اقتصاد

دبي: مؤتمر يعالج موضوع القيادة في السياسة والأعمال

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: شروط ومعايير القيادة الناجحة أمور ما تزال منذ أمد بعيد تشغل بال العاملين في قطاعات الأعمال والمؤسسات الحكومية، فضلا عن المتابعين لهذا الموضوع رصدا ودراسة وتحليلا وبحثا. وإذا ما كان المهتمون قد درجوا في الماضي على التركيز على محاولة تبين ما إذا كانت القيادة موهبة فطرية أم ملكة مكتسبة، فإن "منتدى القيادات التنفيذية الناجحة" الذي انعقد في دبي الثلاثاء، قد تجاوز هذا الأمر بحيث حاول سبر أغوار نقاط الإفتراق والإشتراك بين الممارسة القيادية في مجال الأعمال وفي حقل السياسة العامة. مقارنات ومفاضلات وقد أقيم المنتدى، الذي استمرت أعماله طوال الاربعاء، بحضور نخبة من كبار القيادات التنفيذية ومدراء الأعمال المحلية والإقليمية والدولية، وفي مقدمتهم يوشكا فيشر، نائب المستشار ووزير الخارجية الألماني السابق. ومع أن أعمال المنتدى شملت محاضرات ومداولات تناولت الشروط التي ينبغي توفرها في القيادة التنفيذية الناجحة، فيبدو وكأن أوجه الإختلاف بين المدراء التنفيذيين في المؤسسات الحكومية والخاصة قد سبقت المشاركين إلى المنتدى. فالنقاشات التي دارت فيه ركزت على التباين والتفاوت في نقاط التركيز بين المدراء التنفيذيين في كل من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة على حد سواء، ومدى اختلاف أنماط التفكير السائدة في صفوفهم، وآليات اتخاذ القرار لديهم. ويؤكد أحمد المطروشي، العضو المنتدب في شركة "إعمار دبي"، أن نفس الشروط والمؤهلات التي ينبغي توفرها في المدراء في القطاع الحكومي ينبغي أيضا توفرها للتنفيذيين في قطاع الأعمال. ويستشهد المطروشي بدبي كمثال على هذه المساحة المشتركة، فيقول: "عندما تسألني ما هو الفرق بين الرئيس التنفيذي في دبي في القطاع الخاص وفي القطاع الحكومي، الجواب هو أنه لا فرق". ويوضح قائلا: "لأنه في الحقيقة صار الأداء في القطاع الحكومي مرتفعا بشكل يوازي أو يواكب التطورات الحادثة في القطاع الخاص".

ويردف قائلا: "كل المعايير المطلوبة من الرئيس التنفيذي في الحكومة هي نفسها الموجودة في القطاع الخاص. هناك رؤية واضحة، هناك خطط تفصيلية، هناك خطط تنفيذية، هناك موارد مطلوبة، وفي النتيجة هناك مؤشرات أداء". الدبلوماسية والسياسة

إلا أن المطروشي يستدرك مشيرا إلى أهمية دور الدبلوماسية في مسرح الحياة السياسية. ويقول: "لكن يفترض بأن الرئيس التنفيذي في الجهاز الحكومي تكون عنده معرفة أكثر بالدبلوماسية؛ يكون شخصا دبلوماسيا أكثر، لأنه يتعامل مع الجمهور، مع شريحة أكبر من الجمهور، لها علاقة بالحكومة".

ويمضي إلى القول إنه على الرغم من أن الدبلوماسية قد تكون مطلوبة أحيانا من القيادات التنفيذية في القطاع الخاص أيضا، "ولكن في الحكومة أعتقد أنه ينبغي للقائد التنفيذي أن يكون منتبها أكثر للنواحي الدبلوماسية". هذا التأكيد على دور الدبلوماسية في العمل الحكومي في مقابل العمل التنفيذي في قطاع الأعمال أشار إليه أيضا وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر. ويؤكد فيشر على أهمية العنصر الدبلوماسي للحد من خروج المنافسة في حيز الفعل والممارسة السياسية عن حدود الضبط والسيطرة. ويقول إن "المنافسة في السياسة الدولية تميل دائما إلى أن تكون محفوفة بقدر كبير من المجازفة والمخاطر. ولكن في واقع الأعمال والحياة اليومية للشركات تعتبر المنافسة جوهر عالم الأعمال، وبالتالي فإن هناك فرقا كبيرا".

ويستدرك قائلا: "ولكنني أعتقد أن الدبلوماسية لديها من وجهة نظر عملية الكثير مما تقدمه". ويرى فيشر أن العولمة "تقودنا إلى وضع يتعين علينا فيه أن ندير أمور العالم الواحد وأن لا نتنافس عليه".

ويحذر وزير الخارجية الألماني السابق "بأننا سنشهد، في اقتصادنا المُعَولَم، الذي يعيش في كنفه 7 أو 8 مليارات نسمة، حروبا على الموارد، أو على التوصل إلى الأسواق أو أي شيء من هذا القبيل". ويشدد على أنه "ليس هنالك من فائزين في مثل هذه الحالات".

بين الرجل والمرأة

ثمة مقارنات أخرى عقدت أيضا بين أداء الرجل وأداء المرأة في المواقع التنفيذية وأروقة السلطة والقرار، حيث أكد بعض المتحدثين على تمتع المرأة بمهارات قيادية لا تتوفر للرجل. عن بعض هذه المهارات تحدثت ناديا مبارك، مديرة قسم المعلوماتية في دائرة التخطيط والاقتصاد في أبو ظبي، لبي بي سي قائلة: "المرأة صبورة أكثر، وقادرة على التحمل أكثر، ونظامية أكثر، وقادرة على التواصل أكثر مع الموظفين". وتؤكد بأن هذه الأمور "موجودة عند المرأة أكثر مما هي عند الرجل". وتلفت نادية إلى ما قطعته المرأة الإماراتية من أشواط في مجال تقلد مناصب قيادية قائلة: "يمكن في السابق المرأة لم تكن قيادية، كانت دائما تأخذ وظائف عادية أكثر مما هي قيادية، لكنها في هذه الأيام وصلت إلى أن تصبح وزيرة". وتشير إلى أن "هذا التحسن في وجود المرأة في موقع القرار التنفيذي جعلها في الوقت الحاضر تتخذ قرارات أكثر من قبل، يعني تتشجع أنها تتخذ قرارا".

عقبات ومخاوف

غير أن ناديا تعرب عن اعتقادها بأن المرأة يمكن أن تكون "عاطفية بعض الشي"، وهو ما يجعل "الجنس الآخر يتخوف من هذا الشيء، من أنها تتخذ قرارات متسرعة". وتشكو ناديا من استمرار وجود عقبات تفرض قيودا على ممارسة المرأة الإماراتية لأدوار قيادية تنفيذية. وتقول: "هناك كثير من العقليات التي لا تتقبل المرأة. وبالتالي هذه تعتبر عقبة. لأن هنالك أناسا ما تزال العقلية القديمة مؤثرة عليهم فيما يتعلق بتقبلهم للمرأة". وتتابع قائلة: "إجتماعيا تحد التقاليد والعادات في بعض الاحيان من قيام المرأة بأدوار أوسع، وهي أدوار تساعدها على التوسع في نطاق العمل". وتوضح: "مثلا قيامها بدورها خارج البلد وما إلى ذلك. وهذه أمور تؤثر نوعا ما على المرأة أكثر مما تؤثر على الرجل. المرأة عندما تسافر يجب ان يكون معها محرم. أما الرجل فإنطلاقه بحرية أمر يساعده أكثر". وهذا الإغراق في تناول أوجه المقابلة والاختلاف الذي ساد في المنتدى يطرح للوهلة الأولى وبإلحاح سؤالا عما إذا كان التفاوت يرتكز إلى ثنائيات تقوم على التضاد والقطيعة ليس إلا. ولكن سرعان ما يتبدد السؤال عند ملاحظة أنه في غمرة الكلام الكثير الذي قيل عن الاختلاف والتباين فلقد حرص المشاركون في المنتدى على تلمس السبل والوسائل التي تمكن التنفيذيين في شتى القطاعات من العمل معا بحيث تكون القطاعات رديفا لبعضها البعض في مسيرة بلادهم نحو النمو الاقتصادي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف