الفائض المالي على رأس اهتمامات منتدى الرياض الاقتصادي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من الرياض: يعد محور تطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها أحد ابزر المحاور في منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الثالثة ،والذي تنطلق فعاليته مساء غد الأحد ولمدة ثلاثة أيام.وتتزايد جدلية نقاش هذا المحور بسبب وقتية الفوائض الميزانية التي تتحصل عليها"المملكة النفطية"،وذلك باعتبار أن السعودية تعتمد بنسبة 70-80 في المئة من ميزانيتها من إيراداتها النفطية. وكانت أسعار النفط قد مرت بطفرة في الثمانيات قبل أن تتراجع في نهاية التسعينات لتعود للارتفاع مجدداً مطلع هذا العقد في دورة جديدة.
وتعتبر السعودية أحد الدول المنتجة والمصدرة للنفط والتي تعتمد بشكل مطلق على إيراداتها النفطية،في تمويل إنفاقها الجاري وبرامجها الاستثمارية،وقال نائب محافظ النقد السعودي محمد الجاسر في تصريح صحفي أن السعودية تنتهج في إدارتها للفوائض المالية أفضل المقاييس العالمية، وقال (رغم أننا نستخدم سياسة محافظة تردنا بشأنها انتقادات، إلا أنني أقول اطمئنوا على مستقبل الفائض).وأضاف الجاسر أن السعودية تتبع سياسة مالية حكيمة للحد من تقلبات الدورات الاقتصادية الحادة، وذلك من خلال استخدام الإيرادات النفطية المرتفعة في بناء الاحتياطيات، ومن ثم الاستفادة منها في حالة انخفاض الإيرادات.
ويرى المراقبون أن الاقتصاد السعودي قد شهد ركودا خلال الثمانينات نتيجة للانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار النفط أدى إلى وصول الدين العام في المملكة إلى مستويات غير مسبوقة مما أثر سلبا على تنفيذ بعض البرامج التنموية، وبعد الزيادة التي شهدتها أسعار النفط في السنوات الأخيرة والتي وصلت إلى أرقام قياسية بدأت تتكون لدي المملكة منذ العام 2003م فوائض نقدية بأحجام كبيره مما أثار التساؤل عن الكيفية التي يمكن بموجبها إدارة هذه الفوائض, وكيفيه التخلص مما رافق توظيف الفوائض خلال عقد السبعينات من سلبيات.
وقد خلص القائمون على دراسة محور"تطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها" على أنه من المهم البحث عن أفضل السبل لتنمية هذه الفوائض،وذلك بتحديد رؤية مستقبلية واضحة لكيفية توظيفها أو من حيث تعيين المجالات التي يترتب استثمارها فيها،وكذلك إعادة النظر في الجهات العاملة المكلفة حالياً بتوظيف هذه الفوائض وتقييمها وهيكلة مهامها،والسعي للاستفادة في هذه المجالات من تجارب الدول الأخرى بما يتلاءم مع ظروف واحتياجات المملكة لتحقيق مزيد من الكفاءة في استخدام هذه الفوائض وبما يخدم بشكل أفضل تطور الاقتصاد والمجتمع في المملكة العربية السعودية .
وقد استعرض فريق الدراسة عدد من التجارب والخبرات لعدد من الدول الأخرى ، ولاسيما تلك التي تتماثل مع السعودية في هيكل اقتصادها أو في توفر الفوائض المالية لديها ، و كيفية تعاملها مع ما ينشأ لديها من فوائض مالية عامة وهذه الدول هي النرويج، الكويت، أبوظبي، ماليزيا والصين الشعبية، وقام عدد من أعضاء هذا الفريق الذي أعد هذه الدراسة بزيارة إلى سنغافورة اطلع فيها ميدانياً على تجربة هذه الدولة محط اهتمام جهات عالمية عديدة والتقى مطولاً بمسئولي الشركات الحكومية المكلفة بإدارة الفوائض المالية فيها ، وتمت الاستفادة من العديد من الجوانب الإيجابية التي تحققت في هذه التجارب عند محاولة اقتراح سبل لتطوير أساليب إدارة وتوظيف الفوائض المالية في المملكة .
وتناولت الدراسة الميزانية العامة للدولة باعتبارها المصدر الأساسي للفوائض المالية العامة،و تقييم الآليات المستخدمة في استثمار الفوائض المالية العامة (الحكومية)،واستعراض بعض التجارب في استغلال الفوائض المالية ،واقتراح منهجية متكاملة لتحسين إدارة هذه الفوائض وتنميتها.
وتوصل فريق الدراسة إلى أن من إيجابيات سياسة استخدام الفوائض المالية توجيه جانب كبير من الفوائض لإصلاح اختلال اقتصادي بارز يتمثل بالدين العام الذي اضطرت الدوائر المالية للدولة للجوء إلية حيث استخدم جزء من الفوائض في خفض مستوى سداد الدين العام وإزاحته وتوالى هذا الخفض عدة سنوات حتى وصل إلى مستوى مأمون لا يتجاوز 28في المئة من الناتج المحلي الإجمالي . بالإضافة إلى توجيه جزء آخر من الفوائض لدعم الصناديق المتخصصة وبشكل خاص صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية العقارية وصندوق التنمية الصناعية لتمكينها من زيادة رؤوس أموالها وتقديم المزيد من الخدمات التمويلية للمنشآت الإنتاجية والخدمية .
أما سلبيات استخدام فوائض الميزانية فقد فريق الدراسة في خمس نقاط تضمنت غياب المفهوم المحدد للفوائض المالية, إذ لم يوضع أي تعريف أو قاعدة أو حتى إجراء محدد تسير عليه وزارة المالية في التعامل مع الفوائض وظل الفائض مجرد الفرق بين الإيرادات الفعلية والنفقات الفعلية حيث ترافق ذلك مع تعاظم الإنفاق الجاري عاماً بعد آخر محققاً زيادة بمقدار (43في المئة) في الفترة من عام 2000 إلى عام 2005م عن الفترة (1993-1999م) مستنفذاً نسبة 76,25في المئة من إجمالي نفقات الميزانية و76.84في المئة من الإيرادات النفطية بحيث لم يترك الإنفاق الجاري سوى 23.84في المئة من الإيرادات النفطية لكل من الإنفاق الرأسمالي والفوائض المالية مجتمعين،عدم وجود أي طريقة محددة لاحتساب أو تقدير الفائض،قيام وزارة المالية بتوظيف الجانب الأعظم من هذه الفوائض عن طريق مؤسسة النقد وصندوق الاستثمارات العامة ليقوما باستثمارها،استثمار معظم الفوائض المالية المتاحة الموضوعة تحت تصرف مؤسسة النقد في ودائع في بنوك خارجية أو شراء أوراق مالية خارجية, وهناك مؤشرات أن معظم الدول التي تستثمر فوائضها في مثل هذه الاستثمارات وخصوصاً سندات الخزينة الأمريكية إلى تدني العائد من هذه الاستثمارات بحيث تتراوح بين 3-5 في المئة هذا عدا ضعف الآثار الإيجابية للاستثمارات الخارجية في الاقتصاد السعودي،و غياب الإستراتيجية الواضحة المحددة للتعامل مع الإيرادات النفطية والإيرادات غير النفطية وللتعامل مع الإنفاق الجاري والرأسمالي وبقاء الفوائض المالية حصيلة لما يفيض من الإيراد الفعلي عن الإنفاق الفعلي دون أي اعتبار آخر .
و قد اطلع فريق الدراسة على عدد من التجارب الناجحة للاستفادة منها عند صياغة أسلوب إدارة الفوائض المالية وتوظيفها في السعودية، حيث شملت الدراسة تجربة صندوق الأجيال القادمة في الكويت، و تجربة جهاز أبوظبي للاستثمار،وصندوق بترول النروج، و شركة حكومة سنغافورة للاستثمارات الخاصة المحدودة، و الخزانة الوطنية في ماليزيا،تجربة الصين المشابهة لتجربة ماليزيا.
واستخلصت الدراسة من تجارب الدول التي اطلعت عليها أن المصرف المركزي لا يقوم عادة بالعمل كذراع استثماري للدولة ولا تقوم الإدارات أو المنظمات التي تدار بالأسلوب الحكومي بإدارة هذه الاستثمارات, والنموذج الأكثر تطبيقا هو تأسيس شركات وفق للنظام السائد في البلد على أن تعمل مثل باقي الشركات الأخرى باستثناء تملك الدولة لكامل الأسهم ، لتقوم بدور الجهاز الاستثماري للدولة والقوة الموجهة للاستثمار ، على أن تخضع للعلنية والشفافية وحوكمة الشركات وتدقيق الحسابات الخارجية وإدارة الاستثمار وفق قواعد الاستثمار التجاري البحت.
وخلصت إلى أن شركة واحدة فقط لا تقوم بمسؤولية إدارة موارد الدولة بل يتم تأسيس شركة استثمارات في الوسائل والمنتجات المالية وشركة استثمارات في إدارة الأصول وتملكها، بالإضافة إلى تأسيس الشركات الجديدة .بالإضافة إلى أنه ليس هناك من تناقض بين ملكية الدولة لكامل رأسمال الشركة الاستثمارية الحكومية إضافة إلى تعيين مجلس إدارتها (شريطة أن يكونوا من الخبراء والمتفرغين) وبين انطلاق هذه الشركة في السوق المحلي والسوق العالمي باحثة عن الفرص الاستثمارية .
كما تتم معاملة مسئولي ومديري ومجلس إدارة هذه الشركات باعتبارهم موظفي قطاع خاص وأن يحصلوا على مكافأة مجزية لأعمالهم حتى ولو كانت نسبة بسيطة من الأرباح كما تعمل الشركة وفقا لآليات القطاع الخاص .و تشكل هذه الشركات من خلال عوائد الاستثمار الذكي مصدر دائم وقوي لتغذية الميزانية العامة.كما تعتبر هذه الشركات أداة قادرة على إنشاء شراكات اقتصادية مع شركات اقتصادية عملاقة ورائدة في مجالها على المستوى العالمي .كما تدل تجربة الصين بوضوح على أن الاستثمار في سندات الخزينة ليس هو الطريق الأفضل بل ربما كان هو الطريق الأقل جدوى استثمارياً .