ارتفاع نسبة التضخم في الامارات العربية المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ارتفاع نسبة التضخم في الامارات العربية المتحدة
دبي
في ظل سيناريو يرتفع فيه معدل النمو الاقتصادي ويسيطر فيه الانتعاش على كافة القطاعات، يظل التضخم عامل تهديد بملامسته معدل مرتفع تبلغ نسبته 6.2 في المائة في العام 2005، وفقا لمعدل نمو مؤشر أسعار المستهلك. أصبح مستوى التضخم المرتفع على مدى العامين الماضيين مدعاة للقلق لأول مرة، مما دفع بالبنك المركزي لتقييد السيولة في السوق. هذا، وقد تعددت العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار. وقد ورد في التقرير الصادر عن غرفة أبو ظبي للتجارة والصناعة أن التفاوت بين سعر اليورو والدولار يعد السبب الرئيسي للتضخم، حيث أن 90 في المائة من عائدات الصادرات للإمارات تدفع بالدولار الأمريكي، في حين ظلت أوربا المصدر الرئيسي لواردات الأمارات. كما أن ارتفاع السيولة في السوق جراء الارتفاع الذي شهدته عائدات النفط أدى بدوره إلى تفاقم الضغوط.
وبالمثل، شهد الاقتصاد الإماراتي نموا محموما مع تزايد أعداد العمالة الوافدة ورجال الأعمال مما زاد الضغوط على سوق العقارات الذي يتسم بقلة المعروض، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الإيجارات ومن ثم معدلات التضخم. وأخيرا، اقتراح رفع رواتب العاملين بالقطاعين العام والخاص أدت إلى زيادة اكبر في الأسعار لتحول جزء من تكلفة الأعمال إلى المستهلكين.
اتسمت الفترة الممتدة من العام 2004 إلى العام 2006 بالارتفاع الكبير في تكلفة المعيشة للمقيمين بالإمارات، خاصة في إماراتي دبي والشارقة. ووفقا لآخر البيانات الواردة من البنك المركزي بالإمارات والمتعلقة بمؤشر أسعار المستهلك - كمقياس لتكلفة المعيشة- ارتفع التضخم بنسبة 6.2 في المائة في العام 2005 مقابل 5.04 في المائة في العام 2004. إلا أنه من الجدير بالذكر أن تقديرات الصورة الحقيقية للتضخم تتغير بناء على سلة السلع المستخدمة. ووفقا لصندوق النقد الدولي، هناك عدد من الانتقادات للطريقة المستخدمة في حساب مؤشر أسعار المستهلك، لذا قام الصندوق بتقدير معدل التضخم للعام 2005 بما نسبته 8 في المائة أو أكثر.
أشار محافظ البنك المركزي إلى أن معدلات التضخم المرتفعة نسبيا في الإمارات مجرد وضع مؤقت يعزى في الأساس لارتفاع أسعار الإيجارات. حيث تضاعف سعر إيجار الوحدات السكنية والتجارية تقريبا في إمارتي دبي وأبو ظبي في الفترة ما بين 2004 وحتى منتصف العام 2006. وبالمثل، تشير البيانات الرسمية في نفس الاتجاه، حيث سجل بند "إيجارات المنازل والأمور المتعلقة بالإسكان" كجزء من مؤشر أسعار المستهلك أعلى معدل نمو سنوي مركب بلغت نسبته 5.4 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2000 إلى العام 2005. كذلك شهد البند ذاته أعلى معدل ارتفاع في العام 2005 ببلوغه ما نسبته 9.33 في المائة.
وبنظرة تفصيلية لتغيرات الأسعار يتضح أن ارتفاع الأسعار امتد ليشمل جميع الأصعدة في عامي 2004 و 2005. إلا أن ارتفاع نسب التضخم لوحظ ارتفاعها على حد سواء بالنسبة للسلع والخدمات، حيث نمت معدلات التضخم للسلع والخدمات معا في جميع القطاعات وفقا لمؤشر أسعار المستهلك بمعدلات عالية في العام 2005. ارتفعت أسعار "الأطعمة والمشروبات والتبغ" بنسبة 4.46 في المائة في حين ازدادت أسعار "الخدمات الصحية" بنسبة 5.47 في المائة كما ازدادت أسعار "الخدمات الترفيهية والتعليمية والثقافية" بنسبة 3.93 في المائة. على الرغم من أن الزيادة في أسعار الخدمات بصفة عامة كانت أقل نسبيا، إلا أن أسعار القطاع الفرعي "النقل والاتصالات" زادت بنسبة 4.57 في المائة في العام 2005. والجدير بالذكر أن أسعار النفط كان لها أثر على أسعار البترول والديزل. حيث لم يكن لدى الحكومة خيار آخر سوى زيادة الأسعار مع تزايد الخسائر التي حققتها شركات توزيع الوقود الوطني نتيجة ارتفاع أسعار النفط الخام، وبشكل أقل من أسعار بيع السلع المناظرة. شهدت إمارة أبو ظبي التي تمتعت بأسعار اقل للبترول عن أسعار السوق العالمية قفزة كبيرة في أسعار شركة بترول أبو ظبي الوطنية بنسبة 30 في المائة في العام 2005. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم طبقا لمحافظ بنك الإمارات المركزي بنسبة 8 في المائة، إلا أنه يتوقع له يتباطأ نموه في العام 2007.
نظرا لتزايد معدلات التضخم بالإمارة، تقدم ترتيبها كإحدى أكثر المدن غلاء في العالم في العام 2006. فنظرا لارتفاع تكاليف المعيشة والعمل في إمارة دبي، احتلت الإمارات المرتبة الخامسة والعشرين ضمن أغلى 73 دولة في العالم في العام 2006 طبقا للبحث الميداني الذي قامت به مؤسسة ميرسير للاستشارات في العام 2005. كما يتضح أن زيادة تكلفة التأجير والإيجار بمقدار الضعف تقريبا كانت السبب الرئيسي وراء هذا التصنيف. ومن الجدير بالذكر أن مثل هذه المستويات من التضخم من شأنها أن تهدد الوضع التنافسي للإمارة في جذب الاستثمارات والأعمال الأجنبية. وقد انعكس ذلك على نتائج البحث الميداني لتكلفة المعيشة بدبي الذي أجري في العام 2006 والذي نشرته شركة "كيرشو ليونارد". حيث أنه وفقا لنتائج البحث، تقوم حوالي 48 في المائة من الشركات القائمة في دبي بدراسة عملية نقل جزء من، أو كل أعمالها للخارج بسبب زيادة الأسعار.
ونحن نرى انه لو لم يتباطأ معدل ارتفاع التضخم فإنه سيمثل تهديدا كبيرا في العامين المقبلين، وخاصة مع ازدهار المنطقة نتيجة ارتفاع أسعار النفط والسيولة الناتجة عن وفرة الائتمان. ونتوقع تباطؤ نمو التضخم في العام 2007، خاصة بعد تطبيق سقف الزيادة في الإيجارات بنسبة 15 في المائة سنويا في دبي مما سيؤدي إلى استقرار الايجارات. وبالمثل، يتوقع معظم خبراء العقارات أن يتم عرض عدد كبير من الوحدات السكنية والإدارية الجديدة في السوق في العام 2007، مما يساعد على استقرار الإيجارات. إضافة إلى ذلك، ستؤدي السياسة النقدية الإنكماشية التي يتبناها البنك المركزي الإماراتي من خلال زيادة سعر الفائدة وإصدار شهادات إيداع لإدارة السيولة الفائضة للتحكم في التضخم.
إعــداد : بيت الاستثمار العالمي "جلوبل"