أعمالاً "تخريبية" ذات "مردود عكسي"
تنديد واسع في أوساط الفن بهجمات ناشطي المناخ على لوحات كبار الفنانين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: تكاثرت في الأسابيع الأخيرة هجمات الناشطين البيئيين على لوحات لكبار الرسامين في أوروبا... لكن هذه الخطوات التي يقول منفّذوها إنهم يسعون من خلالها إلى التوعية بالأزمة المناخية، تثير انتقادات من جهات كثيرة من عالم الفن حول العالم، ترى فيها أعمالاً "تخريبية" ذات "مردود عكسي".
وفيما التزمت الصمت أكثرية المتاحف الفرنسية والبريطانية التي اتصلت بها وكالة فرانس برس، بينها اللوفر وناشونال غاليري وتايت في لندن، دعا البعض إلى تعزيز تدابير الحماية من هذه الهجمات، مع التشديد على ضرورة "عدم الاستسلام للهلع".
وقال متحف موريتشويس في لاهاي حيث تعرضت لوحة "الفتاة ذات القرط اللؤلؤي" ليوهانس فيرمير، لهجوم الخميس على يد ناشطين من مجموعة "أوقفوا النفط"، إن "الفن لا يمكنه الدفاع عن النفس".
وقد ألصق الناشطون أيديهم على جدار حماية اللوحة قبل سكب ما يشبه صلصة الطماطم عليها، ما ألحق أضراراً طفيفة بإطار اللوحة، وفق المتحف.
تدابير ضد الأعمال التخريبية
وقال الرئيس الفخري لمركز بومبيدو في باريس برنار بليستان رداً على سؤال لوكالة فرانس برس إن "جميع المسؤولين في المتاحف يتخذون منذ وقت طويل تدابير ضد الأعمال التخريبية. هل يجب تعزيزها؟ بالتأكيد".
وأضاف "قبل الوصول إلى هناك، يجب بلوغ مستوى من الوعي بأن هذا الأمر محبط ولا يقود إلى أي مكان".
واعتبر مدير متحف باربيريني في مدينة بوستدام الألمانية أورتريد فيستهايدر أن هذه الهجمات أظهرت أن "المعايير الدولية المرتفعة لحماية الأعمال الفنية لم تعد كافية"، وذلك بعد هجوم استهدف الموقع الأحد.
وكان ناشطان بيئيان من حركة "لاست جينيريشن" ("الجيل الأخير")، رميا كميات من البطاطا المهروسة على جدار الحماية الخاص بلوحة "الرحى" للرسام الفرنسي كلود مونيه.
وبعد هذه الخطوة، أخذ الناشطان الوضعية عينها لزميلين لهما رميا حساء الطماطم في 14 تشرين الأول/أكتوبر الحالي على إحدى لوحات سلسلة "دوار الشمس" لفان غوخ في متحف ناشونال غاليري في لندن، وهو عمل محمي أيضاً بجدار عازل.
تعزيز تدابير الحماية
ورأى الخبير الأمني في جمعية المتاحف الألمانية ومؤسسة هاسو بلاتنر ريميغيش بلات أن سلسلة الهجمات هذه تعكس "بوضوح تصعيداً" في حركة الناشطين المناخيين.
وأوضح لوكالة فرانس برس أن "كل المتاحف بات عليها التفكير في تعزيز تدابير الحماية"، بما يشمل "منع الأكياس والسترات، كما قد يشمل إجراء عمليات تفتيش".
وأضاف "نفهم جزئياً قضية" الناشطين لكن "لا يمكننا التسامح بتاتاً مع التخريب". وأشار إلى أن "عدم تعرض أي من اللوحات لأضرار حتى الساعة مسألة حظ. سيحصل ذلك عاجلاً أم آجلاً".
وفي مدريد، أعلن متحف الملكة صوفيا حيث وحدها الأعمال "الأكثر ضعفاً تحظى بحماية خلف زجاج مصفح"، ومتحف برادو لصحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية أنهما في حال "استنفار".
وأوضح المسؤول في متحف ويتني في نيويورك آدم واينبرغ في تصريحات أدلى بها خلال طاولة مستديرة أقيمت الأربعاء في قطر وأوردتها مجلة "ايه ار تي نيوز" المتخصصة، أن الناشطين "يقومون بخطوات استعراضية لجذب الانتباه، لكن هل يغيّر ذلك شيئاً؟".
كذلك أبدى تريسترام هانت من متحف "فيكتوريا أند ألبرت ميوزيم" خلال الحدث عينه الذي استضافته قطر بمبادرة من "Qatar Creatives"، قلقه من "اللغة العدمية" التي تحيط بهذه الأفعال، "للإيحاء بأن الفن لا مكان له في وقت الأزمات".
الأمر مريع وعبثي
واعتبرت وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد الملك في تصريحات لصحيفة "لو باريزيان" الفرنسية أن "هذا الأمر مريع! كيف يمكن لمنطق الدفاع عن المناخ أن يقود إلى تدمير عمل فني؟ هذا عبثي تماما".
وأشارت إلى أن فرنسا "ليست بمنأى عن مهاجمة ناشط ما فاقد للمنطق للوحة" غير محمية، داعية "كل المتاحف الوطنية إلى زيادة الحذر".
وفي نهاية أيار/مايو، تعرضت لوحة الموناليزا الشهيرة الموضوعة منذ 2005 خلف زجاج مصفح، لهجوم رمى خلاله شخص ادعى أنه مُقعد كعكة على الزجاج العازل للوحة، عازياً خطوته إلى رغبته في الدفاع عن "الكوكب"، قبل وضعه في مصحة للأمراض النفسية.
ورأى مدير ومؤسس مجلة "لا تريبون دو لار" الفنية الإلكترونية ديدييه ريكنر أن هذه الأعمال لها "مردود عكسي"، لافتا إلى أن المنفّذين "سيعيدون الكرّة كلما أعطيناهم تغطية أوسع".
وأكد في المقابل أن "تهميش هذه الأعمال سيُفقدها قوتها بلا شك".