حكومة المالكي تقر قانونا يرهن النفط 50 عاما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ضغوط اميركية للتصديق ومطالب عراقية للتعديل
حكومة المالكي تقر قانونا يرهن النفط 50 عاما
أسامة مهدي من لندن : صادقت الحكومة العراقية اليوم على قانون للنفط والغاز مثير للجدل يرهن استثماراتهما للشركات والافراد لمدة 50 عاما ورفعته إلى مجلس النواب الذي سيباشر مناقشته خلال ايام قبل المصادقة عليه وسط معارضة قوى فاعلة داخله نظرا لان القانون ينهي سيطرة الدولة على هذا القطاع ويسمح لللمرة الاولى بطرح التعاقدات على شركات النفط الأجنبية. وقال الناطق الرسمي للحكومة على الدباغ القول ان قانون النفط قد تمت المصادقة عليه خلال اجتماع لمجلس الوزراء اليوم بعد إجراء التعديلات عليه من قبل الحكومة ورفع الى مجلس النواب صاحب القرار النهائي بشأن تمريره او تعديله . واوضح الدباغ انه كانت هناك تعديلات لغوية على مسودة القانون بخصوص توزيع الواردات . واشار الى انه كانت هناك ملاحظات قليلة تم حلها من قبل مجلس شورى الدولة" . يذكر ان ثلاث كتل سياسية تقاطع جلسات مجلس النواب حاليا هي التيار الصدري الشيعي وجبهة التوافق السنية وجبهة الحوار الوطني برئاسة صالح المطلك .
معروف ان العراق يملك ثالث اكبر الاحتياطات المؤكدة للنفط في العالم والمقدرة بحوالى 115 مليار برميل لكنه منذ حرب العراق الاخيرة ربيع عام 2003 انخفض الانتاج من 5،3 ملايين برميل يوميا الى مليوني برميل يوميا.
وجاء إقرار الحكومة العراقية لهذا القانون بهدف تخفيف الضغوط السياسية التي يتعرض لها رئيس الوزراء نوري المالكي من جانب الولايات المتحدة الأمريكية حيث أعرب كثير من الخبراء عن اعتقادهم بأن هذا القانون يأتي لاعتبارات سياسية أكثر منها اقتصادية أو حيوية.
وفي حالة إقرار هذا القانون من قبل البرلمان فإنه سيكون أول قانون للنفط في العراق منذ نحو 35 عاماً عندما قررت الحكومة العراقية تأميم قطاع النفط.
وكانت الحكومة اقرت اواخر شباط (فبراير) الماضي مسودة القانون بالنسخة التي اعدها خبراء فنيون وتمت احالتها الى مجلس شورى الدولة لصياغتها بشكل قانوني قبل رفعها الى المجلس النيابي. كما وافقت الحكومة بعد مناقشات صعبة ومستفيضة مع حكومة اقليم كردستان على منح الاقليم نسبة 17% من عائدات النفط والواردات الداخلية والقروض والمساعدات الخارجية.
ضغوط اميركية لمصادقة عاجلة
وتعتبر الادارة الاميركية قانون النفط والغاز الجديد احد الاستحقاقات المهمة التي يجب ان تنجزها حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي باسرع وقت حيث تستعد الشركات الاميركية على الخصوص للدخول في استثمارات هذه الثروة الطبيعية الهائلة لمدة نصف قرن وجني ارباح (تضحيات) جنودها في هذا البلد كما اشارت المصادر في حديثها مع "ايلاف" . وقالت ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الذي يملك واحدة من اكبر شركات الاستثمار الاميركية قد اكد على المالكي خلال اجتماعه به في بغداد مؤخرا ضرورة التصديق على القانون سريعا .والى جانب الإصرار من قبل واشنطن ومن ضمنه الضغط من قبل السفير السابق في العراق زلماي خليل زاد ذلك الذي مارسه تشيني ووزير الدفاع روبرت غيتس لإضافة المعايير التي تطالب الإدارة الأميركية حكومة المالكي بتحقيقها ومنها إقرار قانون النفط هذا .
