اقتصاد

الجزائر تتطلع لاسترجاع مجدها السياحي عام 2015

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


بلد سياحي بلا سياح
الجزائر تتطلع لاسترجاع مجدها السياحي عام 2015

كامل الشيرازي من الجزائر
تتطلع الجزائر لاسترجاع مجدها السياحي في غضون العام 2015، بعدما أثار تتصنيفها الأخيرة عربياً والـ93 عالمياً في مجال السياحة، ضجة مضاعفة هناك على خلفية المفارقة التي تضرب بأطنابها في بلد موصوف بكونه "مركز سياحي بلا سياح"، إذ بالرغم مما تزخر به الجزائر من إمكانات سياحية ضخمة، إلا أن السياسة التي طبقت في البلد منذ سنوات العنف المسلح في تسعينيات القرن الماضي، أثبتت محدوديتها حتى لا نقول فشلها، حيث لم تحقق الجزائر سوى 120 مليون دولار كعائدات العام الماضي رغم امتلاكها قدرات سياحية ووسائل مالية معتبرة، في حين تجاوزت تونس والمغرب عتبة 6 مليارات دولار.

ثورة سياحية في الأفق
تسعى السلطات الجزائرية في غضون السنوات التسع القادمة، إلى تجهيز عدد من مواقعها السياحية والتعريف فيها لأخذ حصتها من السياحة العالمية، بهذا الصدد أعلنت وزارة السياحة الجزائرية عن الانتهاء من وضع إستراتيجية شاملة تكفل للبلاد تدارك تخلفها السياحي، مع تنشيط حملة دعائية تعريفية بها، ناهيك عن تطوير البيئة الإجرائية والتنظيمية الداعمة للسياحة، وفق معايير عالمية قادرة على المنافسة، لذا أصدر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قرارا بإلحاق السياحة بوزارة البيئة، على سبيل إعادة تأهيل متكاملة للقطاع، ما يمهّد إلى ثورة سياحية في الأفق تتدارك ما ضيعته الجزائر في السابق.
وتقوم الخطة على تجهيز مواقع الجزائر السياحية وهياكلها الفندقية، لاستقبال أربعة ملايين سائح نصفهم من الأجانب، بمعدل خمس ليال لكل سائح، أن يبلغ العدد عشرين مليون ليلة وأن تبلغ الموارد 900 مليون دولار مقابل 173 مليونا خلال 2004، ولكن ذلك يتطلب بحسب خبراء، ضرورة إقناع 1،4 مليون جزائري بعدم قضاء عطلهم في الخارج وتوفير مبالغ كبيرة من العملة الصعبة، شريطة الارتقاء بمنظومة العرض السياحي الجزائري التي لا تزال ضعيفة حيث لا يتجاوز عدد الفنادق من الطراز الدولي العشرة وتعاني الجزائر من محيط لا يستدرج السياح بسبب: قلة المهرجانات- تدني نوعية الخدمات- انعدام العروض السياحية التي تجمع بين الإقامة والتنقل والتسلية.

إستراتيجية السنوات التسع المقبلة تتمحور أيضا على النهوض بالبنى التحتية الموجودة -وفيها العديد من الفنادق الجيدة- وتحسين الخدمات والتدريب والنهوض بالدعاية لاستدراج السياح إلى الجزائر عبر حملات مكثفة لاستغلال كافة المجالات السياحية في الجزائر بما فيها السياحة الثقافية والبيئية والرياضية والصحراوية، وقد أقرت الحكومة مؤخرا مرسوما يحدد إجراءات التنازل أو بيع أو استثمار الأراضي في 172 منطقة خصصت للنهوض بالسياحة في البلاد. ومن شأن المرسوم ان يسهل الاستثمار الأجنبي في هذه المناطق، علما أنّ هناك أكثر من 700 طلب لمستثمرين جزائريين وأجانب.
ويجري تحديد خمس مناطق للسياحة الصحراوية وهي الهقار والطاسيلي (حيث هناك متحف طبيعي ضخم في الهواء الطلق يحتوي على منحوتات على الصخور فريدة من نوعها في العالم) والواحات ومنطقة المزاب وكذا "واحة توات" و"القرارة"، وسط منطقة وادي ميزاب المنطلق الجوي لهذه الوجهات.
والمعروف أنّ الصحراء الجزائرية من أجمل الصحاري في العالم، وتأتي الجزائر المركز الثاني وراء ايطاليا فيما يخص التراث الأثري الموزع على سبعة مواقع صنفت تراثا للبشريةrdquo;. ويريد أن يجعل من هذه المواقع "رأس حربة" السياحة الجزائرية.

هنا مكمن الداء
يشير الخبير في شؤون السياحة عبد القادر جلالي، إنّ مشكلة الجزائر العويصة تكمن في افتقارها لمرافق استقبال بالمعنى الحقيق، فالعجز واضح في تلك الهياكل التي لا توفر حاليا سوى 81 ألف سرير، منها 36 ألف تابع للقطاع العام، و90 في المئة من الحظيرة الفندقية بالجزائر لا تستجيب للمقاييس الدولية، وينتقد جلالي في مقابلة مع "إيلاف" اقتصار السياحة في الجزائر على مغتربيها في الخارج، هؤلاء لا تستفيد منهم الخزانة العامة شيئا، طالما إنّهم يقومون بصرف أموالهم في السوق الموازية ويقضون إجازتهم في مساكن عائلاتهم، ما يفسّر تضاؤل عائدات الجزائر من السياحة مقارنة بدول الجوار التي استطاعت فرض نفسها كوجهات سياحية عالمية.
من جهته، يلاحظ المختص كريم ناجي، إنّه على الرغم من أن الحكومة الجزائرية اعتبرت في مرات عديدة أن السياحة ستكون خليفة للمحروقات على المدى المتوسط، إلا أن السياسة المتبعة تؤدي إلى العكس، مركّزا على أنّ الاستثمارات العربية التي تحدثت عنها الحكومة في مجال السياحة منذ مدة لم تتجسد بعد، ويعلّق وزير السياحة والبيئة الجزائري "شريف رحماني":''لا يعقل أن تبقى الجزائر على هامش التطور السياحي، مع المؤهلات التي تمكنها من افتكاك مكانة في حوض المتوسط''.

إمكانات لم تجد من يستثمرها
يشدّد الباحث عبد الحق عباس لـ"إيلاف" على حساسية استغلال إمكانات البلد السياحية، من خلال ضرورة التعامل مع العقار السياحي بحذر، لكن لا يجب أن يكون ذلك مرادفا للاحتباس وراء البنوك والبيروقراطية اللامتناهية والعقلية السائدة محليا على طريقة "كل عطلة فيها خير" لأن العالم يتحرك بصورة رهيبة ولا مكان فيه للعاطلين.
ولا يزال وزن القطاع العام وثقل الإدارة الجزائرية يشكل عبئا، ما جعل القطاع السياحي يقتصر على 3,9 في المئة من قيمة الصادرات و9,5 في المئة من نسبة الاستثمارات المنتجة و8,1 في المئة من الناتج المحلي الخام، وتصنف الجزائر من هذه الناحية في الرتبة 147 من مجموع 174 دولة، بعيدا وراء تونس (في الرتبة 39) والمغرب (في الرتبة 42). أما عن مستوى التشغيل، فإن القطاع يشغل أكثر من 200 ألف عامل ويمثل حوالي 6,5 في المئة من نسبة التشغيل المباشر وغير المباشر.
ولعلّ هذه الخلفية جعلت مشاريع استثمارية هائلة تراوح مكانها، على غرار استثمار شركة ''سيدار'' السعودية بمنطقة زرالدة (الضاحية الغربية لعاصمة الجزائر)، إضافة إلى مشاريع أخرى لها بمنطقة زموري، فضلا عن مشاريع ضخمة لمستثمرين خليجيين بمنطقة العقيد عباس في محافظة تيبازة (80 كلم غرب).
وما يدلّ على وجود إمكانات لم تجد من يستثمرها، تقرير خبراء دوليين بإشراف "فابريس هاتم"، وما توصل إليه من أنّ القطاع السياحي في الجزائر غير مستغل بصورة كبيرة مقارنة بالقدرات والفرص المتاحة، علما إنّ الجزائر تستطيع "التموقع" كرابع مقصد سياحي في إفريقيا بعد كل من جنوب إفريقيا وتونس والمغرب".وأمام كل هذه المتغيرات الراهنة التي تتوافر بالجزائر فإن السياحة لن تقوم لها قائمة إلاّ إذا ما اعتني بها بعقلانية وحزم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف