يمثل هوية المملكة الفريدة
ورد الطائف يُزهر في قائمة التراث العالمي لليونسكو والحناء تلونها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلن الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة ورئيس مجلس إدارة هيئة التراث، عن نجاح السعودية في تسجيل "الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي" في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة اليونيسكو. وبالتزامن، كشفت اليونيسكو عن تسجيل عنصر "الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية" كتراث مشترك بين 16 دولة عربية، بما في ذلك السعودية.
إيلاف من جدة: نجحت المملكة العربية السعودية في تسجيل "الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي" ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فيما سجلت "الحناء" ضمن قوائم التراث الثقافي غير المادي.
جاء الإعلان خلال فعاليات الدورة التاسعة عشرة للجنة صون التراث غير المادي المنعقدة في أسونسيون، عاصمة باراغواي. لم يكن عبور وردة الطائف إلى العالمية محض صدفة، بل نتيجة لجهود متواصلة للحفاظ على هذا الإرث الثقافي وتطويره، حيث أكد الأمير بدر بن عبد الله على الدعم المستمر من الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان للقطاع الثقافي، مشيرًا إلى أن هذا التسجيل يعكس الجهود المكثفة للحفاظ على التراث الثقافي وضمان استدامته.
وتعاون في الملف التراثي "الحناء: الطقوس، الممارسات الجمالية والاجتماعية" كل من مصر، الإمارات، العراق، السودان، السعودية، الأردن، الكويت، فلسطين، تونس، الجزائر، البحرين، المغرب، موريتانيا، سلطنة عمان، اليمن، قطر.
تراث ينمو بين الجبال
في أعالي جبال الهدا والشفا، وتحديداً في وديان الطائف الخلابة، تزدهر وردة الطائف التي تعدّ واحدة من أشهر أنواع الورود عالميًا. تمتاز الوردة بعطرها الفريد وتركيزها العالي، ما جعلها مادة أساسية في أفخر العطور والزيوت.
الورد الطائفي ليس مجرد نبات عطر، بل إرث ثقافي حيّ. منذ مئات السنين، ارتبطت الوردة بحياة سكان الطائف، حيث أصبحت زراعتها جزءًا من الروتين الزراعي والاجتماعي في المنطقة. يتجمع أفراد العائلة والمجتمع كل صباح خلال موسم الحصاد للمشاركة في قطف الورود، في تقليد يعزز التواصل الاجتماعي ويكرس روح التعاون.
من الحقل إلى التقطير
عملية زراعة الورد تعكس ارتباط سكان الطائف بالطبيعة. تبدأ العناية بالورد منذ زراعته في الشتاء، حيث تتطلب الوردة تربة خصبة ومناخًا معتدلاً. وفي بداية فصل الربيع، عندما تُزهِر الورود، تبدأ عملية القطف في ساعات الفجر الأولى لضمان الحصول على بتلات طازجة.
بعد القطف، تُنقل الورود إلى معامل التقطير حيث تُحوّل إلى ماء ورد ودهن الورد. تُستخدم قدور نحاسية خاصة في عملية التقطير، التي تُعتبر تقنية تقليدية تضمن استخلاص أعلى جودة من الزيوت العطرية.
ويتطلب إنتاج لتر واحد من دهن الورد حوالي 12,000 وردة، مما يبرر مكانته كأغلى منتج عطري عالمي.
موروث ثقافي واجتماعي
لم يكن الورد الطائفي مجرد منتج اقتصادي، بل جزءًا من الموروث الثقافي والاجتماعي للطائف. يُستخدم ماء الورد لتعطير المنازل والمجالس، ويُعدّ تقديمه في المناسبات الاجتماعية رمزًا للكرم والضيافة. كما يُستخدم ماء ورد الطائف في غسل الكعبة المشرفة، في تقليد يعكس رمزية هذه الوردة ودلالتها الروحية.
إضافة إلى ذلك، يُقام مهرجان الورد الطائفي السنوي، وهو احتفال شعبي يجمع بين السكان والزوار للاحتفاء بالورد ومنتجاته. يُتيح المهرجان فرصة للزوار للتعرف على تاريخ الوردة ومراحل إنتاجها، إلى جانب فعاليات ثقافية تعكس الفخر بالهوية المحلية.
تعود زراعة الورد الطائفي إلى أكثر من 150 عامًا، حيث بدأت بزراعة محدودة لتلبية الاحتياجات المحلية. مع مرور الوقت، تطورت هذه الزراعة لتصبح صناعة متكاملة تُسهم في الاقتصاد المحلي.
اليوم، تحتوي محافظة الطائف على أكثر من 910 مزرعة تُنتج سنويًا حوالى 550 مليون وردة. يتم تصنيع هذه الورود في حوالي 70 مصنعًا ومعملًا، وتُحول إلى أكثر من 80 منتجًا تشمل ماء الورد ودهن الورد وماء العروس.
تُقدر الاستثمارات في صناعة الورد الطائفي بأكثر من 64 مليون ريال سعودي سنويًا، حيث أصبحت منتجاته من السلع الفاخرة التي تُصدر إلى الأسواق العالمية.
إدراج الممارسات الثقافية المرتبطة بالورد الطائفي على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي يُعد تتويجًا للجهود السعودية في الحفاظ على هذا الإرث. أشادت لجنة صون التراث غير المادي في اليونسكو بكون الورد الطائفي مثالًا حيًا على التقاليد المتوارثة التي تربط المجتمعات ببيئتها الطبيعية.