اقتصاد

التكامل الاقتصادي بين دول التعاون ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

التكامل الاقتصادي بين دول التعاون ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية


أحمد باتميرة


اكد حمود بن سنجور الزدجالي الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني ان دول المجلس تواجه تحديات عديدة في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، التي ازدادت في ظل الاتجاه المتزايد نحو العولمة والانفتاح الخارجي. وقال الزدجالي، في ورقة عمل قدمها خلال مؤتمر الطاولة المستديرة، الذي تنظمه (الايكونوميست) حول مستقبل الاعمال التجارية في سلطنة عُمان، أول من أمس، ان هذه التحديات تنشأ بصفة رئيسية من عملية الانتقال من مرحلة لاخرى من مراحل التكامل الاقتصادي، التي تبدأ بمنطقة التجارة الحرة، ثم الاتحاد الجمركي، ثم السوق المشتركة، ثم الاتحاد النقدي والعملة الموحدة واخيرا التكامل الاقتصادي التام.


وقد اتخذت دول مجلس التعاون خطوات مهمة على الطريق، تمثلت في توحيد مثبت سعر الصرف، حيث اتخذت الدولار الاميركي مثبتا لسعر صرف عملاتها الوطنية ووصلت الى مرحلة الاتحاد الجمركي، حيث تم الغاء التعريفات الجمركية في ما بينها، وتم توحيد التعريفة الجمركية الخارجية في مواجهة الدول الاخرى غير الاعضاء في مجلس التعاون، وتتهيأ هذه الدول الآن للانتقال الى مرحلة السوق الخليجية المشتركة بحلول عام 2007، تمهيدا للانتقال الى مرحلة الاتحاد النقدي الخليجي والعملة الموحدة في عام 2010.

واضاف الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني: كي يتحقق التكامل الاقتصادي المنشود بين دول مجلس التعاون، فانه يتعين ان يتحقق التقارب الاقتصادي في ما بينها، وذلك بالاسترشاد بعدد من المعايير تتمثل في مدى كفاية احتياطيات النقد الاجنبي ومقدار العجز السنوي في الموازنة العامة كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي وحجم الدين العام كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي ومعدل التضخم وسعر الفائدة. ويتمثل التحدي هنا في كيفية توحيد هذه المعايير وتطبيقها في كافة الدول الست اعضاء مجلس التعاون، كشرط مسبق لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود. والتصدي لاعداد معايير التقارب الاقتصادي بين دول مجلس التعاون فانه يتعين توحيد مفاهيم ودلالات المؤشرات المختلفة، التي تطبق في جميع دول المجلس حتى لا يصاحب عملية وضع معايير موحدة للتقارب العديد من الاخطاء، بل قد تنشأ بعض الاختلافات بين الدول الاعضاء، التي يمكن تحاشيها في المستقبل.

وقال انه من المعروف ان دول مجلس التعاون تعتمد اعتمادا كبيرا على مورد وحيد قابل للنفاد وهو النفط، ومن ثم فانها تواجه تحديات فترة ما بعد عصر النفط، من هنا تبرز اهمية استراتيجيات تنويع مصادر الدخل القومي، من خلال تعزيز نشاط القطاعات غير النفطية، وفي مقدمتها الصناعة التحويلية والزراعة والسياحة والخصخصة، التي تهدف الى توسيع نطاق نشاط القطاع الخاص وتحفيزه لاداء دور اكبر في الحياة الاقتصادية لدول مجلس التعاون.

وقال الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني: ان مشكلة التركيبة السكانية والقوى العاملة الوطنية هي مشكلة مزمنة ومستحكمة في دول مجلس التعاون، نتيجة لاطراد زيادة عدد العمال الاجانب العاملين بهذه الدول، التي ترتبت بالضرورة نتيجة لارتفاع ايرادات النفط ومشروعات البنية الاساسية والمشروعات التنموية العملاقة التي نفذتها ـ وتنفذها ـ هذه الدول، وحيث لا تتوفر الايدي العاملة الوطنية اللازمة لذلك. ويمكن مواجهة هذه التحدي بوسيلتين اساسيتين: الاولى هي التعليم والثانية هي التدريب وذلك لاعداد الكوادر الوطنية، خاصة من بين اولئك الباحثين عن عمل، لتولي الوظائف المهنية والفنية المختلفة بدلا من العمال الاجانب، وهذه العملية سوف تستغرق بعض الوقت. هذا وقد ادركت السلطنة طبيعة مشكلة التركيبة السكانية منذ فترة طويلة. ووضعت استراتيجية للتعمين تقوم بتنفيذها على مراحل من خلال التعليم والتدريب وبقدر كبير من المرونة، حتى لا يتأثر الانتاج والانتاجية (من حيث الكم والكيف).

