اقتصاد

اعتراف بالفشل في منظمة التجارة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اعتراف بالفشل في منظمة التجارة



جنيف


انتهى الاجتماع الذي شهدته جنيف منذ يوم الأحد 23 يوليو، وضم الدول المؤثرة في منظمة التجارة العالمية، المعروفة بـ "مجموعة الستة" (أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا والهند والبرازيل واليابان) إلى إقرار فشل المحاولات الأخيرة لإخراج جولة الدوحة حول تحرير التجارة العالمية من المأزق الذي آلت إليه منذ سنوات.

وإذا كانت الدول الأعضاء الـ 149 في منظمة التجارة العالمية قد عودتنا في الماضي على محاولات الفرصة الأخيرة، فإنها أقرت هذه المرة رسميا تعليق جولة مفاوضات الدوحة الى أجل غير مسمى، وذلك بتصريح المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي "ليس في مقدورنا إنهاء جولة مفاوضات الدوحة مع موفى عام 2006 مثلما كان متوقعا".

ولئن لم يعترف أحد بفشل جولة مفاوضات الدوحة ككل، فإن إمكانية استئناف المحاولات من جديد مستبعدة لسنتين أو أكثر حسب العديد من المراقبين، وهو ما عبر عنه المدير العام للمنظمة بقوله "هذا التوقف سيستغرق الوقت الكافي إلى أن ترى الدول الأعضاء أنها على استعداد لاستئناف المفاوضات".



مثلما كان متوقعا، تبادلت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي التهم بالتسبب في إفشال محاولات إخراج جولة الدوحة من المأزق، وذلك بتعصب كل طرف لمواقفه من ملف الدعم المقدم للمزارعين فيهما.فالأوروبيون يتهمون واشنطن بعدم تقديم أية تنازلات جديدة في ميدان الدعم المقدم للمزارعين الأمريكيين، نظرا لقرب الانتخابات الأمريكية لتجديد الكونغرس في شهر نوفمبر القادم.

بينما اتهمت مفوضة التجارة الأمريكية سوزان شفاب دول الاتحاد الأوروبي برفض فتح أسواقها أمام منتجات الدول النامية، وذلك برفض تخفيض نسبة الرسوم الجمركية. وترى الولايات المتحدة أن الاقتراحات الأوروبية الأخيرة تـُبقي السوق الأوروبية محمية بنسبة ما بين 95% الى 98%.

ومن نتائج هذا التجميد لمفاوضات جولة الدوحة، تخوف البعض من أن كل ما أنجز خلال السنوات الخمس الماضية قد يصبح محط تراجع اليوم، إذا ما تم إقرار فشل جولة الدوحة نهائيا.كما أن هذا التجميد قد يشجع الكثير من الدول على تفضيل الاتفاقات التجارية الثنائية أو الإقليمية، مما قد يضعف الإطار متعدد الأطراف، ويهدد مستقبل منظمة التجارة في حد ذاتها.


على النقيض، استقبلت منظمات المجتمع المدني المناهضة لمنظمة التجارة العالمية، من اتحادات مزارعين وصغار الصيادين والفلاحين بدون أراضي وغيرهم، نبأ تجميد مفاوضات جولة الدوحة بنوع من الارتياح.ويرى المزارع الفرنسي جوزي بوفي، زعيم حركة "فيا كامبيسينا"، التي تضم ملايين المزارعين بأن "فشل جولة مفاوضات الدوحة فرصة يجب استغلالها"، إذ يعتقد بأن "منظمة التجارة العالمية ليست المكان المناسب لمناقشة الملف الزراعي، لأن 10% فقط من منتجات هذا القطاع تسوق تجاريا".

لذلك، يقترح جوزي بوفي ومعه العديد من المنظمات المدنية أن "يتم إخراج الملف الزراعي من منظمة التجارة العالمية وأن يُعهد به إلى منظمات أممية مثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أو إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية".

وقال السيد بوفي في ندوة صحفية عقدها في جنيف بعد ظهر الثلاثاء 25 يوليو "إن التوصل إلى اتفاق حول الملف الزراعي ضمن مفاوضات منظمة التجارة العالمية كان ليوفي فقط بمطالب كبريات المؤسسات العاملة في ميدان صناعة الأغذية على حساب صغار المزارعين الذين يجب حمايتهم من المنافسة الأجنبية".

واعتبر جوزي بوفي استقبال السيد باسكال لامي لوفد من ممثلي هذه الحركات المعارضة غداة الإعلان عن فشل مفاوضات جولة الدوحة "خطوة إيجابية تعني أن مسؤولي منظمة التجارة العالمية أدركوا اليوم أنه لم يعد ممكنا تسوية المشاكل بدون إشراك منظمات المجتمع المدني".

وتنوي هذه المنظمات تنظيم حفل "تأبيني" لتشييع جولة الدوحة في تظاهرة رمزية تنظم يوم الخميس 27 يوليو، يستخدم فيها الفلاحون وصغار الصيادين قوارب تم صنعها بجنيف لهذه المناسبة تقل المشيعين من قلب جنيف حتى مقر منظمة التجارة العالمية على ضفة بحيرة الليمان.

الوفد السويسري المشارك في مفاوضات منظمة التجارة العالمية صرح على لسان كبير المفاوضين لوسيوس فاسيشا بأنه "ما دام تقريب المواقف بين القوى المؤثرة في منظمة التجارة العالمية أمرا مستحيلا، فإن تجميد المفاوضات هو الحل الأمثل".

ويعتقد السيد فاسيشا أن "أي استئناف للمفاوضات سوف لن يتم إلا بعد حدوث تغيير في الإدارة الأمريكية، وهذا يقودنا إلى عام 2009".

الفلاحون السويسريون، وعلى غرار باقي الفلاحين، ينظرون بنوع من الارتياح الحذر لهذا الفشل المؤقت. ولكن اتحاد المزارعين السويسريين يرى "أن إمكانية التوصل الى حل أسوأ ما زالت قائمة". وتعتقد المتحدثة باسم الاتحاد ساندرا هيلفنشتاين أن "المسار الذي تسلكه الحكومة في محاولة التوصل الى اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي سوف لن يفيد في شيء بعد هذا الفشل".

أما الأوساط الاقتصادية السويسرية التي كانت تراهن على إمكانية مقايضة التنازلات في ملف الزراعة بتخفيضات جمركية وبتسهيلات لفتح الأسواق، فقد اعتبرت هذا الفشل "أمرا مؤسفا للغاية".

ويرى جورج كونديغ، عضو مجلس إدارة رابطة الشركات السويسرية "إيكونومي سويس" أن "اقتصاد بلد صغير مثل سويسرا يحتاج للوصول الى الأسواق عبر معايير منظمة التجارة العالمية". لذلك، يقترح على الحكومة "جعل إبرام الاتفاقات الثنائية من بين أولوياتها ابتداء من الآن".

أما منظمات المجتمع المدني الإنسانية السويسرية فقد "حملت الدول الغنية مسؤولية الفشل"، معتبرة أن الدول الفقيرة هي التي ستدفع ثمن هذا التأجيل لجولة مفاوضات كان يراد لها أن تكون أولا وأخيرا في صالح الدول النامية.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف