سياستان نفطيتان أمام قمة «أوبك» في الرياض
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
رندة تقي الدين
شك أن أنظار العالم ستتجه يومي السبت والأحد المقبلين نحو العاصمة السعودية، حيث يستضيف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القمة الثالثة لمنظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك".
والحدث ضخم لأنه يأتي أولاً في ظرف اقترب فيه سعر برميل النفط من مئة دولار، وهو مستوى غير مسبوق على صعيد الأسعار. وعلى رغم ان "أوبك"، كما قال وزير النفط السعودي علي النعيمي أمس، لن تأخذ أي قرار بتغيير مستوى الانتاج أو بالتطرق الى الأسعار في القمة، فإن الحدث سيكون محط أنظار العالم بأسره، نظراً لتأثير ارتفاع أسعار النفط عليه.
وهناك في هذا الاطار المستفيدون والخاسرون وهناك أيضاً المخربون. فوجود رئيسي دولتين نفطيتين أساسيتين هما الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ونظيره الفنزويلي هوغو شافيز الى جانب زعماء دول خليجية معتدلة وتعمل من أجل استقرار أسواق العالم هو بحد ذاته حدث استثنائي.
والعالم سينظر الى التباين في الصورة بين زعماء عملوا من أجل مصالح بلدانهم وزعماء آخرين هدروا ثرواتهم النفطية لأهداف بعيدة كل البعد عن تنمية دولهم وتقدمها وتطورها. فمن يزور دول الخليج وفي طليعتها المنتج الأكبر للنفط أي المملكة العربية السعودية، والامارات والكويت وقطر، يرى كيف استفادت هذه الدول من عائداتها النفطية واستثمرتها في ورشات إعمار وتقدم صناعي وتطور بنيوي. ومن يذكر قمة "أوبك" الثانية التي عقدت في كراكاس ويقارن بين أوضاع فنزويلا المتدهورة أمنياً واجتماعياً، لا بد أن يلاحظ الفرق الشاسع. ومن يسمع السائق الايراني يتذمر من تقنين البنزين في بلده وهو من أكبر الدول المنتجة للنفط والغاز، يتساءل كيف تهدر هذه الدول عائداتها النفطية بدلاً من انفاقها على خدمة شعبها.
فالمملكة العربية السعودية قامت خلال السنوات القليلة الماضية بمشاريع إعمارية وصناعية عملاقة. وقد اقرت الآن مشروع إنشاء جامعة ضخمة هي جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي ستكون مركزاً دولياً في هذا المجال. وحرص خادم الحرمين الشريفين على ان يتم اختيار أفضل أساتذة العالم لهذه الجامعة. والمؤكد ان هذا المشروع طموح وواعد، لأكبر مصدر للنفط في "أوبك" ولدولة أحرزت تقدماً لا مثيل له في السنوات الأخيرة على الأصعدة المختلفة.
فالسعودية وغيرها من دول الخليج تستفيد بشكل فاعل وجيد من ارتفاع عائداتها وهذا جلي عبر المشاريع الصناعية والإعمارية والتعليمية والبنيوية التي تشهدها حالياً. وهذا ما يمثل ايضاً فائدة غير مباشرة لابناء دول المنطقة الذين يأتون الى هذه الدول الخليجية بحثاً عمل، ومن هذه الدول لبنان والعراق وسورية والمغرب ومصر وسواها.
ان السعودية اليوم أكبر منتج نفطي في "اوبك" وتلعب دوراً أساسياً في استقرار السوق، وسياستها النفطية مبنية على تزويد اسواق النفط بما تحتاجه وتعويض اي نقص طارئ.
وكان الوزير علي النعيمي أكد خلال مؤتمر صحافي عقده أمس ان لا علاقة لارتفاع اسعار النفط الى أكثر من 90 دولار للبرميل بعوامل السوق. فالسوق لا تشهد أي نقص في المخزون النفطي، لكن التوترات السياسية والتحليلات القائلة بأن الطلب على النفط من الصين والهند سيزداد كثافة هي التي تساهم في القلق وتزيد من قوة المضاربين.
وأشار النعيمي الى أن السعودية تحتفظ بقدرة انتاجية زائدة تبلغ مليوني برميل في اليوم، في حين انها تنتج 9 ملايين برميل في اليوم حالياً، وان القدرة المنشودة في سنة 2009 هي على مستوى 12.5 مليون برميل في اليوم.
وقال ان المملكة غير مستعدة للاستثمار لزيادة طاقتها الانتاجية الى أكثر من 12.5 مليون برميل في اليوم لأنها لا ترى حاجة لذلك حالياً.
بالمقابل، وعند المقارنة مع ما يقوم به زعماء دول مثل ايران وفنزويلا، يتساءل المرء عما يقدمه هؤلاء لشعوبهم من فوائد باستثناء العقوبات الدولية والسعي الى السيطرة على شعوب أخرى عبر حلفاء في المنطقة. فكيف يفسر شافيز لشعبه أوضاعاً تحول دون ان يخاطر أي كان بالخروج من منزله مساء خوفاً من السرقات ومافيات الاجرام، وكيف يبرر الفقر والفوضى وسوء الإدارة؟
ان قمة "أوبك" الثالثة لن تتطرق الى أسعار النفط ووضع السوق، لكنها مناسبة ليدرك العالم الفرق بين دولة نفطية أحسنت استخدام عائداتها للتنمية والتقدم والإعمار والتعليم، في حين أن سواها هدر أموال النفط وباع شعبه كلاماً تحريضياً وتسبب له بعقوبات دولية وعزلة عالمية.