واوضح ان اسواق الاوراق المالية لدول مجلس التعاون تعاني من اوجه قصور في جوانب متعددة، منها عدم توفر الاطر التشريعية والتنظيمية المؤسسية الكافية ويعتبر ذلك بمثابة عقبة اساسية في وجه تطور الاسواق المذكورة وتتخلص اوضاع الاطر القانونية والتشريعية للاسواق في ان الاسواق الاولية (للاصدارات) منظمة بشكل كامل في كل من السلطنة والبحرين والسعودية والكويت، بينما يوجد تنظيم جزئي لهذه الاسواق الاولية في كل من دولتي الامارات وقطر، اما الاسواق الثانوية (للتداول) فهي منظمة بشكل كامل في كل من السلطنة والبحرين والكويت، بينما اختارت السعودية اسلوبا مختلفا يركز على ادارة تداول الاسهم، وتجري المشاورات بين الجهات المعنية في كل من دولتي الامارات وقطر لتنظيم عمليات التداول بالسوق الثانوية.

في حين يرى البعض ان من بين اوجه القصور في اسواق الاوراق المالية بدول المجلس، انها ما زالت مغلقة الى حد كبير في وجه الاستثمار الاجنبي. لقد انتهجت بعض دول المجلس سياسة الانفتاح في ما يتعلق بالاستثمار الاجنبي. واوضح ان الفوائض المالية الضخمة التي حققتها دول مجلس التعاون نتيجة لارتفاع اسعار النفط قد اسفرت عن حدوث تطور نوعي وكمي في الاجهزة المصرفية لهذه الدول، في محاولة للاشتراك مع الاجهزة المصرفية الغربية في استثمار تلك الفوائض اقليميا ودوليا.

ولقد تمثلت ابرز ملامح ذلك التطور في نشوء بعض بنوك الاستثمار المحلية الكبيرة، التي تمارس انشطة اسواق رأس المال وانشاء بعض البنوك الخليجية الشاملة، التي تهتم ليس فقط بالاسواق التقليدية للبنوك التجارية، اي الاسواق النقدية، التي تتعامل في الادوات المالية قصيرة الاجل، ولكن بأسواق رأس المال وادواتها ذات الطبيعة المتوسطة والطويلة الاجل.

واوضح ان الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية اصبحت مختلفة لدرجة انها تضع الجهاز المصرفي لدول مجلس التعاون امام تحديات ينبغي التصدي لها والتعامل معها بشكل يضمن للنشاط المصرفي في دول المنطقة التطور المرغوب والمكانة التي يجب ان يحظى بها.

هذا وتتمثل اهم التحديات التي تواجه الجهاز المصرفي في دول مجلس التعاون مستقبلا في زيادة التكامل الاقتصادي العالمي، وانهيار الحواجز القطرية امام النشاط المصرفي العالمي، الامر الذي من شأنه زيادة المنافسة امام البنوك الوطنية من حيث مستوى وجودة الخدمة والادارة واستقطاب رؤوس الاموال. كما ان انضمام دول مجلس التعاون الى منظمة التجارة العالمية من شأنه ان يترتب عليه فتح الاسواق المحلية امام بنوك الدول الاخرى وقبول مبدأ المعاملة بالمثل، الامر الذي سيضع بنوك دول مجلس التعاون في مواجهة تحديات مصرفية ينبغي ان تكون مهيأة لها وقادرة على مواجهتها. كما ان قبول دول مجلس التعاون لمعايير لجنة بازل الجديدة لكفاية رأس المال (بازل2) يجعلها تعمل على تحسين نوعية اصول البنوك التجارية، وتوخي الحذر ومراعاة التوازن بين حجم انشطة البنوك ومواردها الذاتية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف