اقتصاد

إعلان الرياض ومسؤولية تحسين صورة أوبك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

طلعت زكي حافظ
في رأيي أن الرفع من مستوى الثقافة النفطية، لدى دول العالم وشعوبها، وبالذات دول الغرب والإعلام الغربي، سيعمل في نهاية المطاف على تصحيح الصورة الذهنية الخاطئة المطبوعة، لدى أذهان تلك الدول وشعوبها عن منظمة أوبك وعن دولها وشعوبها، ما يساعد على استقرار أسواق النفط العالمية، بما في ذلك تقوية العلاقات بين حكومات الدول المنتجة والمصدرة للنفط والدول المستهلكة له.

اختتمت القمة الثالثة لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، أعمالها في الرياض في يوم الأحد 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بصدور إعلان الرياض، الذي أكد التزام منظمة أوبك بالمبادئ الأساسية للسياسات الرئيسة، المرتبطة بتسويق النفط للسوق العالمية، بالشكل الذي يتحقق عنه الاستخدام الأمثل للموارد بصورة فاعلة، تعمل على النهوض بالتنمية المستدامة وتحقيق الرفاهية لأجيال دول "أوبك" المقبلة وشعوبها.
من بين أبرز بنود إعلان الرياض، وفق ما ورد بالبيان الختامي، الذي تلاه عبد الله سالم البدري، الأمين العام لمنظمة أوبك ما يلي: (1) التأكيد على التزام منظمة أوبك بالمبادئ والأهداف الواردة بكل من ميثاق منظمة أوبك وإعلاني قمتي الجزائر وكاراكاس الصادرين في عامي 1975، و 2000، إلى جانب الاستراتيجية طويلة الأمد للمنظمة. (2) التأكيد على أن منظمة أوبك، ستستمر في إمداد الأسواق العالمية، بكميات كافية واقتصادية وموثوقة من النفط بصورة فاعلة وفي الأوقات المطلوبة. (3) العمل مع جميع الأطراف من أجل تحقيق التوازن في أسواق الطاقة العالمية ومستويات مستقرة وتنافسية لأسعار النفط. (4) التأكيد على أهمية السلام العالمي في تحسين فرص الاستثمار في قطاع الطاقة واستقرار واستقراء أسواق الطاقة العالمية. (5) القيام بالاستثمارات اللازمة من أجل زيادة طاقة إنتاج الخام وطاقة التكرير في الدول الأعضاء في المنظمة، بما في ذلك حث الدول المستهلكة، على إيجاد البيئة، التي تساعد على الاستثمار في قطاع النفط في تلك الدول. (6) التأكيد على العلاقات المتداخلة بين أمن الإمدادات، وأمن الطلب العالمي على الطاقة وإمكانية استقرائه. (7) حث جميع الأطراف، على إيجاد سبل ووسائل تعزيز فعالية أسواق البترول المالية، من أجل التقليل من التقلبات قصيرة الأمد في الأسعار، التي تضر بالدول المستهلكة على حد سواء. (8) العمل على تعزيز الكفاءة والاستدامة في إنتاج واستهلاك الموارد النفطية، بالشكل الذي يشجع على تفعيل التقنية والابتكار. (9) مواصلة عملية التنسيق والتشاور مع الدول الأخرى المصدرة للنفط، لما فيه صالح جميع الدول المنتجة له. (10) تقوية وتوسيع مجالات الحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة، من خلال منتدى الطاقة الدولي والمنتديات الدولية والإقليمية الأخرى، (11) التشجيع على التعاون وتبادل الخبرات في المجالات التقنية ومجالات تطوير الموارد البشرية بين الصناعات النفطية في الدول الأعضاء في منظمة أوبك، وكذلك مع الجهات الأخرى من أجل تعزيز الكفاءة والابتكار والحكومة، هذا إضافة إلى تبني أفضل ممارسات الصناعة العالمية في هذا المجال.
دون أدنى شك أن إعلان الرياض، جاء في ظروف مواتية جداً، ليؤكد حقيقة مهمة، لها ارتباط وثيق بالمبادئ الأساسية، التي تعمل بموجبها الدول الأعضاء في المنظمة، والتي تستند في واقعها إلى ثلاثة محاور رئيسة، وهي: (1) العمل الدؤوب على استقرار سوق الطاقة العالمي. (2) تسخير الطاقة من أجل التنمية المستدامة. (3) العمل على الموازنة بين استخدام الطاقة والمحافظة على سلامة البيئة، ولكن في رأيي وعلى الرغم من أهمية البنود الواردة بإعلان الرياض، والتي وكما أسلفت قد جاءت لتؤكد المبادئ الأساسية لعمل "أوبك"، إلا أنه كان من المفترض والمجدي اقتصادياً، أن يتضمن الإعلان المذكور لبند خاص يركز، على أهمية التعزيز والرفع من مستوى الثقافة النفطية لدى حكومات الدول المنتجة والمصدرة للنفط والمستهلكة له على حد سواء، بما في ذلك شعوبها، بالذات بالنسبة للأسباب والأمور الفنية الحساسة، المرتبطة بارتفاع أسعار النفط، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة، التي شهدت فيها أسعار النفط ارتفاعا متواصلا منذ بداية هذا العام، تجاوزت نسبته الـ 50 في المائة، ما أسهم بشكل كبير، وكما جرت العادة في الغرب، في توجيه اللوم والإشارة بأصابع الاتهام لدول أوبك، وتحميلهم مسؤولية ذلك الارتفاع.
الدكتور أنس الحجي الأكاديمي، والخبير الدولي في شؤون النفط، والكاتب في جريدة "الاقتصادية"، أكد بحوار تلفزيوني بثته قناة CNBC في برنامج سعودي أعمال، بتاريخ 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007، أهمية التعزيز من مستوى الثقافة النفطية لدى دول العالم وشعوبها، بما في ذلك حكومات الدول المنتجة والمصدرة للنفط، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، وبالذات الإعلام الخليجي، لتفادي الوقوع في إعطاء تفسيرات وتحليلات فنية خاطئة، تجانب الصواب وتتسبب في إعطاء صورة غير صحيحة عن أسباب ارتفاع أسعار النفط العالمية، مؤكداً في هذا الخصوص، بمقال نشر له في جريدة "الاقتصادية" في العدد 5139، بعنوان "في سبيل ثقافة نفطية: العلاقة بين الدولار والنفط"، أهمية الارتقاء بالثقافة النفطية بهدف تفهم العلاقة، التي تربط بين النفط والعديد من العوامل والمتغيرات، التي تتسبب في ارتفاع الأسعار، التي من بينها، على سبيل المثال لا الحصر، وفق ما ورد في مقال الكاتب المذكور، انخفاض قيمة عملة الدولار، وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط، وكذلك سلوكيات المضاربين في التعامل مع ذلك الارتفاع، وتشجيعهم على الدخول بقوة في أسواق النفط، بالشكل الذي يسهم بدوره في زيادة الأسعار وزيادة ذبذبتها.
خلاصة القول، في رأيي أن الرفع من مستوى الثقافة النفطية، لدى دول العالم وشعوبها، وبالذات دول الغرب والإعلام الغربي، سيعمل في نهاية المطاف على تصحيح الصورة الذهنية الخاطئة المطبوعة، لدى أذهان تلك الدول وشعوبها عن منظمة أوبك وعن دولها وشعوبها، ما يساعد على استقرار أسواق النفط العالمية، بما في ذلك تقوية العلاقات بين حكومات الدول المنتجة والمصدرة للنفط والدول المستهلكة له، بما في ذلك شعوبها، وهذا بدوره سيعزز وسيوطد من روح التعاون والإخاء، في مجال العلاقات الدولية، وبالذات في مجال العلاقات، المرتبطة بصناعة الطاقة، بما يحقق الصالح العام لدول العالم وشعوبها، والله من وراء القصد.

مساعد مدير عام البنك الأهلي التجاري ــ مستشار وكاتب اقتصادي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف