ثقافات

ما زال الكتاب صديقي الذي لا يغادرني

الكاتب جواد غلوم
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

كثيراً ما نشعر بالوحدة والانزواء عن العالم المحيط بنا فلم نجد سوى الكتاب صديقا مؤنسا لطيف المعشر؛ نافعا مغذيا عقولنا، لا يضجر ولا يمتعض اذا نحونا وبعدنا عنه جانبا ولا يغضب اذا اختلفنا عن وجهة نظره؛ نتحسسه وديعا في كل الحالات فهو المكان الوحيد الذي تشعر معه بحميمية طاغية مع اننا كنّا غريبين عن بعضنا ولم نلتقِ قبلاً.

سنشعر اننا لسنا وحدنا حين تقبض على دفّتي الكتاب، أليس الكتاب نورا مرشدا يضيء لنا الدرب نحو الحضارة كما قال الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت.

وهنا لابد من انتخاب الكتب التي نعزم على قراءتها، فالقراءة العشوائية قد تكون وبالاً وداءً عضالاً مؤذيا للعقل يتوه بك في متاهات لانهاية لها ويوقعك في مطبّات من الصعب الخروج منها.

ومثلما يحتاج الجسد الى غذاء ورواء فان العقل يحتاج الى ما يشبعه من معارف لتغذيته ولا ننسى ما قاله المسرحي برتولد بريخت مخاطبا صديقه العازف عن القراءة:

"أيها الجائع للمعرفة تناول كتابا فالكتاب وليمة العقل"

ويقول الروائي التشيكي ميلان كونديرا:

"في مقابل عالم التفاهة الطاغي بيننا، نحن لا نملك الا سلاحا واحدا ، ألا وهو الكتاب"

ويقول الرسام الهولندي فان كوخ: " في كثير من الأحيان تسعدني كثيرا زياراتي المتكررة الى المكتبة وتذكرني بانه مازال هناك أشياء جميلة ومبهرة بهذا العالم"

وتساءل ألان دوربوتون (الفيلسوف البريطاني): أفضل أنواع الكتب ذلك الكتاب الذي يتركك تتساءل: كيف عرف المؤلفُ ذلك عني!

عندما نستشعر الوحدة والعزلة لا نجد تسليةً وعزاءً أفضل من الكتاب مواساةً لنا، ثمّ إنّه لا يؤذي القلب أبدا .
جدّنا الشاعر المعلّى ابو الطيب المتنبي أنشد مفاخراً:

أعزّ مكان في الدنا سرجُ سابحٍ ----- وخير جليسٍ في الزمان كتابُ.

كل هذا لان الكتاب يبقى يانع الفكر لا يعبأ بالزمن تقادمَ أم استحدث كما نوّه شاعرنا المعلّى ابو الطيب.

قرأت مؤخرا دراسةً حديثة تؤكد ان القراءة للتسلية في الطفولة تعدّ احد أهم اسباب النجاح في الحياة العملية ولها تأثير كبير في الصحة النفسية. وتعويد الطفل على القراءة اليومية للكتاب أشبه بزراعة ورعاية نخلة تجني ثمارها بعد حين.

ومن طريف الكلام عن الكتب ان احد المفكرين الكبار قال أمام حشدٍ كبير من الكتّاب الشباب:

ينبغي أن يكون لدى الكاتب على رفّ مكتبته عدد قليل من الكتب، لا يزيد عن خمسة عشر كتاباً"

وقتها صرخ الكتّاب الشباب في صوت واحد متسائلين: أيّ كتب ننتقي؟

فأجاب ضاحكاً:

أوه ! من أجل هذا ينبغي قراءة آلاف الكتب حتى نختار الكتب الخمسة عشر .

أليست الكتب وكل أشكال الكتابة الصادقة والشريفة والشجاعة ترعب أولئك الذين يرغبون بقمع الحقيقة؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف