إنطلاق مشروع موريتانيا رؤية 2030
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سكينة اصنيب من نواكشوط :قال رئيس الوزراء الموريتاني الزين ولد زيدان إن "الجهود التنموية في موريتانيا كان يطبعها في كثير من الأحيان الارتجال وغياب رؤية مستقبلية واضحة تحدد معالم المشروع المجتمعي الذي نريده للبلاد اقتصاديا وسياسيا وثقافيا". مشيرا الى أن تعزيز الشفافية وجدوائية النفقات العمومية سيحتل مركز الصدارة في جميع تلك الاصلاحات والاستراتيجيات وخصوصا في ما يتعلق بتمويل تشييد البنى التحتية وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين.
وأشار خلال انطلاقة عمليات صياغة "رؤية مستقبلية لموريتانيا في أفق 2030"، أنه "ينبغي ان تقدم هذه الرؤية عناصر فعالة لتحديث نظام البرمجة وتسيير التنمية واحداث قطيعة مع كل مظاهر منهجية تسيير الطوارئ التي درجنا عليها في السابق"، مؤكدا أن قيام هذه التظاهرة تحت رعاية رئيس الجمهورية، "يعطيها وزنا كبيرا بقدر ما يقتضي منها الاستقلال في التفكير والحرية في العمل والتحلي بالموضوعية".
وأضاف أن رؤية موريتانيا 2030 ينبغي أن تجسد تصميم جميع الموريتانيين على بناء مشروع مجتمع اجتماعي قادر على بعث الرغبة والتطلع الى المستقبل وانعاش الأمل وحفز التعبئة الضرورية لقدرات وطاقات كافة مكونات الشعب، مشيرا الى أن مطامح الموريتانيين بالوحدة والوئام الوطنيين لن تتحقق بدون انماء اقتصادي ورقي اجتماعي وتطور سياسي، داعيا الجميع الى انجاح مثل هذه المبادرة "التي تتطلب مشاركة جميع مكونات الشعب دون استثناء، في بناء هذه الرؤية المشتركة انطلاقا من ماضي بلادنا وحاضرها كما يتطلب منا جميعا بعد الاتفاق عليها الالتزام التام بتجسيدها على أرض الواقع".
وقال ولد زيدان إن آخر دراسة حول ظروف معيشة الأسر الموريتانية أكدت أن نسبة البطالة تبلغ 33%، في حين تتجاوز نسبة المواطنين غير النشطين 40.6%، مؤكدا أن غياب الوعي بمتطلبات مواجهة تلك الوضعية زاد من حدتها.
واعتبر أن فئات عريضة من الشعب الموريتاني لا تقدر قيمة العمل ولا تنتهز الفرص المتاحة لكسب العيش الكريم، مضيفا "أن الأسوأ من ذلك أن مواطنينا لا يبدو أنهم يدركون العلاقة المنطقية بين سلوك الفرد الآني وانعكاساته على مستقبل الجماعة لذلك نجدهم يتحايلون وأحيانا بالتواطؤ مع الادارة على القوانين والنظم ويتعاطون ممارسات الرشوة والغش المشينة لا يلقون لها بالا والحال انها تضعف قدرة البلاد التنافسية في مجال جذب الاستثمارات وتوقعها لا محالة في مزالق التخلف.
وبخصوص توفير الخدمات الصحية والتعليمية أشار رئيس الوزراء الى "ان ممارسة التقري العشوائي يجعل من المستحيل توفير الخدمات للمواطنين بالشكل المرضي، مؤكدا ان معالجة الوضعية الصعبة التي تعيشها موريتانيا ووضع الأسس السليمة لنهضتها تقتضي تعبئة موارد كبيرة داخلية وخارجية لتمويل المشاريع والخطط التنموية التي سيتم وضعها في اطار رؤية موريتانيا في أفق 2030.
