وقع أحداث 11 ايلول إقتصاديًا في لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد 6 أعوام على زلزال أميركا الإرهابي
وقع أحداث 11 ايلول اقتصاديًا في لبنان
ويقول الخبراء الاقتصاديون في لبنان، إنه قيل الكثير وامتلأت الصحف والمجلات وشاشات التلفاز الفضائية والأرضية بالرأي والرأي الآخر حول آثار وتداعيات الاعتداءات التي لحقت بالولايات المتحدة الأميركية في الحادي عشر من أيلول 2001.
إنما اللافت للانتباه هو مدى التأثير السيكولوجي السلبي الذي لحق بدول كثيرة من جراء هذه الاعتداءات والركود الاقتصادي الذي نتج عنه وخصوصًا أن مدينة نيويورك ومركز التجارة العالمي يعدان العصب الاقتصادي العالمي وليس الأميركي فقط. والملاحظ أن نمط التداول الاقتصادي في لبنان والدول العربية بشكل عام قد تأثر أكثر بسبب الحالة النفسية المترقبة بقلق تداعيات هذه الأزمة على الاقتصاد والأمن المحلي والإقليمي والعالمي.
فمنذ بداية الأزمة ، قام الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش على تبني نوع من استراتيجيا العلاقات العامة في سياسة تشجيع المؤسسات الكبيرة ومتعددة الجنسيات بالعودة إلى ممارسة مهامها وبناء ما تدمر فعليًا أو نفسيًا مباشرة بعد 11 أيلول، مؤكدًا أن بورصة نيويورك "يجب" أن تعاود نشاطها من جديد وبالزخم نفسهالذي عهدته على مر السنوات السابقة.
وتقييمًا لإصرار الولايات المتحدة وقطاعها الخاص على إعادة الحياة من جديد، نرى أن هذه الدولة العظمى عسكريًا واقتصاديًا تكبدت مئات مليارات الدولارات في اعتداء يوم واحد ولا يسعها أن ترى اقتصادها ينهار من غير أن تفعل شيئًا، ولو من حيث الحفاظ على ماء الوجه و"البريستيج" الأميركي. ولهذا دأبت الحكومة الأميركية وقطاعها الخاص إلى لملمة الخسارة الباهظة والتطلع إلى مرحلة جديدة تعيد فيها بناء ما تهدم.
وقد كان لخبراء العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأميركية دورًا مميزًا قاموا منذ بداية الأزمة إلى إضفاء نوع من "الوعي" أو الإدراك الحسي الواقعي لمجريات الأمور وخصوصًا في حث الشعب الأميركي على العودة إلى حياتهم الطبيعية ودخول مرحلة البناء وليس البكاء.
أما في لبنان، الذي تأثر اقتصاده ولا يزال، فإن هول الاعتداءات على الولايات المتحدة أوقف العجلة الاقتصادية بشكل شبه كامل وتأرجحت النفسية الاقتصادية العامة بين المتشائم وشديد التشاؤم، إلى درجة أن قطاعات عديدة أوقفت إنتاجها أو تسويقها لمنتجاتها ترقبًا للأسوأ. إن هذا القرار أدى إلى تأزم الوضع الاقتصادي في لبنان أكثر مما هو عليه، وأصاب الركود جميع المؤسسات المحلية.
العلاقات العامة
وعلى وقع الاهتمام ذاته التي أولته وكالات العلاقات العامة في أميركا باقتصاد بلادها، فإن الاستراتيجية ذاتها يجب أن تتبع في المساهمة في دعم اقتصاد لبنان. إن الوضع الاقتصادي العام في لبنان يمكن أن يحلل على أساس نظرتي كوب الماء النصف ملآن أو النصف فارغ. إن نسبة كبيرة في لبنان تعتمد في تحليلها واستنتاجها العام إلى نظرية الكوب النصف فارغ ولهذه الفلسفة تداعياتها التي لا تحمد عقباها.
أما اليوم، وبغض النظر عما مر بالاقتصاد اللبناني في السنوات السابقة، فإن المطلوب أولاً وقبل كل شيء هو تعزيز الشعور بالثقة في طاقات لبنان، ليس فقط من قبل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي بل من قبل الساسة وخبراء الاقتصاد معًا من أجل تعزيز مكانة الاقتصاد اللبناني إقليميًا ودوليًا.
إن سياسة كوب الماء نصف الفارغ يجب أن تستبدل بسياسة ثقة عالية بالدور الريادي الذي باستطاعة لبنان أن يلعبه وخصوصًا في ما يتعلق باستقطاب رؤوس الأموال العربية. إن السبب الواقعي الذي يجعل من لبنان مركزًا مميزًا، ليتبوأ هذا الدور يكمن في طبيعة تركيبته التي ترتكز على الاقتصاد الحر وسياسة السرية المصرفية، مع التركيز على القطاع الخدماتي. وهذه الميزات ليس باستطاعتها فقط جذب الاستثمارات العربية الضخمة لسبب واحد هو أن دولاً عديدة في المنطقة كالأردن ومصر ودبي تسعى وتعمل كذلك على الوصول إلى الهدف ذاته. لهذا من الخطر أن يصر القيمون على الحكم في لبنان أن الاستثمارات سوف تتدفق إلى هذا البلد دون تعب أو عناء.
ويتابع الخبراء الاقتصاديون القول :" لم نر منذ وقوع (أو قبل) اعتداءات 11 أيلول خطة عملية وواضحة للحكومة اللبنانية من أجل استقطاب رؤوس الأموال العربية "المهاجرة" من مكمنها الأميركي والأوروبي. الجميع يعي أن الفرصة أكثر من مناسبة لتبوأ هذا المركز الإقليمي الهام ولكن ليس من دون الكثير من العمل الحثيث والخطة المحصنة.
وفي تعليق لواحد من أنجح رجال الأعمال في مصر، أكد أن البلاد العربية وخاصة لبنان أحق بأمواله واستثماراته من أيّ بلد غربي، خصوصًا في هذه المرحلة الخاصة التي بدأ المستثمر العربي يقيّم ويحلل كل كلمة يتفوه بها كي لا تصف بدعم "للإرهاب" وتنتج عن تجميد لحساباته المصرفية! إذا كان لا بد من إشارة - واللبيب من الإشارة يفهم - فكلام رجل الأعمال المصري خير دليل على التوجه الذي بدأ ينتشر بين معظم أصحاب رؤوس الأموال في العالم العربي.
إن الأحداث التي تبعت 11 أيلول من حملة هوجاء "نيو نازية" بحق كل ما يوحي بالعنصر العربي استحدثت إدراكًا جديدًا من قبل المستثمرين العرب بأن مقولة "الفرنجي برنجي" لم يعد لها مكان في "قاموس رأس المال". وقد أتى هذا الإدراك متأخرًا قليلاً بعد أن أصبحت مليارات الدولارات العربية من ودائع واستثمارات معرضة للمصادرة أو صودرت.
من هذا المنطلق، فان مهمة الحكومة اللبنانية أصبحت قريبة من هدفها ولكن المهمة ليست سهلة في الوقت ذاته، ولا ينقصها سوى رؤية واضحة وخطة استراتيجية لجذب المستثمرين وتطبيق المشاريع الحيوية التي من شأنها أن تستقطب رجال الأعمال والمؤسسات العربية والأجنبية.