اعتراضات قوى عراقية
وفي الوقت الذي تمارس فيه كل من إدارة الرئيس جورج بوش والكونغرس ضغطاً على بغداد من أجل إقرار قانون النفط تؤكد مصادر عراقية ان القانون الحالي يعتبر واحدا من أكثر القضايا المثيرة للجدل حاليا على الساحة العراقية حيث توجد هناك اعتراضات عليه من قوى سياسية داخل الائتلاف الشيعي الموحد منها التيار الصدري (30 نائبا) وخارجه ومنها جبهة التوافق السنية (44 نائبا) وجبهة الحوار الوطني (11 نائبا) . وتعترض هذه القوى على القانون لانه يمنح المستثمرين العراقيين والأجانب الحق في إنشاء المنشآت والمصافي النفطية واستثمارها لمدة 50 عاما ثم تعود ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة العراقية.
وخلال زيارته الاخيرة لواشنطن طالب النائب عن جبهة الحوار الوطني محمد الدايني الادراة الاميركية بإلغاء هذا القانون الذي ينظر إليه العديدون على أنه لصالح شركات النفط ولكنه مؤذ للعراق .وقال الدايني بعد اجتماعه بعدد من اعضاء الكونغرس إن "الناس وكذلك كل أعضاء البرلمان يعتقدون أن هذا القانون لا يهدف فقط إلى سرقة الثروة النفطية للعراق بل إلى تقسيم العراق".
واشار الى انه يوجد الان تخوف من أن هذا القانون سيشرع احتياطات العراق الضخمة الثالثة في العالم من حيث الاحتياطي النفطي أمام الشركات الأجنبية التي ستكون قادرة على توقيع العقود للسيطرة على الحقول الخاصة طوال 30 عاماً مقبلة. وأشار إلى أن "الناس بدأوا يفهمون أنهم في البداية اعتقدوا أن أميركا جاءت لتمنحهم الحرية والديموقراطية.. وبدأوا الآن يدركون أن أميركا لم تأت أبداً من أجل ذلك .. لقد أتوا من أجل النفط وأفضل دليل على ذلك هو قانون النفط هذا". تم وضع مسودة قانون النفط العراقي والتفاوض بشأنه وراء أبواب موصدة.ومن جانبها تهدد اتحادات عمال النفط العراقية بالإضراب إذا حصلت الشركات الأجنبية على صلاحيات كبيرة للدخول أو السيطرة على النفط. وفي وقت سابق دعت مجموعة تضم 61 خبير نفط عراقي في رسالة إلى المالكي تعليق بت القانون حتى تتحسن الظروف ومن أجل السماح لإجراء المزيد من النقاش.
ومن بين هذه الأدلة التي يسوقها المعارضون ان مجموعة عمل نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في مجال الطاقة التي عبرت عام 2001 عن أملها بخصخصة النفط العراقي وكذلك مجموعة العمل التابعة لوزارة الخارجية الأميركية والتي عملت قبل نشوب الحرب وركزت على قطاع النفط والعقد الذي وقعته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع شركة بيرينغ بوينت الاستشارية ومركزها مدينة ماكالين بولاية فرجينيا من أجل إجاء "إصلاح اقتصادي واسع" في العراق ومن ضمن ذلك في قطاع النفط.
وتؤكد جبهة التوافق السنية انها لن تصادق على القانون الجديد .. وقال حسين الفلوجي عضو قيادة الجبهة انها لن تصادق أبداً على قانون النفط الجديد حتى يتم تعديل الدستور أولاً وشدد على أن الجبهة اتخذت قراراً حازماً بهذا الشأن .
لجنة عراقية اعدت مشروع القانون
وكانت لجنة خاصة تضم عدداً من المسؤولين العراقيين قد انتهت من وضع الصيغة النهائية لمشروع القانون الذي سيحدد القواعد التي سيتم على أساسها تقسيم الإيرادات النفطية فضلاً عن العمل على زيادة الإنتاج العراقي من النفط.وقال عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية إن القانون الجديد ينص على تشكيل لجنة اتحادية برئاسة رئيس الوزراء للإشراف على كل العقود يدخل في سلطتها مراجعة الاتفاقات الحالية الموقعة في عهد الرئيس السابق صدام حسين أو الاتفاقات التي وقعتها الحكومة الكردية الإقليمية.
ومن المتوقع، بحسب مشروع القانون الجديد، أن تضم اللجنة في عضويتها وزراء النفط والمال والتخطيط بالإضافة إلى ممثل عن البنك المركزي العراقي وآخر عن إقليم كردستان.
وأوضح المتحدث الحكومي أن المشروع الجدي يؤكد أن الموارد المالية من مبيعات النفط، ستوزع على الجميع في الأقاليم والمحافظات وفقاً لنسبة الكثافة السكانية. كما سيعيد القانون الجديد بحسب المتحدث تنشيط شركة النفط الوطنية، التي ستكون مسؤولة عن الإنتاج والتصدير والتي كان قد تم حلها في ثمانينيات القرن الماضي. وأشار إلى أن القانون سيسمح أيضاً بطرح العقود النفطية على الشركات العالمية الكبرى بعد التأكد من مكانتها الدولية على أن تكون هذه الشركات لديها القدرات اتكنولوجية بما يمكنها من تطوير حقول النفط العراقية وتحقيق أكبر عائد اقتصادي منها.
خبير ساهم في اعداد التقرير يعترض على تدخلات سياسية
ومن جهته قال أحد الواضعين الأساسيين لقانون النفط العراقي الجديد والذي تحوّل إلى أشد منتقديه اليوم، إن هذا القانون الذي شارك في وضعه إلى جانب خبراء نفطيين كان نتيجة تسوية سياسية وإنه لم يعد يوافق عليه.وقال طارق شفيق مدير شركة الاستشارات النفطية "بترولوغ وشركائها" وأحد الواضعين الرئيسيين الثلاثة لقانون النفط العراقي ليونايتد برس انترناشونال "أعتقد أن غالبية خبراء النفط هم ضده". واضاف إن الهدف الرئيس لواضعي القانون كان التوصل إلى قانون يدير احتياطات العراق النفطية المقدرة ما بين 115 و 116 مليار برميل من النفط بطريقة فدرالية تتضمن منح الإدارات المحلية والمناطقية صلاحية اتخاذ القرارات النفطية حسب ما يناسبهم.
وأضاف "كان يتطلب خططاً مركزية موحدة لتطوير قطاع النفط تأخذ بعين الاعتبار مصالح البلد بأكمله وليس مصلحة جزء منه".وقال رغم أنه أمضى برفقة زميليه فاروق القاسم وتامر غضبان حوالي 3 أشهر لوضع صيغة القانون في الصيف الماضي أن التسويات السياسية جزّأت وأضعفت الهدف المركزي للنسخة الأولى من القانون النفطي بأن يصار إلى وضع سياسة مركزية موحدة لإدارة مصادر النفط من قبل السلطات الفدرالية ليس من خلال التعاون مع السلطات المحلية فحسب، بل في العديد من الحالات عبر مشاطرة المقاطعات والأقاليم".ويقول شفيق إن المناطق العراقية لا تملك "المؤسسات الضرورية" أو "الخبرة اللازمة" لتطوير وتشغيل الحقول النفطية فيها دون مساعدة من الحكومة المركزية من خلال شركة النفط الوطنية العراقية التي أعيد تشكيلها والتي كان شفيق يشغل منصب المدير التنفيذي لها عند تأسيسها في العام 1964 أو شركات النفط العالمية ولذلك يخشى أن تعتمد المناطق كثيراً على الشركات النفطية الأجنبية.