اقتصاد

الاسواق تترنح تحت وطأة ارتفاع أسعار الحبوب والغذاء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

شيكاغو : من المنتظر أن تواصل أسعار الحبوب العالمية المرتفعة دفع التضخم في أسعار السلع الغذائية في العام المقبل مع تزايد الطلب من الصين والهند وظهور ضيف جديد هو الوقود الحيوي الذي ينذر بأن يتحول الى أكثر المستهلكين للحبوب شراهة.

واذا نظرنا الى عامل واحد أو عاملين من العوامل المجهولة في رسم صورة امدادات الحبوب مثل خسائر طارئة في المحاصيل نتيجة ظروف جوية أو نقص المياه اللازمة للري فمن السهل تفهم المخاوف التي تهز العديد من الدول المستهلكة الان من التضخم في أسعار المواد الغذائية.

فالامن الغذائي من الامن الوطني.

ويقول بيل لاب الاقتصادي السابق بشركة كوناجرا فودز العملاقة للاغذية ان أسعار المواد الغذائية تتحرك الان الى مستوى جديد في عملية أشبه بما حدث نحو عام 1914 وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ثم مرة أخرى في السبعينات.

ويربط لاب الذي يرأس شركة أدفانسد ايكونوميك سوليوشنز الاستشارية ارتفاع أسعار السلع الاولية بالنمو الاقتصادي العالمي وضعف الدولار واستخدام الذرة في انتاج الايثانول لاستخدامه كوقود.

ويضيف أن هذه العوامل "تضافرت لدفعنا الى فترة من الزمن سنشهد فيها أسعارا أعلى للسلع الاولية مثلما حدث لنا بالضبط ثلاث مرات خلال القرن العشرين."

وفي عام 2007 ارتفعت الاسعار ببورصة مجلس شيكاجو للتجارة وهي أسعار القياس العالمية للقمح والذرة والارز وفول الصويا رغم حصاد محاصيل وفيرة في الولايات المتحدة.

فزادت أسعار القمح بنسبة 90 في المئة وفول الصويا بنسبة 80 في المئة والذرة بنسبة 20 في المئة. والاسعار الامريكية لها أهميتها لان الولايات المتحدة مازالت سلة الغذاء بالنسبة للعالم اذ أنها أكبر مصدر منفرد للحبوب.

وقال لاب "ارتفاع أسعار السلع الاولية هنا سيكون له أثره على أسعار الغذاء في مختلف أنحاء العالم."

ومخزونات الحبوب العالمية من المؤشرات التي تراقبها الاسواق عن كثب أكثر حتى من الاسعار الامريكية. وسيصل مخزون القمح الامريكي في العام 2008 الى أدنى مستوى له منذ 60 عاما ومخزون الشعير الى أقل مستوى منذ 42 عاما.

ومن المتوقع أن تنخفض المخزونات العالمية من البذور الزيتية بنسبة 22 في المئة في عام واحد.

وعملت موجات من الجفاف في المناطق ذات المناخ المعتدل بالاضافة الى طول فترات الجفاف في بعض الدول مثل استراليا على تغذية المخاوف من أن تكون التغيرات المناخية تركت أثرا طويل الاجل على انتاج الغذاء.

وقالت فيونا بول رئيسة أبحاث الاغذية والمشروعات الزراعية لدى مصرف رابوبنك "هذا الامر يفزع السوق. فبالنسبة لاسواق السلع الاولية يمكن لاي حدث كبير في الطقس أن يؤدي الى تراجع المخزونات بسرعة."

وأضاف لستر براون رئيس معهد سياسات الارض ومؤلف كتاب "من سيطعم الصين" الذي صدر عام 1995 "ما يحدث لامداداتنا من الحبوب يؤثر على الجميع.

"الامور بدأت فعلا تصبح شحيحة الان والدول المستوردة بدأت تقلق وبعضها ربما يكون قد أصابه شيء من الذعر لانها تحتاج لاستيراد الحبوب وليست متأكدة من وجود ما يكفي."

ويشير براون الى أن المخزونات العالمية من الحبوب انخفضت في سبع من السنوات الثماني الاخيرة.

ويقول "ستستمر الضغوط الصعودية على الاسعار. وأحد مخاوفنا هو أن يؤدي ذلك الى قلاقل اجتماعية واضطرابات سياسية متصاعدة في الدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط التي تستورد حصة كبيرة من استهلاكها من الحبوب."

وفي 17 ديسمبر كانون الاول قالت منظمة الاغذية والزراعة (فاو) في روما ان 37 دولة تواجه أزمات غذائية ودعت الى تقديم مساعدات لها.

وقالت المنظمة "أسعار الحبوب العالمية المرتفعة أثارت بالفعل أعمال شغب بسبب الغذاء في عدة دول."

والحبوب هي أساس منظومة الغذاء العالمية سواء من المواد النشوية (الكربوهيدرات) أو البروتينات من خلال العلف الذي تتغذى عليه الحيوانات المنتجة للحوم والالبان.

لكن دور الحبوب كعامل من عوامل التضخم ظل محدودا لعشرات السنين. فارتفاع الاسعار كان يمثل حافزا على التعجيل بزيادة المساحات المزروعة.

وتغيرت الصورة بالكامل مع بروز دور الهند والصين والوقود الحيوي.

وتقول فيونا بول من رابوبنك "نمو الدخل والزيادة السكانية في الصين والهند .. فهم يغيرون نظامهم الغذائي الى النمط الغربي."

واذا انتقلنا درجة أعلى في المنظومة الغذائية الى اللحوم سنجد أنها تمثل عاملا اضافيا لاستنزاف امدادات الحبوب لان انتاج كيلوجرام واحد من اللحوم مثلا يحتاج كيلوجرامات عديدة من العلف.

لكن الخطر الداهم على امدادات الحبوب هو الوقود الحيوي الذي أصبح محببا لدى المزارعين ورجال السياسة وأصحاب المشروعات الزراعية.

وسينتهي عام 2007 بتحويل نحو 24 في المئة من محصول الذرة القياسي في الولايات المتحدة الى ايثانول وهي نسبة يقول محللون انها قد ترتفع كثيرا عن 30 في المئة في غضون عامين بعد أن وقع الرئيس الامريكي جورج بوش قانون الطاقة الامريكي الجديد في 19 ديسمبر كانون الاول.

وقال براون "اذا حولنا انتاجنا بالكامل من الحبوب الى وقود للسيارات فانه سيلبي 16 في المئة من اجمالي احتياجاتنا من وقود السيارات. ولذلك فانه ليس حلا حقا."

وأضاف أن التاريخ سيصم قانون الطاقة الامريكي بأنه "من أعظم الماسي" لانه صدر في وقت ينام فيه أكثر من 800 مليون شخص في العالم وهم جوعى.

والسؤال هو هل يمكن لامدادات الحبوب أن تلبي الطلب المتصاعد.

على مدى عشرات السنين أدت عمليات تهجين المحاصيل وكذلك الهندسة الوراثية في السنوات الاخيرة الى تحسين غلة المحاصيل وجودتها.

الا أن محللين يقولون انه رغم تزايد قبول المحاصيل المعدلة وراثيا فان الانتاج سيظل يصطدم بعقبة مساحة الارض القابلة للزراعة وموارد المياه اللازمة للري.

ولذلك فان الطلب من الدول المستوردة ومن صناعة الوقود سيعمل في الاجل القصير على تقليص المخزون العالمي من الحبوب حتى اذا لم تحدث صدمات جوية أو مناخية.

ويقول لاب ان ذلك كله يعمل على رفع أسعار المواد الغذائية الامريكية ويمتد أثره ليشمل العالم كله.

ويضيف "خلال السنوات الخمس المقبلة من المتوقع أن يزيد التضخم الغذائي بنسبة 7.5 في المئة في المتوسط بزيادة كبيرة من 2.3 في المئة في المتوسط في السنوات العشر الاخيرة. فأسعار السلع الاولية مثل الذرة والقمح وفول الصويا والحليب بدأت تنتقل نقلة دائمة الى مستوى جديد."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف