أطفال الشوارع ينتشرون بكثرة في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
غياب الدولة والأزمة الإقتصادية وراء عملهم
أطفال الشوارع ينتشرون بكثرة في لبنان
وقد تلتقي به في الكاراج، ملقيًا بجسده الصغير تحت السيارة الضخمة غير عابئ بمخاطر عمله.
قد يسترعي إنتباهك للحظات، تقف متأسفًا على طفل لا ينمو ضمن بيئته الطبيعية بين رفاقه وألعابه وأهله.
ويبقى الطفل هناك في الشارع يبيع العلكة والولد تحت رحمة السيارة يشتغل.
الحمال الصغير، ماسح الأحذية، بائع العلكة مظاهر كانت موجودة سابقًا وتزداد يومًا بعد يوم، يضاف إلى ذلك غياب الدولة عن هذا الموضوع واستمرار تشريعات العمل على حالها رغم المطالبات المتكررة بتحديثها.
ما هو وضع أطفال الشوارع اليوم في لبنان في عيد الطفل العالمي، ومتى بدأت هذه الظاهرة تنتشر في لبنان وبكثرة؟
برزت ظاهرة أطفال الشوارع في لبنان قبل إندلاع الحرب الأهلية عام 1975. وتغذت هذه الظاهرة آنذاك من "حزام البؤس" الذي كان مؤلفًا من بعض الضواحي الجنوبية والشرقية والمخيمات الفلسطينية المحيطة بالعاصمة بيروت.
وتلقت الظاهرة دفعًا إضافيًا منذ مطلع السبعينيات في القرن الماضي بفعل تدهور ظروف الحياة الاجتماعية والإقتصادية في أحياء "الحزام" المذكور. وقد دلت كثرة عدد الأطفال الذين تحولوا إلى مقاتلين لدى طرفي الحرب على أن عدد أطفال الشوارع اللبنانيين إزداد في السنوات الثلاث التي سبقت الحرب.
بعد الحرب
ثم خرج لبنان من الحرب الأهلية عام 1990، وطرأت العديد من التغيرات الجذرية على بنيته الإجتماعية ونظامه السياسي وتركيبه الديموغرافي. وتجدد الحديث في هذه المرحلة عن ظاهرة أطفال الشوارع، وشرعت جمعيات غير حكومية ووسائل إعلامية بإلقاء الضوء على بعض جوانب حياة هؤلاء الأطفال.
وأعدت لهذا الغرض دراسات متعددة أجمعت كلها على وجود "أطفال شوارع"، إلا أن هذه الدراسات قد اختلفت في إستنتاجاتها بشأن جنسية هؤلاء الأطفال، وعددهم، ونقاط إنتشارهم الجغرافية، ونوعية المهن التي يشغلونها. وقد أدى هذا الإختلاف، الناتج عن أسباب سياسية ومنهجية، في تعريف أطفال الشوارع وإحصائهم في تلك الدراسات إلى عدم التشجيع على رسم سياسات من أجل هذه الشريحة من الأطفال الفقراء.
جنسية طفل شارع لبنان
لم يتحدد بدقة مَن هو "طفل الشارع" في لبنان، هل هو الطفل العامل؟ أم أنه الطفل الذي يعيش في الشارع؟ وإذا كان هذا الطفل لا يحمل الجنسية اللبنانية، لكونه فلسطينيًّا أو سوريًّا، أو مصريًّا، مقيمًا على الأراضي اللبنانية، أفلا يكون من مسؤولية السلطات المحلية منحه الرعاية اللازمة؟
ووفقًا لدراسة مولتها إحدى الهيئات الدوليةشملت عينة من خمسين طفلاً مشردين، تتراوح أعمارهم بين (7 ـ 12) سنة، فإن 22% من "أطفال الشوارع" لبنانيون، و68%من السوريين والبدو والنور (الغجر). وفي دراسة أوسع نفذتها الجامعة الأميركية في بيروت تضمنت مسحًا ميدانيًّا للتحقيق في ظروف معيشة 4800 طفل مقيم، قال المشرفون عليها بأن 75% من "أطفال الشوارع" هم من غير اللبنانيين.
في ظل وجوب التعريف الدقيق لطفل الشارع حاولت دراسات أخرى توضيحه، وذكرت أن 75% من أطفال الشوارع في مدينة طرابلس عاصمة الشمال هم من "اللبنانيين". وقد ظهرت مبادرة عدة مشتركة بين وزارة الداخلية وبعض الجمعيات غير الحكومية لجمع الأطفال المتسولين والمتشردين من الشوارع، وتدبير أمر رعايتهم بالتعاون بين الجمعيات والحكومة والأسر التي ينتسب إليها أولئك الأطفال. كما تكاثرت في تلك الآونة الجمعيات التي تهتم برعاية الأطفال وحقوقهم، دون أن يسفر ذلك كله عن وضع حد لظاهرة "أطفال الشوارع".
العجز
تتوافر في لبنان كافة العوامل التي تؤدي إلى تفاقم ظاهرة أطفال الشوارع (سياسية، إقتصادية، إجتماعية، تعليمية، عمرانية،hellip;) ومن أهم هذه العوامل:
- السياسات العامة للرعاية والتنمية الإجتماعية.
- الإقتصاد وما يعانيه من مشاكل خانقة وتدهور بشكل عام.
- ضغوط السوق وأنماط الإستهلاك.
- سياسات الإعلام والإعلان
- تمركز الإنماء في المدن على حساب الريف، وما يتبعه من آثار.
ويتجلى فقر الأطفال اللبنانيين في مظاهر كثيرة، مثل : التشرد، التسول، الإنحراف والجريمة، التعرض للعنف والإعتداء الجنسي، العمالة المبكرة، الاضطراب النفسي والسلوكي، تعذر الإندماج الاجتماعي، اللقطاء، الأمية، التأخر والتسرب المدرسي، تفكك البيئة العائلية، غياب الدعم والمساندة النفسية والمادية... إلخ.
وهذه المظاهر مجتمعة هي نتيجة للسياسة العامة التي تتولى بحسب علماء الإجتماع في لبنان ترحيل العجز من موازنة الحكومة إلى موازنة الأسرة". وقد أدت سياسة "إفقار الأسر" إلى زيادة تفككها، وهو ما يؤدي إلى تفاقم عمالة الأطفال. ويعد دخول الأطفال إلى سوق العمل، مع تركهم التعليم، العامل الأساسي المشترك بين كافة الأحداث، إضافة إلى أن الأكثرية المطلقة من هؤلاء الأحداث كانوا متهمين بالسرقة.