في اليمن .. العيد عيد العافية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في اليمن .. العيد عيد العافية
محمد الخامري من صنعاء
بدأ الموسم الحقيقي هنا في اليمن لاستخدام هذا المثل الشعبي اليمني الذي يتداوله الناس كلما التقوا في الأسواق المشتعلة بالأسعار أو المجالس الخاصة التي ليس لها من حديث إلا غلاء مستلزمات العيد وملابس الأطفال والنساء فضلا عن توفير جعالة وعسب العيد اللازمة عرفاً وتقليداً هنا في اليمن ، لكنهم ومع ذلك يجدون ضعفا كبيراً في إقناع أطفالهم به لأنهم لا يفهمون إلا تباشير العيد وفرحته وبهجته متجاهلين ما يعانيه الأب من فقر مدقع وضيق ذات اليد لا لشئ إلا لأنهم صغار في الأعمار والأحلام.
وحول "تباشير العيد ولا وصوله" وهو مثل يمني متداول كثيراً في البيئة اليمنية وخصوصاً الريفية منها حيث تبدأ منذ النصف الثاني لشهر رمضان المبارك استقبال الناس للعيد وخصوصا الأطفال الذين يعدون له الأيام والساعات ، حيث سيلبسون الجديد ويخرجون إلى المصلى وسيجدون العسب (إكرامية العيد من الآباء والأقارب والجيران) ثم يفرحون بخلو الشوارع من الازدحام والضوضاء والسيارات ويبتهجون بإطلاق المفرقعات النارية والألعاب الكثيرة التي انتشرت كالنار في الهشيم في جميع المحلات والأسواق اليمنية، وكذلك الكبار الذين يتبادلون التهاني عبر الهواتف ورسائل الموبايل تمشيا مع العصر، ولكن ذلك كله يزول مع زوال أول يوم من أيام العيد حيث تنتهي الفرحة الغامرة التي كانت تسيطر على الصغار والكبار ويبدأ الخمول والكسل والحسابات للدوام الجديد والمدارس، لذلك كان الأولى بالاحتفال (أيام التباشير) وليس العيد ذاته.
الشراء بالعيون بدلا من النقود
هذه الأيام الشوارع مزدحمة ومكتظة بالسيارات والعالم تزدحم في شوارع وأزقة صنعاء التجارية القديمة منذ الصباح الباكر إلى قبيل مدفع الإفطار ، ثم يبدأ الشوط الثاني بعد العشاء ليستمر البازار إلى قبيل صلاة الفجر، الناس تشتري وتبايع وتستغرب وتستعجب من الغلاء الذي ضرب الأسواق وتشتد ازمته عاما بعد عام.
يقول محمد علي وهو موظف بوزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية والعمل أن الأسعار "تشتحط" أي ترتفع والبضاعة تقل جودتها ولا يعرف الرجل ماذا يشتري لان البضاعة معدومة تماماً من السوق والغلاء يقصف الظهر وأصبح الفقير يشتري بعيونه بدلاً من نقوده التي لا تكفي مصاريف رمضان فضلا عن كسوة العيد.
نار يا حبيبي نار
وجدنا الدكتور احمد عبد الرزاق عسكر وهو مصري الجنسية ويتاهب لقضاء عطلة العيد بين أهله وأولاده في القاهرة فأحب ان ياخذ معه كسوة العيد ومستلزماته من صنعاء .. وجدناه في احد الشوارع التجارية وهو يغني بصوت مسموع "نار ياحبيبي نار" .. سألناه عن سر سعادته فاجبنا ببيت من الشعر "لا تحسبن ضحكي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم" وتابع انتم ازاي عايشين هنا .. الأسعار لاتطاق والغلاء "بيئطم الوسط" وأنا "يابختي" وعدت العيال اجيبلهم ملابس العيد من هنا .. يضحك ثم يسترسل الدكتور الذي يعمل مستشارا مالياً أن الاقتصاد اليمني غير مفهوم والغلاء غير مبرر هذه الأيام لان البضاعة مختزنه من وقت مبكر ، إضافة الى ان اغلب المعروض في رمضان ليس جديدا وإنما هو من البضاعة التي لاتباع في الايام العدية فيتم تصريفها في رمضان وبأسعار خيالية.
كارثة المدين
عبدالله العنتري يقول انه كسا اثنين من عياله بـ12 ألف ريال وانه إلى اليوم لم يشتر شئ لا له ولا لزوجته ولا لبناته الثلاث ، مشيرا إلى ان هناك من وعده بان يسلفه 20 الف ريال وانه يخاف الا يفي صاحبه بوعده لانها ستصبح كارثة .. يضحك ثم يقول شر البلية مايضحك لكن ماعد بش فرحه للعيد، وزيما قالوا زمان العيد عيد العافية.