اقتصاد

جديد نظام الوكالات التجارية في الخليج

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

جديد نظام الوكالات التجارية في الخليج


محمد العسومي الحياة



اتبع نظام الوكالات التجارية في منطقة الخليج منذ بداية القرن الماضي، الا انه اتخذ شكلاً منظماً ومقنناً مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وما تبعها من سن قوانين وأنظمة كثيرة عكست الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ذلك الوقت.

يمنح نظام الوكالات التجارية والذي تضمنته قوانين الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي، وضعاً احتكارياً للوكيل الذي يقوم باستيراد سلعة معينة، يحدد من خلالها كمية السلع المستوردة وأسعارها وكذلك خدمات وأسعار ما بعد البيع.

وتوزعت الوكالات على البيوت التجارية التقليدية، الا انه مع دخول عقد الستينات وتوسع العلاقات التجارية بين بلدان منطقة الخليج والعالم الخارجي، اصبح نظام الوكالات مهيمناً على الحركة التجارية في بلدان المنطقة كافة. فإضافة الى جودة السلعة وسعرها المناسب، اصبح للوكيل دور محوري في تسويق هذه السلعة أو تلك.

لكن مع انضمام دول مجلس التعاون الخليجي الى منظمة التجارة العالمية منذ منتصف التسعينات تطلب الامر اعادة النظر في عدد من الانظمة والقوانين التي تتعارض مع متطلبات الانضمام الى المنظمة وقوانينها ولوائحها، ومن ضمنها البند الخاص بمنع الاحتكار.

على رغم انه لا توجد مادة تختص بالوكالات التجارية، الا أن بند منع الاحتكار الوارد في لوائح المنظمة ينطبق على نظام الوكالات التجارية، ما حدا بدول الخليج الى إعادة النظر في هذا النظام وتطويره بما يتلاءم والمستجدات في العلاقات التجارية الدولية.

البداية كانت من البحرين، التي سمحت بحرية الاستيراد على ان يقوم المستورد في السنوات الخمس الأولى بدفع 5 في المئة من قيمة السلع المستوردة للوكيل الأصلي، تلتها سلطنة عمان في إجراء مماثل.

وفي نهاية آب (اغسطس) الماضي، أصدرت دولة الإمارات قراراً بشطب الوكالات التجارية الخاصة باستيراد المواد الغذائية وإطلاق حرية استيرادها في خطوة جريئة للحد من عملية احتكار الاستيراد وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكخطوة أولى نحو تعديل نظام الوكالات التجارية وقانون الشركات في شكل عام.

تشكل هذه الإجراءات الخليجية اتجاهاً صحيحاً يستبق إمكان طرح هذا الأمر في منظمة التجارة العالمية، حيث يتوقع ان يتم اتخاذ إجراءات مشابهة في بقية دول الخليج والدول العربية التي تعمل بهذا النظام.

في نهاية المطاف سيتشكل نظام جديد من خلال وجود موزعين معتمدين في كل بلد، على ان يكون الوكيل الحالي أحدهم، وهو النظام المعمول به في الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوروبي، وستكون هناك منافسة بين الموزعين ستصب في مصلحة المستهلك الذي سيحصل على سلع ذات جودة عالية وبأسعار مناسبة من جهة، ولمصلحة تطور الحركة التجارية ونموها في هذه البلدان من جهة أخرى.

تكمن المشكلة في ان ممثلي الوكالات لديهم مخاوف لا مبرر لها. إذ إضافة الى تسويق السلعة، فإن خدمة ما بعد البيع ستلعب دوراً رئيساً في استحواذ هذا الموزع او ذاك على حصة كبيرة في الأسواق، وهذه ميزة يمكن الوكيل الحالي استغلالها بحكم تجربته الطويلة وإمكاناته الخدماتية المتراكمة عبر السنين.

وتشير تجربتا البحرين وعمان الى صحة هذا الاستنتاج، بل ان الوكيل الأصلي طور خدماته وبدأ في اتباع وسائل تسويقية حديثة ليتمكن من المحافظة على حصته في السوق وتنميتها من خلال جودة الخدمة والأسعار المناسبة.

إذاً نحن أمام تغيرات جذرية ستساهم في حال استمرارها في تطور حركة التجارة الخارجية والداخلية في بلدان الخليج وستوفر للمستهلك سلعاً متعددة وذات نوعية جيدة وبأسعار تنافسية، كما ان ذلك سيؤدي الى تنمية إعادة التصدير وبروز طاقات تجارية جديدة.

ان المحصلة النهاية لهذا التوجه هي ايجابية بكل المقاييس، بما في ذلك مقاييس الوكلاء الأصليين الذين سيعمدون الى تطوير خدماتهم وأساليبهم التسويقية للمحافظة على مكانتهم. أما المستفيد الأكبر فهو المستهلك النهائي والحركة التجارية التي ستشهد تطوراً ملحوظاً في ظل التعديلات المستجدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف