الجزائر تطلق 6 مشاريع كبرى للطاقات المتجددة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: في بلد تقدر احتياطياته من المحروقات القابلة للاستخلاص، نحو 3511, مليار متر مكعب من البترول الخام، و4550 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، تعتزم الجزائر إطلاق ستة مشاريع كبرى لاستغلال الطاقات المتجددة الحيوية في غضون المرحلة القليلة القادمة، ما من شأنه ضمان إنتاج 6 آلاف تيراواط من الطاقات المتجددة العام 2015، ورصدت لهذه المشاريع مخصصات ضخمة فاقت 1.1 مليار دولار، بعدما أكدت دراسات قدرة الجزائر على إنتاج 170 تيراواط في الساعة من الطاقة المتجددة، وهو ما يجعل من الجزائر أول دولة متوسطية من حيث إمكانيات إنتاج الطاقة عبر استغلال الطاقة الشمسية وباقي الموارد المتجددة الأخرى.
وتأتي الخطوة بعد قرع خبراء الاقتصاد أجراس الإنذار، وإجماعهم على حتمية عدم نوم الجزائر في العسل على خلفية حصدها لفوائض معتبرة في العامين الأخيرين بسبب ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، لأنّ السيناريو مستحيل الاستمرار كما الثروة النفطية، حتى لا يتم رهن أفق البلد ومعه مستقبل الأجيال القادمة، لاسيما بعد تحدث تقارير عن نضوب غير بعيد لاحتياطات الجزائر النفطية، إذ يرتقب أن تكفي لثماني عشرة سنة فقط، ما معناه زوال مقوم أساس للرخاء الاقتصادي والتنمية المستدامة بحلول العام 2026.
وعلى هذا شرع في التفكير بشكل يكفل تحرير اقتصاد البلاد من هيمنة المحروقات التي تسيطر على نحو 98 بالمئة من منظومة الإيرادات العامة في البلد، حيث تريد السلطات هناك التأسيس لنمط اقتصادي جديد يستغل ما هو متاح هناك من طاقات متجددة تستطيع ليس فقط تحقيق أرباح طائلة من وراء العملية، بل تضمن اكتساح الأسواق الخارجية لاسيما الأوروبية، لما تمتلكه الجزائر من مياه ورياح، وطاقة شمسية وكتل حيوية على غرار الأمواج والحرارة الجوفية، تجعلها مؤهلة للتكيف مع حجم الطلب العالمي الذي ينتظر وصوله إلى ستة آلاف ميغاوات شمسي بحلول 2020.
"إيلاف" تتناول في هذا التحقيق، معالم هذا المشروع الطاقوي المتجدد الذي تراهن الجزائر من خلاله على التحول إلى قوة اقتصادية أولى بحلول العام 2050.
إنتاج الكهرباء و تحلية مياه البحر
أولى المشاريع المدرجة برسم الشوط الـمقبل (2008/ 2009)، تقوم على بدء مشروعين مهمين الأول يتعلق بإنتاج الكهرباء النووية والثاني بتحلية مياه البحر باستعمال الطاقة النووية، وقال مصدر مطلع لـ"إيلاف"، إنّ الجزائر التي تمتلك مفاعلين نووين الأول يسمى ''نور'' والثاني"سلام"، ومحافظة للطاقة النووية (كومينا)، تحضّر لتصبح بلدا منتجا للكهرباء وكذا تحلية مياه البحر، علما أنّ الجزائر التي تعد ثاني أهم دولة في إنتاج الطاقة النووية في إفريقيا، بعد جنوب إفريقيا، يمكنها أن تؤمن كل احتياجات أوروبا من الطاقة الكهربائية التي مصدرها الطاقة الشمسية خلال الـ40 سنة القادمة.
وتسعى الجزائر إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية كمكمّل للغاز، عبر توفير 34 طاقة شمسية لإنتاج الكهرباء على مدار السنة، بهذا الصدد، أفاد الرئيس والمدير العام للشركة الجزائرية للطاقة المتجددة توفيق حسني، إنّ ثمة مشاريع أخرى لإنتاج 400 ميغاواط من الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية في مناطق "المغيّر"، "حاسي الرمل" و"النعامة" الواقعة جنوب الجزائر، مشيرا إلى أنّها ستضمن تحلية 120 مترا مكعبا من المياه يوميا، إضافة إلى إنتاج 150 ميغاواط من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية والغاز، في منطقة حاسي الرمل الجنوبية عن طريق استغلال طاقة الرياح في ضواحي تندوف وتيميمون وبشار.
وأفاد المسؤول الجزائري، في تصريح لـ"إيلاف"، إنّ دراسات معمقة توقعت أن تكون الجزائر بحاجة إلى الانتقال من استهلاك 25 تيراواط في الساعة من الطاقة المتجددة إلى 74 تيراواط قبل انقضاء العشر سنوات المقبلة وهو ما يعادل مخزون 10 حقول من البترول والغاز، وبحسب الدراسة ذاتها، فإن توفير هذه الكمية اللازمة من الطاقة المتجددة الضرورية في مجال إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر، والمرشحة كبديل للبترول مستقبلا، سيكفل رفع الاستهلاك الجزائري من الغاز إلى حدود 37 مليار متر مكعب.
