موانئ دبي لن تبيع صفقة المرافئ الأميركية بخسارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
موانئ دبي لن تبيع صفقة المرافئ الأميركية بخسارة
دبي
كشفت مؤسسة "موانئ دبي العالمية" أن مصارف دولية عرضت قروضاً قيمتها خمسة أضعاف المبلغ المطلوب لتغطية صفقة شراء المؤسسة "بي أند أو"، التي تبلغ قيمتها 6.85 بليون دولار، على رغم الزوبعة السياسية التي أثارها أعضاء في الكونغرس الأميركي ضد تملّك المؤسسة حق إدارة ستة موانئ في الولايات المتحدة.لكن مسؤولين كباراً في المؤسسة أكدوا في أحاديث خاصة لـ "الحياة"، أنهم لن يرضخوا للضغوط السياسية للدخول في صفقة خاسرة لبيع الجزء الأميركي من الصفقة، مشيرين إلى أن قيمة هذا الجزء، الذي يمثل نحو 10 في المئة من الصفقة، لا تقل عن 750 مليون دولار وأن المؤسسة لن تقبل بالبيع بأقل من هذا المبلغ أو الحصول على تعويض مناسب.
وقال المدير التنفيذي لـ "موانئ دبي العالمية" محمد شرف: "فيما قام بعض الأعضاء في الكونغرس بحجب الثقة عنا لأسباب انتخابية، صوّت القطاع المصرفي العالمي لمصلحتنا، وذلك على شكل تدفقات مالية كبيرة بلغت نحو خمسة أضعاف المبلغ المطلوب". وأضاف: "يثبت هذا أن عالم المال والأعمال لديه ثقة كاملة في قدرة دبي الإدارية ونجاحها في جذب الاستثمارات والأموال من مختلف أنحاء العالم".
وطمأن المسؤولون في المؤسسة آلاف العاملين من جميع الجنسيات في 29 ميناء حول العالم متعاقدة مع "بي أند أو" أنهم لن يستغنوا عن أي منهم. وقال الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للموانئ والجمارك سلطان بن سليم في حديث شارك فيه شرف: "لن نستغني عن أي من الموظفين. وتاريخ المؤسسة يشهد لها أنها لم تستغن يوماً عن الموظفين في موانئ اشترتها أو تسلمت إدارتها"، علماً ان عدد موظفي "موانئ دبي" حول العالم يتجاوز 33 ألف موظف.
وأضاف بن سليم: "تمثّل خبرتنا وتجربتنا وسمعتنا وعلاقاتنا الجيدة مع زبائننا سبب نجاحنا. صحيح ان المؤسسة انطلقت من دبي، لكنها أصبحت عالمية. ففي الهند نحن هنود وفي كوريا كوريون وفي دبي مواطنون. لدينا موظفون من جميع الجنسيات". وروى بعضاً من تفاصيل التجربة التي خاضها وفريقه في أروقة الكونغرس قائلاً، "كنا نعلم مسبقاً ان الاستثمار في البنية التحتية في أميركا يحتاج إلى موافقة الحكومة الأميركية. قمنا بالتحضير لها وتفاوضنا مع الحكومة هناك، حتى حصلنا على موافقة وزارة التجارة الأميركية. لكننا فوجئنا بالزوبعة وشراسة الحملة التي شنها الكونغرس ضدنا، والتي دخلت في أمور ليس لها علاقة بالموانئ وإنما بالانتخابات الأميركية". واعتبر أن: "لا علاقة لنا في مسائل سياسية وحملات انتخابية وصراع بين حزبين. المسألة برمتها لا علاقة لها بالأمن، فالجميع يعلمون ان حكومة البلد التي توجد فيها الموانئ هي التي تعني بحماية أمنها وليس نحن. نحن معنيون فقط بإدارة الموانئ والحفاظ على أمن وسلامة الحاويات". "وبعد أسابيع من المفاوضات المتواصلة والشد والجذب، وبعد ان بدأ الموضوع يتفاعل"، كما قال، قررت المؤسسة الإماراتية بيع الموانئ الأميركية. فالرئيس الأميركي جورج بوش الذي دعم حصولها على الصفقة تراجعت شعبيته، والكونغرس أصر على رأيه في حرمان "موانئ دبي" من إدارة الموانئ الأميركية.
وقال بن سليم: "قررنا بيع هذه الموانئ حين وجدنا انه ليس هناك ما يشير الى نهاية قريبة للازمة. الأمور السياسية تحتاج إلى وقت، والوقت ليس في مصلحتنا... دفعنا بلايين الدولارات، لا لنتفاوض مع سياسيين، أو نجلس أمام لجان، بل لندير موانئ ونطورها ونحصد أرباحاً"، علماً ان "موانئ دبي" تمتلك 46 ميناء حول العالم، إضافة إلى الموانئ الأميركية الستة. ولكن شرف أكد ان قرار الانسحاب "كان مشروطاً بعدم الخسارة"، مؤكداً "قلنا للحكومة الأميركية إننا سننسحب من ملكية الموانئ، لكن لن نقبل بالخسارة". وإذا خسرنا، يجب ان يعوضوا علينا". فالموانئ الأميركية تشكل 10 في المئة من قيمة الصفقة التي تبلغ 6.85 بليون دولار، وتشمل تملك وإدارة 29 ميناء حاويات في 16 دولة.
لكن بن سليم وشرف يراهنان على عنصر الزمن، للتخلص من هذه الموانئ من دون خسائر، مؤكدان ان ثمنها يتجاوز 750 مليون دولار. وقال بن سليم "سوف نبيعها على راحتنا. نحن غير ملتزمين بفترة زمنية محددة". وتوقعا ان تستغرق عملية البيع بين أربعة وستة شهور "ان لم يكن هناك خسارة"، مشيرين إلى ان "دويتشه بنك" يقوم حالياً بتقويم ثمن الموانئ الأميركية، وانها ستعرض على الشركات في مناقصة قريباً. وأصرا على ان هذه التجربة "لن تؤثر في المؤسسة ولن توقف نموها"
.
وعلى رغم ان الرئيس التنفيذي لسلطة دبي للموانئ والجمارك، أكد ان هذه التجربة لن تثنيه عن الاستثمار في قطاعات أخرى في أميركا، استبعد ان يحاول إدارة موانئ هناك في المستقبل القريب على الأقل. وقال، "بالتأكيد لن نكرر تجربة إدارة موانئ أميركية"، ولكننا قد نستثمر في قطاعات أخرى. نحن نتفاوض حالياً لشراء بناءين هناك، ولدينا استثمارات في مرافئ يخوت". لكنه لم ينكر أن هذه التجربة سوف يكون لها تأثير سلبي في المستثمرين العرب الأفراد. وأضاف: "حتى الأجانب يقولون إنها ستؤثر في الاقتصاد الأميركي، ويتساءلون كيف تكون أميركا قائدة العولمة، وترفض استثمار الآخرين في أراضيها. هذا مغاير لمبادئ حرية التجارة بين الدول التي تنادي بها أميركا".
البدايات ... والتحديات
بنى حاكم إمارة دبي الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم عام 1985 ميناء جبل علي، في أوج الحرب العراقية - الإيرانية، ليثبت المشروع جدواه الاقتصادية على مدى عقدين، ويتحول إلى واحد من أهم الموانئ الصناعية في العالم بعد سنغافورة وهونغ كونغ وشنغهاي. "بات الميناء حالياً يخدم نحو 1.4 بليون شخص من الهند إلى شمال إفريقيا مروراً بباكستان وإيران والشرق الأوسط. واصبح يستقبل آلاف السفن ويناول اكثر من 6 ملايين حاوية نمطية في العام". بحسب ما قاله المدير التنفيذي لـ "موانئ دبي العالمية" وهو يشير من نافذة مكتبه إلى تلال مكدسة من حاويات حديد تمتد كيلومترات في ميناء جبل علي. وأضاف شرف، "في عام 1997 فازت "موانئ دبي" بصفقة إدارة ميناء جدة وتملكت 10 في المئة منه، لتكون بداية انطلاقتها خارج حدود الإمارة. ومنذ ذلك الوقت، بدأت المؤسسة الإماراتية تشتري حقوق إدارة ميناء وراء آخر حول العالم، معتمدة على استراتيجية شراء موانئ قائمة".
وحصلت "موانئ دبي" على صفقة إدارة ميناء جيبوتي عام 2000، ثم ميناء آخر في الهند عام 2001. ولكن يبدو ان طموح حكومة دبي اكبر، حيث اشترت العام الماضي مؤسسة "سي إف إكس" التي تدير موانئ في كل من أوروبا والصين وهونج كونغ وكوريا وألمانيا، بقيمة 1.1 بليون دولار.
وأخيراً، فازت المؤسسة الإماراتية بصفقة "بي أند أو"، ليصبح عدد الموانئ التي تديرها 52 ميناء دولياً ولديها اكثر من 33 ألف موظف من جميع الجنسيات. وأشار شرف الى ان لدى الشركة الآن "موانئ في كل القارات".