اقتصاد

السعودية:معالجة أزمة ارتفاع الأسعار بالفتوى بعد أن فشل الاقتصاد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

علماء الدين يرونها من أسباب الذنوب والمعاصي
السعودية:معالجة أزمة ارتفاع الأسعار بالفتوى بعد أن فشل الاقتصاد

قبول الهاجري من الرياض
أخذت مطالبات مواطنو السعودية في الحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومختلف السلع منحاً جديداً، فبعد أن طُرقت أبواب الأزمة اقتصاديا ومحلياً،حان الدور على طبقة علماء الدين للتدخل في الحد من ارتفاع الأسعار، في بيان قد يكون أشبه بالفتوى"المبطنة".
وقد نشر أحد المواقع الإلكترونية المحسوبة للتيار الديني في السعودية بياناً موقعاً من تسعة عشر عالماَ، اشتهروا بإعلان بيانات مماثلة، مطالبين فيه ولاة الأمر والتجار وعموم المواطنين بالتكاتف للخروج من الأزمة التي أرهقت الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وأشبعت الطبقة الغنية من أفراد الشعب بالإحباط مع تزايد تكاليف المعيشة اليومية على حساب "الرفاهية المترفة" التي يحظى بها أبناء هذه الطبقة في الإجازات والعطلات،على الرغم من الرصيدين النقدي والنفطي اللذان تتمتع بهما "إمبراطورية النفط" منذ عقود.
وقال الموقعون في بيان نشره موقع المسلم والذي يشرف عليه عالم الدين الوهابي ناصر العمر،واحد الموقعين على البيان أن "ما يقع من ارتفاع للأسعار والغلاء في المعيشة له أسبابه ومن أعظم الأسباب الذنوب والمعاصي التي يجاهر بها العباد وبخاصة منع الزكاة والتعامل بالربا والغش والتدليس في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها من الذنوب المؤذنة بنزول العقوبات الشديدة وحصول الشدائد المديدة وذهاب البركات أو نقصها"،مستندين على ذلك بعدد من الآيات القرآنية.
ونوه البيان إلى أن أزمة ارتفاع الأسعار وبخاصة المواد الأساسية التي هي من ضرورات الناس سوف يترتب عليها انعكاسات سلبية على جميع المستويات،لأنها بحسب البيان"من دواعي انتشار السرقات ووجود الشحناء والضغائن بين الغني والفقير".كما شدد البيان على دراسة أسباب هذه الأزمة والسعي في علاجها كل بحسب طاقته وقدرته وإمكاناته وكل بحسب موقعه ومسؤوليته.
وفي رسائل منفصلة لأطراف الأزمة وذوي العلاقة،طالب الموقعون أولياء الأمر بدعم السلع الأساسية التي يحتاج إليها الناس مثل الأدوية والمواد الغذائية والأعلاف بحيث تحافظ على سعرها وتكون في مقدور عموم الناس،وصرف مبلغ مقطوع لكل مولود يساعد على تخفيف التكاليف المناطة بولي الأسرة،و مساعدة الأسر المحتاجة وبالذات الذين ليس لهم مورد ثابت أو رواتب والتوسع في إقامة جمعيات البر وكذا تسديد ديون المعدمين،و مراقبة التجار والأخذ على يد من يستغل ارتفاع الأسعار فيزيد أكثر من الواقع أو يرفع أسعار سلع لم ترتفع في بلد المصدر أو يحتكر المواد في مخازنه ويستغل ذلك في رفع الأسعار،وإعادة النظر في رسوم بعض الخدمات كالكهرباء وتأشيرات العمالة المنزلية وغيرها،و معالجة مشكلة السكن التي يعاني منها نسبة كبيرة من الناس من خلال تخطيط المدن وتوزيع المخططات على المحتاجين ودعم صندوق التنمية العقاري ودعم مواد البناء .
كما حذر الموقعون في رسائل موجهة إلى التجار من احتكار للسلع وحبسها في المستودعات مع حاجة الناس لها مما يرتفع معها الأسعار، والبعد عن المعاملات المحرمة كالغش والربا والتدليس،كما حثوا عموم التجار على التيسير للناس و انظار المعسرين ومراعاة الفقراء والمساكين.
وعلى الرغم من الخطاب الديني الذي ساد البيان إلا أنه أسفر عن بعد اقتصادي طالب به المختصون في الشأن الاقتصادي على مدار الأشهر الماضية،إلا أنه قوبل باستنكار ورفض شديدين من قبل المواطنون. وكان البيان في الرسائل التي وجهها للمواطنون قد حث على ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، و التحرر من أسر العادات والنمط الغذائي الاستهلاكي ، والتركيز على القيمة الغذائية، مع توفر البدائل وتفاوت الأسعار.

نص البيان:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد:
فإن ما يحصل للأمم والشعوب من الشدة والرخاء والسراء والضراء كل ذلك بقدر الله تعالى القاهر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء وهو سبحانه القابض الباسط الرازق المسعّر .
وله تعالى في كل ذلك حكم بالغة ومن ذلك ابتلاء العباد ليظهر صبرهم وشكرهم كما قال تعالى : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) وقال تعالى عن نبيه سليمان : ( هذا من فضل ربي ليبلوني أأصبر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني كريم ) .
وقد جعل الله لما يحصل أسباباً، وربط المسببات بأسبابها ، على مقتضى سنن وحكم له سبحانه وتعالى في خلقه، فمراعاة الأسباب والسنن التي جعلها الله في هذا الكون مقتضى شرعه ومن ذلك قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}(الرعد: 11)وما يقع من ارتفاع للأسعار والغلاء في المعيشة له أسبابه ومن أعظم الأسباب الذنوب والمعاصي التي يجاهر بها العباد وبخاصة منع الزكاة والتعامل بالربا والغش والتدليس في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل وغيرها من الذنوب المؤذنة بنزول العقوبات الشديدة وحصول الشدائد المديدة وذهاب البركات أو نقصها، قال الله تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل:112) ، وقوله تعالى :{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:41) وفي المقابل قال الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} (نوح:10-12) .
ولا شك أن الواقع في هذه الأيام يشهد ارتفاعاً في الأسعار وبخاصة المواد الأساسية التي هي من ضرورات الناس وهذا شيء مؤلم حقاً يجب أن تدرس أسبابه ويسعى في علاجه كل بحسب طاقته وقدرته وإمكاناته وكل بحسب موقعه ومسؤوليته .
إن هذه الأزمة لها آثار سلبية على جميع المستويات ، لأنها من دواعي انتشار السرقات والغش والسطو ووجود الشحناء والضغائن بين الغني والفقير.
إن حجم التذمر والاستنكار لدى الناس ليس بخاف هذه الأيام على أحد . وقد تترك هذه الأزمة آثاراً نفسية خطيرة على بعض النفوس التي تشعر بالمعاناة في تأمين المعيشة والوفاء بالاحتياجات الضرورية ومتطلبات من يعولون .
وإننا في هذا الظرف الذي يزداد فيه ارتفاع الأسعار يوماً بعد يوم نوجه الرسائل التالية إلى :
أولاً: ولاة الأمر والمسئولين وفقهم الله :
نذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، وقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به" فعلى ولاة الأمر أن يسعوا في معالجة هذه الأزمة بما يخفف على الناس معاناتهم ويزيل شدتهم وهذه بعض المقترحات التي نظن أنها تساهم في تخفيف آثار هذه الأزمة :
bull; دعم السلع الأساسية التي يحتاج إليها الناس مثل الأدوية والمواد الغذائية والأعلاف بحيث تحافظ على سعرها وتكون في مقدور عموم الناس.
bull; صرف مبلغ مقطوع لكل مولود يساعد على تخفيف التكاليف المناطة بولي الأسرة وهذه سياسة إسلامية قديمة وهي مطبقة في دول عديدة بصور شتى. وقد خصص عمر رضي الله عنه رواتب ثابتة للمواليد والأطفال الصغار فجعل للمولود أول ما يولد مائة درهم فإذا ترعرع جعلها مئتين فإذا بلغ زاده. - رواه أبو يوسف في الخراج وأبو عبيد في الأموال).
bull; مساعدة الأسر المحتاجة وبالذات الذين ليس لهم مورد ثابت أو رواتب والتوسع في إقامة جمعيات البر وكذا تسديد ديون المعدمين والمنكوبين فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان لنا عاملا فلم يكن له زوجة فليكتسب له زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب له خادماً فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكناً من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق" - رواه أبو داود والحاكم وصححه السيوطي والألباني . وكان عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - إذا بقي زيادة في بيت المال سدد بها عن المدينين ودفع منها لمن أراد الزواج من الأبكار (الأموال لأبي عبيد 265).
bull; مراقبة التجار والأخذ على يد من يستغل ارتفاع الأسعار فيزيد أكثر من الواقع أو يرفع أسعار سلع لم ترتفع في بلد المصدر أو يحتكر المواد في مخازنه ويستغل ذلك في رفع الأسعار.
bull; إعادة النظر في رسوم بعض الخدمات كالكهرباء وتأشيرات العمالة المنزلية وغيرها.
bull; معالجة مشكلة السكن التي يعاني منها نسبة كبيرة من الناس من خلال تخطيط المدن وتوزيع المخططات على المحتاجين ودعم صندوق التنمية العقاري ودعم مواد البناء .

ثانياً: التجار بارك الله فيهم ولهم :
عليهم أن يتقوا الله تعالى ويراقبوه،ونذكرهم بقوله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد"، كما نذكرهم بما يلي :
1. الحذر من الاحتكار للسلع وحبسها في المستودعات مع حاجة الناس لها مما يرتفع معها الأسعار وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتكار وقال [ لا يحتكر إلا خاطئ ].
2. البعد عن المعاملات المحرمة كالغش والربا والتدليس ونحوها لما لذلك من أثر في محق البركات مع التذكير بواجب الصدق والأمانة كما قال صلى الله عليه وسلم "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما"رواه مسلم.
3. التيسير على الناس وانظار المعسرين ومراعاة الفقراء والمساكين.

ثالثاً: عموم الناس :
إن الذنوب من أعظم الأسباب في حصول القحط والغلاء والوباء وغير ذلك من البلاء فننصحهم بالتالي:
bull; التوبة الصادقة النصوح من جميع الذنوب وبخاصة الربا الذي هو من كبار الذنوب وتهاون بعض الناس فيه على خطورته ومحقه بركة الرزق .
bull; ضرورة أداء الزكاة في وقتها وعدم التهاون في ذلك،فهي الركن الثالث من أركان الإسلام، وقد قاتل أبوبكر رضي الله عنه مانعيها .
bull; ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، فقد قال تعالى { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}(الأعراف: 31 )
bull; التحرر من أسر العادات والنمط الغذائي الاستهلاكي ، والتركيز على القيمة الغذائية، وعلى كل حال فالبدائل كثيرة ومتوفرة ومتفاوتة في الأسعار.
bull; تذكر نعمة الله علينا حيث أن ارتفاع الأسعار فرصة للمراجعة ومواساة المحتاجين من المسلمين، والتعاون في رفع هذه الأزمة والتخفيف من آثارها.

ونختم هذه الرسائل بتذكير كل من يستطيع أن يؤدي دوراً في حل هذه الأزمة والتخفيف منها أن يقوم بواجبه وبخاصة الجهات المعنية بالمجتمع واحتياجاته فنناشد العلماء ومجلس الشورى ووزارة التجارة وبخاصة حماية المستهلك، والمجالس البلدية، والجمعيات والمؤسسات الخيرية والخطباء ورجال الأعمال أن يقوموا بواجبهم فإن المجتمع ينتظر منهم الكثير.
نسأل الله تعالى أن يرحم هذه الأمة ويرفع عنها الغلاء والوباء والربا والزنا والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يمنّ علينا بشكر نعمه وأداء حقوقه علينا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

السبت 28/11/1428هـ


أسماء الموقعين على البيان
1. فضيلة الشيخ/ عبدالله بن محمد الغنيمان (رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية سابقاً (
2. فضيلة الشيخ/ سليمان بن وايل التويجري (الأستاذ بجامعة أم القرى)
3. فضيلة الشيخ/ عبدالله بن حمود التويجري (رئيس قسم السنة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً)
4. فضيلة الشيخ/ ناصر بن سليمان العمر (وكيل كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً والمشرف العام على موقع المسلم)
5. فضيلة الشيخ/ عبدالله بن ناصر السليمان(المفتش القضائي بوزارة العدل بالرياض)
6. فضيلة الشيخ/ خالد بن عبد الله الشمراني (أستاذ الفقه المشارك بجامعة أم القرى)
7. فضيلة الشيخ/ عبدالعزيز بن محمد آل عبداللطيف (عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود)
8. فضيلة الشيخ/ أحمد بن سعد بن غرم الغامدي (عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالباحة)
9. فضيلة الشيخ/ أحمد بن عبدالله شيبان (المعلم في منطقة عسير سابقاً)
10. فضيلة الشيخ/ عبدالعزيز بن سالم العمر (إمام وخطيب جامع الحبيشي بالرياض)
11. فضيلة الشيخ/ عبدالرحيم بن صمايل السلمي (عضو مركز الدعوة والإرشاد بجدة)
12. فضيلة الشيخ/ عبدالحميد بن عبدالله الوابل (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد)
13. فضيلة الشيخ/ محمد بن عبدالعزيز اللاحم (مشرف تربوي وخطيب جامع)
14. فضيلة الشيخ/ عبدالله بن صالح البراك (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود)
15. فضيلة الشيخ/العباس بن أحمد عبدالفتاح الحازمي (مدير المعهد العلمي بصبيا سابقاً)
16. فضيلة الشيخ/أحمد بن حسن بن محمد آل عبدالله (الموجه في تعليم عسير سابقاً)
17. فضيلة الشيخ/ سعد بن علي العمري (المعلم في منطقة عسير سابقاً)
18. فضيلة الشيخ/ عبدالله بن إبراهيم الريس (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود)
19. فضيلة الشيخ/ إبراهيم بن محمد الجارالله (مفكر وكاتب إسلامي بالمنطقة الغربية)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
احسنت ايلاف..
محمد سعد -

احسنت ايلاف بنشرها نص البيان حتى يتمكن القراء من الإطلاع عليه بدلا من ايجازه عليهم بطريقة قد تخالف فكرته الأساسية او تغير فيها... مزيدا من التميز يا ايلاف.