كما شرعت الجزائر في استغلال طاقة الرياح، وهي نوع يرتقب أن يدر عليها أموالا طائلة تقدر بـ3 ملايين يورو سنويا، بجانب تدشين أول محطة نموذجية لتدوير النفايات شمال البلاد، تقوم بتدوير 65 بالمئة من مجموع النفايات، تذهب 25 بالمئة منها لإنتاج الطاقة، في حين تبقى 10 بالمئة منها مرشحة للاستعمال في أغراض صناعية ليتم القضاء عليها نهائيا، كما انطلق مشروع خاص بالشرائح الخاصة بتوليد الطاقة الشمسية بحديقة "الرياح الكبرى" في العاصمة.
تفعيل الطاقة الهجينة في الواجهة
تبعا لامتلاكها أكبر نسبة من الطاقة الشمسية على مستوى البحيرة المتوسطية بمقدار يربو عن أربع مرات مجمل الاستهلاك العالمي للطاقة، ما يعادل 37 ألف مليار متر مكعب من الغاز في السنة، شرعت الجزائر في إنشاء محطة للطاقة الهجينة تعدّ الأولى من نوعها على مستوى العالم، تعمل بالمزج بين الغاز والطاقة الشمسية، ومن المنتظر أن تدخل المحطة حيز الاستغلال بحلول سنة 2010، قبيل إنشاء ثلاث محطات أخرى للطاقة الهجينة بقوة أربعمائة ميغاواط شمسي، ستكون موجهة للاستهلاك المحلي فحسب.
ويلتقي الخبيران الاقتصاديان عبد الرحمان مبتول وأرسلان شيخاوي، في كون تطوير الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء، سيمنح الفرصة لحماية مخزون الجزائر من الغاز، لأنّ استعمال الأخير في إنتاج الكهرباء، سبّب متاعب إضافية للجزائر واستنزف 48 بالمئة من احتياطي الطاقة الغازية، لذا صار اعتماد الطاقة الشمسية هو الحل الأمثل، خصوصا بعد ارتفاع تكلفة الكهرباء المنتجة بالغاز، علما أن مقدار الاستهلاك الطاقوي في الجزائر يتراوح ما بين 25 إلى 30 ألف ميجاواط سنويا من المحروقات، في وقت يمكن الجزائر الاعتماد على 9.13 ألف ميغاواط في السنة كطاقة ناتجة من الخلايا الشمسية.
50 مليون دولار لتصنيع أولى الخلايا الشمسية
خصصت السلطات الجزائرية 50 مليون دولار، لتصنيع أولى الخلايا الشمسية بنهاية العام القادم، وسيمكّن الانجاز حال تحقيقه من إحلال واردات هذه المواد التي كانت تستوردها الجزائر من الخارج بأخرى مصنّعة داخل البلد، تمهيدا لتوسيع دائرة استخدام الطاقة الشمسية والإعداد لتصدير الطاقة الكهربائية إلى الضفة الشمالية للمتوسط خلال الثماني سنوات القادمة.
وستغدو السنة الجديدة 2008 حاسمة في تطوير الشراكة التكنولوجية والصناعية مع الشروع في تركيب اللوحات الشمسية وتخفيض كلفة التصنيع، قبل الوصول إلى التصنيع الكامل للخلايا الشمسية، بما يتيح التعاطي مع المخزون الطاقوي الجزائري الضخم من الطاقة الشمسية والمائية (تزيد عن 44,169 ألف ميغاواط في السنة).
استغلال 30 ألف طن من اليورانيوم بحلول 2012
اعتبارا لامتلاكها أهم مناجم اليورانيوم في المنطقة الإفريقية والمتوسطية، مرتبة مهمة في برنامج الجزائر الإنمائي العام، حيث تخطط لاستغلال 30 ألف طن من اليورانيوم بحلول سنة 2012، وقال وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل لـ"إيلاف"، إنّ العملية رصدت لها الحكومة الجزائرية نحو 150 مليون دولار للمشروع، وأوعز الوزير إنّ السلطات تعتزم الاعتماد على مادة اليورانيوم الحيوية في مضاعفة توليد وإنتاج الطاقة الكهربائية، داعيا المتعاملين الأجانب للاستثمار في هذا النوع المبتكر، من خلال مباشرة ومضات تشاركية مع المؤسسات الجزائرية، لاسيما في منطقتي تمنراست وتندوف الجنوبيتين، حتى تتم ترقية حجم الإنتاج الحالي الذي لم يتعدّ بضعة آلاف من الأطنان في السنوات المنقضية، ومن شأن الارتقاء باستغلال اليورانيوم، أن تكون لها آثار إيجابية على دعم احتياطي الصرف الجزائري دخلها من العملة الصعبة، والتخلّص من شبح الاعتماد المفرط للبلد على البترول في شتى صادراته.
وإذا كانت 30 ألف طن من اليورانيوم غير كبيرة كونها لا تكف لتسيير محطتين لتوليد الكهرباء بسعة ألف ميغاواط سنويا على مدار 40 سنة، فإنّ فتح الجزائر المجال أمام استكشاف اليورانيوم واستغلاله، سيمكن من تحقيق إحرازات مهمة.