه الأوسع لا يقتصر على ما يدور بين إنسانين تجمعهما شبكة قناعات يضيئها الحوار فيحولها واقعاً ملموساً في وجدانهما، بل هو قابل لأن يشمل كل شيء: الأشجار التي غيرت ألوانها الخضراء إلى صفراء ترميها على الأرض دون مبالاة، تدعونا إلى تقليدها في التحرر من أسر الأشياء وتخفيف ثقلها عنا أقصى ما نستطيع، إلى الحد الذي لا تبقى فينا سوى أغصان عارية متحررة من جاذبيتها الأرضية... غير أن هذه الأشجار نفسها تتحاور معنا بطريقةٍ أخرى، في فصلٍ آخر، حين تبدأ تلك الأغصان بكسر صمتها، فتنطلق بدأب وبطء شديد غير منظور بارتداء خضرتها ثانية. قد نتعلم منها أن لكل صنف منها موعده الخاص للتفتح، فبعضه في آذار وآخر في نيسان وثالث في أيار... كأنها في تعددها هذا تقول لنا محاورة: لكل إنسان نقطة تفتح تختلف عن غيرها، فالبعض يتفتح في العشرين من العمر، والبعض الآخر في الخمسين والثالث في الستين أو السبعين..."


وفي المقالة التي تحمل عنوان الكتاب "حين تغيّرنا عتبات البيوت" يستكشف الكاتب لؤي عبد الإله المعاني المجازية لتلك العتبة الفاصلة بين مرحلتين من حياة الفرد في أمثلة عديدة من الأعمال الأدبية الكبرى مثل "الكوميديا الإلهية" لدانتي ورواية "الحرب والسلم" لتولستوي انطلاقا من العتبة الحقيقية الساكنة في مقدمة "البيوت" مفتتحاً نصه بهذه الفقرة:
"لم يُكتب على حد علمي شيئاً عن "عتبة" الباب في البيت البغدادي، تلك الدكة الواقعة بين عالمين منفصلين لكنهما متكاملان معاً: الداخل والخارج، حياة الأسرة وراء جدران البيت وحياة الشارع عبر باعته المتجولين وأطفاله وعابريه. تقودني الذاكرة من وقتٍ إلى آخر إلى تلك العتبة الملاصقة لباب خشبي سميك تعجّ فوق حفريات الماضي العريق، وعليها يجلس ذلك الطفل باطمئنان كامل: إنه هنا ضمن البيت وخارجه، متمتعاً بشعور الحماية الناجم عن موقع العتبة نفسها، ومن موقعه كان يراقب المارة في رواحهم ومجيئهم، فتظل عيناه تتابعان أقدامهم المبتعدة عنه."

الجزء الثاني
ويأتي الجزء الثاني من الكتاب تحت عنوان "مقاربات نقدية"، ويتضمن 9 مقالات تتناول روايات ومجموعات قصصية ودواوين شعرية، بينها رواية "حجر الضحك" لهدى بركات و"بقايا اليوم" للروائي البريطاني كازو ايشيجورو وديوان "ألوان السيدة المتغيرة" للشاعر فاضل السلطاني.

وتحلل مقالة "إرث العبودية وعبودية الإرث"_ المخصصة لرواية "أشيجورو" ذي الأصل الياباني والحائز على جائزة نوبل عام 2017_ العلاقة المعقدة التي تجمع ما بين السيد والعبد عبر تاريخٍ طويل، بحسب رؤية الفيلسوف الألماني البارزة في كتابه "فينومولوجيا الروح". "فبالقدر الذي يسعى "السيد" للتمتع بوقته الخالي من أي مشاعل حياتية، نجد العبد بالمقابل يسعى جاهداً، وجيلاً بعد جيل، لتحسين شروط الحياة التي يعيشها سيده وجعله يتمتع بها أكثر فأكثر، مقابل تفانيه هو في التحكم بالطبيعة عبر اختراع المحراث والعجلة والطاحونة وتدجين الحيوانات البرية وتحسين التربة للزراعة... كأننا أمام ما يسميه هيغل بالوعي الشقي أو بصيغة أخرى عبودية الإرث من جانب، لدى اللورد دارلينغتون، وإرث العبودية من جانب آخر لدى رئيس الخدم ستيفنس."

الجزء الثالث
الجزء الأخير من الكتاب يحمل عنوان "انطباعات بصرية". وهو يسلط الضوء على أحدث الأساليب في مجالي الفنون التشكيلية والأدائية. وفيه نتعرف على بعض التجارب الريادية في الأعمال المسرحية التي قدمتها فرقة "كومبليستي" البريطانية والتحولات الجديدة التي طرأت على الفنون التشكيلية منذ العقد الأخير من القرن الماضي، مع بروز فني الفكرة والتركيبة.

السوسو
وفي تقديمها لـ "حينما تغيّرنا عتبات البيوت"، كتبت الأديبة والإعلامية السورية نهلة السوسو:
"لؤي عبد الإله أمضى ثلاثين عاما يكتب هذه المقالات، متأملاً ومتذوقاً ومحاكماً وشاهداً، لنكون معه بين دنان طافحة بنبيذ معتق، يدهشنا أنه كان عنباً في كرومنا، فإذا بنا نراه يشعشع تحت أبصارنا في كؤوس كريستال، نحن الذين عرفنا ثقافة إنسانية فيها محي الدين بن عربي ومحمد مهدي الجواهري وفرويد وتولستوي ودستويفسكي وبيتهوفن وفان كوخ وإيتالو كالفينو وميلان كونديرا، لكننا سنراهم في سياق مختلف، تحت عين بصيرة كاشفة، في نسيج أخّاذ، قد يبدو حكائياً روائياً، لكنه في الواقع تقييم نقدي رفيع للأدب المعاصر والتاريخ والتراث والاستعمار، والطغاة أمثال نابليون وجنكيز خان وصدام حسين وفرنسا في الجزائر."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف