منتدى الرياض الاقتصادي.. الشفافية طريق العالمية

علي الشدي

نتحدث كثيرا في السنوات الأخيرة عن "الشفافية" ولكن هذا الحديث يظل شعارا يرفع ويردد في الخطب الرنانة ما لم يدعم بالأرقام والحقائق والمقارنات التي تخدم الغرض ولا تصل إلى حد التجريح أو الاتهامات أو التشكيك، وإنما تلتزم بالمهنية والموضوعية التي أعدت في ضوئها وبموجبها ورقة "تطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها" التي ألقيت في منتدى الرياض الاقتصادي الثالث منذ ثلاثة أيام.. تلك الورقة التي جاء الإعلان عن تأسيس شركة لاستثمار الفوائض المالية تابعة لصندوق الاستثمارات العامة كخطوة استباقية لها ولكن ذلك لم يؤثر في مستوى الاهتمام بالورقة ولا في حماس مناقشها الرئيسي والوحيد الدكتور عبد الله صادق دحلان.
وبالعودة إلى المنتدى.. والورقة.. أقول إن منتدى الرياض شق طريقه إلى العالمية عبر طريق يختلف عن المؤتمرات والمنتديات التي تقام هنا وهناك وتعتمد على دعوة المشاهير من رجال السياسة المتقاعدين للظهور في إعلانات الدعوة وحفل الافتتاح. أما منتدى الرياض فقد ركز أولا على القضايا التي تمس الشأن المحلي مباشرة وبشفافية غير مسبوقة كما دعم كل دراسة تعد بخمس تجارب عالمية مما جعل وسائل الإعلام ترسل وفودا لتغطية المنتدى. وحتى لو لم تطرح في منتدى الرياض الثالث غير الورقة التي أشرنا إليها فإنها تكفي، ولذا قلت في مكالمة للدكتور محمد الكثيري أمين عام المنتدى.. أهنئكم بنجاح المنتدى الورقة. ولكنه اعترض موضحا أن الأوراق الأخرى المطروحة مهمة أيضا.. ووافقته على ذلك. لكن ورقة (الفوائض المالية) تظل هي الأهم والأقوى والأكثر شفافية وموضوعية ومهنية. ولو كان هناك جائزة لحسن اختيار الموضوعات أو جودة الإعداد لاستحق الفريق الذي عمل على هذه الورقة أولى الجوائز بإجماع كل المختصين الذين استمعوا بفرح إلى المهندس أحمد الراجحي وهو يلقي الضوء على جوانب من الورقة، ومر الوقت دون ملل أو شعور بالإطالة لأن الحديث مدعوم بالأرقام والحقائق والمقارنات ولأن ذلك هو المؤشر الحقيقي على أننا نسير في الطريق الصحيح الذي رسمه قائد المسيرة عبد الله بن عبد العزيز، المؤكد دائما على الصراحة والوضوح والموضوعية.
ولقد تعمدت عدم إيراد مقتطفات من الدراسة في هذا المقال لأنها بجميع أجزائها مهمة للغاية.. ويمكن الدخول على موقع منتدى الرياض الاقتصادي للاطلاع عليها كاملة.
المؤمل أن تجد توصيات المنتدى التي بنيت على دراسات موثقة صرف عليها الكثير من الجهد والوقت والمال الاهتمام والمتابعة كما كان الحال بالنسبة للمنتديين الأول والثاني ليصدر عنها ومنها قرارات لخير الوطن والمواطن.

المواطن الخليجي.. القطار أهم من توحيد العملة
اجتمعت في الدوحة يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين قمة مجلس التعاون الخليجي.. وقد فرح المواطن الخليجي بدعوة الرئيس الإيراني لحضور افتتاح القمة ليسمع منه ما يطمئن حول أمن المنطقة واستقرارها ولكن الفرحة لم تتم لأن الضيف العزيز أغفل متعمدا الملفين الأكثر أهمية وسخونة وعلاقة بالأمن والاستقرار، وهما الملف النووي.. وملف الجزر الإماراتية. وركز على إلغاء التأشيرات والسياحة النزيهة.
وبعيدا عن حفل الافتتاح.. ناقش الزعماء موضوعات اقتصادية مهمة، لكن مشروع ربط دول الخليج بشبكة قطارات مدعومة من الحكومات في ظل وفرة الفوائض المالية نتيجة ارتفاع أسعار البترول لم يجد الاهتمام اللازم.. مع أن المواطن الخليجي يرى أن الخطوة أهم بكثير من توحيد العملة الخليجية التي قد يقبل بها بعض الدول ويعتذر عنها البعض. ومعروف أن توحيد العملة لم تصل إليه السوق الأوروبية المشتركة إلا أخيرا بعد الانتهاء من الخطوات الأهم، ومنها الربط بالقطارات السريعة وبعض هذه الدول الأوروبية لم يقبل بعملة "اليورو" حتى الآن.
وأخيرا.. إن صعوبة انتقال الأشخاص والبضائع بين دول المجلس تشكل عقبة كبيرة لابد من حلها لكي تنساب التجارة والسياحة بين دول المجلس بسهولة ويسر.. ولم يتمكن المواطن من ذوي الدخل المحدود وصاحب الأسرة الكبيرة من السياحة في دول الخليج العربي دون إيجاد شبكة للقطارات تؤسس لها شركة قوية وتدعم من الحكومات كما ذكرت من قبل.. فهل يحقق قادة الخليج هذه الأمنية لشعوبهم للتخلص من عناء السفر بين المطارات وبتكاليف عالية رغم قصر المسافات؟!