واردات ايرانية ذات نوعية رديئة لافغانستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واردات ايرانية ذات نوعية رديئة لافغانستان
علي محمد مطر من اسلام اباد
هيرات المدينة الافغانية الاقرب للحدود الايرانية بالاجزاء الغربية من افغانستان وهي مدينة عريقة لا يزال يغلب على مبانيها طابع العصور القديمة واسواقها متواضعة وتركز على البضائع التقليدية الافغانية والتي يعلو قائمتها ويأتي في مقدمتها السجاد الذي يشتهر به الافغان وربما كان ذلك بداعي العدوى التي اصابتهم من جوارهم للايرانيين الذين ابدع اسلافهم وهم أيضا في صناعة هذه السلعة التي تعتبر في اغلب الاحيان تحفة فنية يتسابق لاقتنائها الكثيرون ويظهرون في تفحصها خبرة قد لا تكون حقيقية في اغلب الاحوال.
هيرات ظلت عبر العصور معقلا يجتذب التجار ورابطا بين الاقاليم المختلفة التي تتماوج في تنقلها من منطقة اسيوية لاخرى باتجاه المياه الدافئة والاسواق الاقرب لاوروبا ولهذا فان اماكن السكن اليومي التقليدية منتشرة بها وبجوار بواباتها تجد "سطلا" ذهبي اللون - ربما لا يكون ذهبيا اذا كان قديما - ويعلوه غطاء له عمود مدبب فوقه وله باسفله حنفية تتبارى اباريق شاي صغيرة في الاقتراب منها لملئ نفسها بالشاي الافغاني الاخضر ولتعتلي بعد ذلك صينية بها فناجين فارغة وبجوراها وعاء صغير به حلوى مسكرة يلوكها الافغاني في فمه وهو يشرع في شرب الشاي ولا يكترث بها ابتداء من الفنجان الثاني الذي يتواصل ليصل الى خمسة او ستة فناجين او بما يتكافئ مع ما بجيبه من نقود. اطفال الافغان هم الاخرون لا يعبئون بتنظيف المساحة المتسخة دوما حول افواههم وهم يسابقون الكبار في احتساء الشاي ... فنجانا تلو اخرى وكلها تسبقها قطعة الحلوى الصغيرة المسكرة والتي لها شكل بيضاوي على سطحه نتوءات تحيطها من خارجها ولها مذاق يتشربه النسيج المكون لداخل الفم ويظل يعبقه لحين انتهاء اخر فنجان في سلسة الفناجين التي يلاحقها الافغان.
لو لم يعمد الروس لاحتلال افغانستان في اواخر سبعينات القرن الماضي لبقيت افغانستان بسيطة وجميلة وظلت عادات الافغان قائمة على تماسك مجتمعهم وظلت تجارتهم تمر من موانئ الدول الاخرى سليمة وبنوعيات مرتفعة ولكانت هدفا للسياح ولكن الروس يقومون دائما بالفعل الصحيح بعد ان يجربوا كافة الاحتمالات المتوفرة امامهم .
منذ عهد الشاه رضا بهلوي ظلت ايران راغبة في مد نفوذها الى افغانستان وهذا النفوذ يتركز على امرين رئيسيين هما السياسة والاقتصاد ولهذا فان طريق كابول - قندهار - هيرات الواصل الى الحدود الايرانية قد ظل يحمل قوافل الايرانيين الى مدن افغانستان وخصوصا هيرات. فكانت المدينة ولا تزال مركزا منتعشا للواردات الايرانية. ما مرت به افغانستان من ويلات في الاعوام الخمس الماضية ادى الى تقليل اهتمام الاجهزة الحكومية بفرض اي قدر ولو ضئيل من الرقابة على نوعية وجودة البضائع الواردة لمدن افغانستان. الواردات الايرانية هي التي تؤدي الى اصابات صحية خطيرة بالمستهلك الافغاني وذلك لادراك مصدريها الايرانيين بان الادارات الافغانية المعنية لا تهتم بالجودة وترغب فقط في سد النقص كيفما اتفق.
المسؤولون الصحيون الافغان يدركون بل هم يجزمون بان هناك الكثير من مظاهر الخلل ونقص الجودة في صادرات ايران من الشيكولاتة والشاي والسكر والبسكويت والتي تؤدي الى حالات التسمم الغذائي وخصوصا لدى الاطفال. مستشفى هيرات شهد 15 حالة تسمم غذائي لدى اطفال هيرات في الشهر الماضي بسبب البسكويت و"الجبس" الايراني.
وتقول محبوبة التي عمرها 35 سنة ان طفليها كادا ان يموتا بعد ان اكلا البسكويت المستورد من ايران وانهما امضيا اسبوعين بالمستشفى بعد ان اكلاه وتلقيا علاجا ضد التسمم الغذائي. كلا من المصدرين الايرانيين والمستوردين الافغان يبحثون عن الربح فقط ولا يهم ما تؤول اليه اوضاع المستهلكين الذين لا يعرفون كيف يميزون بين ما هو جيد النوعية او رديئها. وفي غياب الامن لا يوجد من يفكر بالاهتمام بمثل هكذا قضية. بل ان مسؤولي الصحة لا يقومون بعد اكتشافهم لهذه الحالات بملاحقة المسؤولين عن استيرادها ولا حتى بجمعها من الاسواق لكي لا يكون هناك ضحايا اخرين. كما انه لا توجد بافغانستان مختبرات لفحص المواد الغذائية المستوردة او المصنعة محليا - ان كان هناك من يصنع شيئا بافغانستان.
وبعيدا عن المواد الغذائية، فان استيراد الدواء من ايران يشكل هو الاخر مشكلة ذات ابعاد خطيرة للمستهلك الافغاني. معظم الادوية تكون ذات صلاحية منتهية ومكونات ذات جودة منخفضة بل ان الادوية المحرم استخدامها تجد طريقها الى الافغان بسبب انعدام الرقابة. هذه الادوية سببت امراضا لسكان هيرات وعاهات كذلك في بعض الحالات وفي بعضها الاخر حالات وفاة لم يتمكن الاطباء من تحديد اسبابها سوى تناول ادوية غير صالحة. موظفي جمارك هيرات قاموا بمصادرة الكثير من الادوية المنتهية صلاحيتها والمستوردة من ايران ولكن هناك اطنانا اخرى لم يفلح ضباط الجمارك في الكشف عنها وشقت طريقها للسوق الافغانية.
ويصادر هؤلاء الضباط حاويات كبيرة مليئة بالمرطبات الايرانية التي تحوم حولها شكوك بشان جودتها ولما تسببه من اضرار صحية لمن يفضلها على المرطبات المصنعة محليا في هيرات بسبب رخص ثمنها.