أصحاب المصانع في لبنان يحسبون كلفة الغارات الإسرائيلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
توقف الزمن بعد منتصف النهار في مصنع ماليبان للزجاج إثر سقوط أربع قذائف إسرائيلية أبادت نتاج 40 عاماً من التعاون بين رجال أعمال هنود بريطانيين وسكان وادي البقاع اللبناني, حسب المقال الذي نشرته صحيفة الفايننشال تايمز.
وقال كاتب المقال ويليام والس أن عائلة مادهفاني كانت اشترت المعمل, الذي لا يستحق الآن أكثر من حقه بين خردوات المعدن, عام 1966. كانت الأوقات عصيبة حينها في شرق أفريقيا, ولأن العائلة توقعت إبعاد المجتمع الآسيوي من قبل إيدي أمين أصبحت تنوّع من أعمالها الأساسية في أوغندا.
استمر ماليبان في إنتاج الزجاجات طول فترة الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت 15 عاماً ونجا من الاحتلال الإسرائيلي السابق ولم يقفل سوى أسبوعاً واحداً عام 1975. وبعد انتهاء الحرب, استثمرت مادهفاني الملايين في بناء الشركة لتصبح واحدة من المشاريع الصناعية الكبرى في لبنان, إذ تُصدّر إلى الدول الأخرى عبر الشرق الأوسط وأوروبا بمبيعاتٍ سنوية تصل إلى 26 مليون دولار.
لكن هذه الحرب تثبت أنها نوع مختلف من الحروب. فخصم إسرائيل هنا خصم مخادع, يظهر بمظهر المقاتل داخل وخارج خط النار, وقد أثبت أنه أكثر مرونة بكثير من الجيوش العربية التي واجهتها إسرائيل من قبل.
ومن خلال رهانها على تحطيم حزب الله, وجّهت قوة إسرائيل الجوية ترسانتها المتطورة بالأسلحة الدقيقة إلى بنية الاقتصاد في لبنان.
وحسب لائحة أعدها رجال الأعمال اللبنانيين فإن 45 مصنعاً رئيسياً على الأقل سقطت عليه القذائف الجوية الإسرائيلية مباشرة, عدا عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي لم تشملها اللائحة. وتضم اللائحة مصانعاً للأثاث والمنتجات الطبية والأقمشة والورق ومعملاً للحليب, حيث لم تنجُ حتى الأبقار من استهدافها بالقذائف. كما فُجِّر مخزن بروكتر وغامبل في بيروت وتضررت المحلات بما يُقدّر بـ 20 مليون دولار.
وتوقف 95% من المصانع, حسب جمعية الصناعيين اللبنانيين, وهذه المصانع التي لم تُستهدف بشكلٍ مباشر توقفت عن العمل بسبب الحصار الإسرائيلي.
وجاء في خطاب الجمعية لطلب الدعم من المجالس التجارية حول العالم أنه "في الوقت الحالي لا تستطيع المصانع اللبنانية جلب المواد الخام ودعم الشحنات التي يحتاجون إليها لأجل إنتاج البضائع وخاصة الأغذية والأدوية التي يحتاج إليها اللبنانيون و900000 مُرحّل بشكلٍ طارئ."
وحتى اندلاع الحرب الشهر الماضي, كان اقتصاد لبنان يسير في الاتجاه الصحيح في أفضل سنةٍ له خلال أكثر من عقد من الزمن. فالصادرات وصلت إلى أكثر من 100% مما كانت عليه في 2005 والسياحة تزدهر. وكان النمو السنوي للأشهر الخمسة الأولى يُقدّر بـ 5%.
بينما ينظر الاقتصاديون الآن إلى سنة نمو ابتدائية أو أسوأ. وتوقع مجلس الإنماء والإعمار أن الضرر الذي لحق بالبنية التحتية والأعمال وصل إلى 2 بليون دولار في أول اثني عشر يوماً من النزاع.
وقال عدنان كسار, رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان: "إسرائيل تستغل الحرب لتدمير ما يمكنها تدميره من البنى التحتية إضافة إلى قطاعات الاقتصاد الأساسية."
وقال: "إنهم يريدون تدمير كل شيء, حتى الشاحنات المحمّلة بالبطاطا والبطيخ. يقتلون الناس على دراجاتهم كما تُقتل الطيور."
يعتقد بعض اللبنانيين أن إسرائيل حسبتها كذلك: إذا تضررت الأعمال إلى حدٍ كافٍ فسوف يضغطون على الحكومة لتبذل جهداً أكبر للقضاء على تأثير مقاومي حزب الله.
يمكن أن يكون هناك تفسيراً أكثر بساطة في بعض الحالات. على بُعد عدة كيلومترات من مصنع ماليبان تفجرت الورشة الميكانيكية الخاصة به. ورفض المسلحون الوصول إلى الموقع معتقدين أنه قد تكون بعض الأشياء مختفية هناك.
وعلى مقربة منه, تحطم مصنع دلال للفولاذ أيضاً. وكان مالكه اللبناني قد تعاقد لتزويد الجيش الأميركي في العراق بالتركيبات المجهزة. وفي هذه المنطقة لا يتضح أي سببٍ لإرادة إسرائيل تدمير هذا المبنى أو ذاك, الأمر الذي كلّف ما يقارب ألف وظيفة.
قال أوروبيندو تشاودري مدير المشروع الذي يعمل لدى ماليبان منذ 1972: "نحن لا نعلم لماذا يضربوننا, عليكم أن تسألوهم."
في الماضي, عندما فجرت إسرائيل القواعد الفلسطينية في البقاع كانوا حذرين في أن يتجنبوا المعمل كما قال شراي مادهفاني الذي أداره حينها من لندن عبر الهاتف.
وقال: "إنهم يعلمون من يملك المصنع وماذا نعمل به, ولذلك كان له أثر الصدمة أن نعلم أنهم أرسلوا أربع قذائف خصيصاً إلينا."
وكان قد قتل مُشغل آلاتٍ هندي في تفجيرات 19 يوليو, والآخر ما يزال في غيبوبة. وإذا لم تكن عائلة مادهفاني قد أغلقت المصنع قبل ذلك بثلاثة أيام لكان قُتِل 150 عاملاً في أرضية المحل.
لم يكن يشمل هذا المصنع التأمين من الحرب.وقال مادهفاني أن عائلته ليست أكيدة من كيفية إعادة بنائه,وأضاف أن إعادة بنائه من جديد ستكلف 70 مليون دولار.
ترجمة: سامية المصري
الرياض
4 أغسطس 2006