واعتبر أنه في ظل المنافسة العالمية الشديدة على الموارد والأسواق، فان الحصول على الاحتياجات التمويلية سيكون أمرا صعبا بل مشكوكا فيه بدون التخلص من المسلكيات الضارة والانكباب على العمل والتطبيق الصارم لقواعد الحكم الرشيد، مشيرا إلى أن الموريتانيين ينتظرون من رؤية موريتانيا 2030 أن تحصن الأمة ضد دواعي الانقسامات وتعزز وحدتها الوطنية وتزودها بالأدوات المناسبة للتحكم في مستقبلها بما يحقق تطلعاتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وشكر الشركاء الداعمين لمسار صياغة رؤية موريتانيا في أفق 2030، خاصة برنامج الامم المتحدة للتنمية والبنك الافريقي للتنمية اللذين قدما دعما فنيا وماليا لهذا المسار، داعيا الممولين والمستثمرين الخصوصيين الوطنيين والأجانب الى مواكبة هذا المسار لدعم الاصلاحات العميقة التي ستعكف السلطات العمومية على تنفيذها خلال السنوات المقبلة والتي ستدمج فيها كافة الاستراتيجيات الحالية والمستقبلية لتنمية موريتانيا وخصوصا في ما يتعلق بتمويل تشييد البنى التحتية وتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين.
وخلال انطلاقة عمليات صياغة "رؤية مستقبلية لموريتانيا في أفق 2030"، قال عبد الرحمن ولد حم فزاز وزير الاقتصاد والمالية في كلمة بالمناسبة ان الدراسات المستقبلية تشهد نموا متسارعا في الدول المتقدمة والشركات متعددة الجنسيات وان الحاجة الى هذه الدراسات في البلدان النامية اصبحت ضرورة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
واشار الى ان مشروع "رؤية موريتانيا 2030" يدخل ضمن هذا الاطار، حيث تم اعداده للتخفيف من هيمنة المدى القصير على منطق القرارات والتدخلات العمومية ومقاربة المشروع بوصفه اطارا لتصور وتفعيل السياسات التنموية.
وأبرز ان انجاز المشروع سيتم من خلال القدرات الوطنية التي تستفيد من الدعم المنهجي لمعهد مستقبل الأفارقة، مضيفا ان المشروع يشكل برهانا على اهتمام الحكومة بالتخطيط لمستقبل البلاد وأجيالها القادمة في اطار من الحرية والانسجام الاجتماعي والوئام الوطني في كنف دولة القانون والشفافية والعدالة والمشاركة الفعلية للسكان في تسيير أمورهم.
وأكدت ممثلة برنامج الامم المتحدة سيسيل مولنيي أن "رؤية موريتانيا 2030" مقاربة يتعين ان تركز على الحرص على تقاسم حكم رشيد متحسن في مختلف مكوناته. وأوضحت ان موريتانيا قررت اعادة الثقة والقيمة للخبرات الوطنية الموجودة في القطاعات العام والخاص والجمعوي وتشجيع الحوار والتشاور لاستكشاف آفاق المستقبل.
وكانت الحكومة الموريتانية وبرنامج الامم المتحدة للتنمية قد صادقا على الوثيقة النهائية لهذا المشروع في شهر مارس (آذار) الماضي، ويغطي المشروع فترة 18 شهرا، ويهدف الى وضع رؤية توافقية لتنمية موريتانيا على المدى الطويل انطلاقا من استنطاق معمق للمستقبل وتعزيز قدرات الاستشراف والتخطيط الاستراتيجي داخل الهيئات الحكومية وفي القطاعين العام والخاص.
ويتعلق الامر بالبحث والعمل في آن واحد في اطار تشاركي موسع يشجع الحوار الاجتماعي ويسعى الى قيام اجماع وطني حول المستقبل. وتتألف هيئات المشروع من لجنة قيادة تضم عشرة أعضاء مكلفة بتقديم الدعم المعنوي والسياسي عند الاقتضاء وخلية فنية وطنية، تتولى ادارة المشروع، فيما يتكفل شركاء موريتانيا في التنمية خاصة برنامج الامم المتحدة للتنمية والبنك الافريقي للتنمية، بالدعم.