سابك وهيئة الاستثمار تغردان خارج السرب.. والمصارف؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
د.محمد بن ناصر الجديد
محاولة التغريد خارج السرب مهمة ليست باليسيرة يقوم بها المبدعون فقط من طيور السرب. تكمن صعوبة مهمة التحليق خارج السرب في كونها تحمل في طياتها العديد من الإيجابيات والسلبيات. إيجابيا، هي محاولة لإيجاد زاوية تحليق جديدة قد يتسع معها حجم السرب وتتضاعف قيمته. وسلبيا، هي محاولة لإيجاد زاوية تحليق جديدة قد يتقلص معها حجم السرب وتتضاءل قيمته.
طرأت على منظومة الاقتصاد السعودي نهاية العقد الماضي العديد من التطورات الجذرية المهمة. هدفت هذه التطورات إلى زيادة اندماج منظومة الاقتصاد السعودي في منظومة الاقتصاد العالمي من خلال تحليق منظومة الاقتصاد السعودي خارج دورها السابق ضمن منظومة الاقتصاد العالمي إلى دور جديد نشهد بداياته هذا العقد من الزمن.
أسهمت هذه التطورات الجذرية المهمة في تطوير دور المؤسسات الاقتصادية العاملة ضمن منظومة الاقتصاد السعودي، وبالتالي تحليقها خارج أدوارها السابقة ضمن منظومة الاقتصاد السعودي إلى أدوار جديدة ضمن منظومة الاقتصاد العالمي.
نجحت بعض المؤسسات الاقتصادية السعودية في التغريد خارج السرب وإيجاد زاوية طيران جديدة وبدأت بمضاعفة ربحية منظومة الاقتصاد السعودي. والبعض الآخر مازال يحاول التغريد خارج السرب ولكن يبدو أن هناك العديد من التحديدات التي تعوقه.
المصارف، "سابك"، والهيئة العامة للاستثمار "الهيئة". جميعها مؤسسات اقتصادية مرتبة حسب الأقدمية تحلق ضمن منظومة الاقتصاد السعودي. تشترك هذه المؤسسات الاقتصادية في أهداف محددة تتلخص في استدامة نمو منظومة الاقتصاد السعودي. وتتباين في الوقت ذاته أدوار هذه المؤسسات الاقتصادية ضمن منظومة الاقتصاد السعودي.
تعد "سابك" و"الهيئة" من المؤسسات الاقتصادية التي استطاعت التغريد خارج سرب منظومة الاقتصاد السعودي. فـ "سابك" استطاعت توسعة مجال عملها من خلال وضع استراتيجية توسعية في إنتاج الفئة الأولى من المواد البتروكيماوية.
نفذت هذه الاستراتيجية عن طريق التأسيس التدريجي لشركات جديدة متخصصة في إنتاج الفئة الأولى من المواد البتروكيماوية طيلة الـ 20 عاما الماضية. اكتملت هذه الاستراتيجية عندما استطاعت "سابك" بناء منظومة صناعات بتروكيماوية متخصصة في إنتاج مواد الفئة الأولى البتروكيماوية.
انعكس هذا النجاح على المضي في وضع استراتيجية توسعية ثانية ولكن هذه المرة متخصصة في إنتاج الفئة الثانية من المواد البتروكيماوية. نفذت هذه الاستراتيجية عن طريق تأسيس شركة "كيان" لتتولى بموجبه "كيان" التوسع التدريجي في إنتاج الفئة الثانية من المواد البتروكيماوية.
سيكتمل تنفيذ هذه الاستراتيجية بعون الله تعالى عندما تستطيع "كيان" بناء منظومة صناعات بتروكيماوية متخصصة في إنتاج مواد الفئة الثانية البتروكيماوية من خلال تكوين اندماجات واستحواذات ذات علاقة بفئة منتجاتها.
الهيئة العامة للاستثمار هي مؤسسة ثانية استطاعت التغريد خارج السرب أخيرا عندما أقرت استراتيجيتها الاستثمارية "عشرة في عشرة". تهدف الاستراتيجية إلى رفع تصنيف تنافسية بيئة الاستثمار في السعودية إلى أحد المراكز العشرة الأولى في العالم بحلول عام 2010.
أتبعت هذه الاستراتيجية بمجموعة من الأنشطة الهادفة إلى تحقيق هدف الاستراتيجية. من أهم هذه الأنشطة إنشاء المركز الوطني للتنافسية، والمدن الاقتصادية الستة (رابغ، حائل، جازان، تبوك، المدينة المنورة، والمنطقة الشرقية) ومنتدى التنافسية الدولي.
سيكتمل تنفيذ هذه الاستراتيجية بعون الله عندما تستطيع "الهيئة" تحقيق الهدف بعد عامين من الآن من خلال توثيق العلاقة مع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول الحاضنة للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال هذا العقد. من أهم هذه الدول الصين، الهند، البرازيل، روسيا، المكسيك، كوريا الجنوبية، تايوان، وجنوب إفريقيا، مرتبة حسب حجم إجمالي ناتجها المحلي.
المصارف السعودية هي مؤسسات اقتصادية ثالثة تحاول التغريد خارج سرب منظومة الاقتصاد السعودي أسوة بـ "سابك" و"الهيئة" ولكنها يبدو أنها تواجهها العديد من التحديدات. تكمن هذه التحديات في كثرة زوايا التحليق المتاحة أمامها.
بعض هذه الزوايا تقليدية عرفتها المصارف من خلال طبيعة عملها السابق. من أهم هذه الزوايا مصرفية الأفراد والشركات، التأمين، الاستثمار، والتمويل ذات الأبعاد المحلية، وأحيانا الإقليمية. والبعض الآخر من هذه الزوايا حديثة من خلال ما وفرته "سابك" و"الهيئة" من مجالات توسعية ذات بعد دولي للمصارف السعودية.
من أهم هذه المجالات التحالفات والاستحواذات الدولية مع المؤسسات الصناعية والخدمية ذات العلاقة بسرب "سابك" و"الهيئة" في دول العقد الحالي، الصين، الهند، البرازيل، روسيا، المكسيك، كوريا الجنوبية، تايوان، وجنوب إفريقيا، ودول العقد المقبل، تركيا، تايلاند، الأرجنتين، بولندا، الفلبين، مصر، وماليزيا.
هل ستنجح المصارف السعودية في التحليق خارج منظومة الاقتصاد السعودي أم لا؟ سؤال ينتظر إجابة المصارف السعودية عليه كماً وكيفاً خلال العقد المقبل بعون الله تعالى.