اقتصاد

الجزائر تخسر نصف مداخيلها النفطية بسبب إستمرار تدهور الدولار

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


خبراء يدعون إلى اهتمام أكبر بالاستثمار والخروج عن هيمنة البترول
الجزائر تخسر نصف مداخيلها النفطية بسبب استمرار تدهور الدولار



كامل الشيرازي من الجزائر

قال خبراء جزائريون إنّ بلادهم تخسر نصف مداخيلها النفطية بسبب استمرار تدهور قيمة الدولار، وعدم وضوح طرائق الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط، وكيفية استثمار فوائض الميزانية، خصوصًا مع انبناء الاقتصاد المحلي على مفارقة غريبة تستمر منذ وقت ليس بالقصير، فالبلاد تبيع بالدولار وتشتري باليورو، وهو ما خلّف تبعات جسيمة على توازنات المنظومة التجارية الجزائرية.
"إيلاف" تابعت الموضوع مع خبراء ومحتصين اقتصاديين:
يرى الخبير الاقتصادي الجزائري "ناصر حلوة"، إنّ تحصيل بلاده 59 مليار دولار كعائدات بترولية، ليس ذات أثر كبير، طالما إنّ الخزانة العامة تفقد 50 في المئة من مداخيل نفطية مفترضة، بسبب اعتماد الجانب الجزائري على الاستيراد من منطقة اليورو، في حين يصدر إلى مناطق الدولار، ولاحظ الخبير بهذا الصدد، أنّ المسألة تفسّر عدم ارتقاء الوضع المعيشي الجزائري العام على الرغم منالوفرة المالية الظاهرة، بسبب ضعف السياسة المالية المنتهجة، ما جعل إمكانات الجزائر محدودة على هذا الصعيد على الرغم منتخطي احتياطات الصرف عارضة المائة مليار دولار.
ويرى الخبير عبد الحق لعميري، إنّ الخطأ لا يكمن في التعامل المتباين بين اليورو والدولار، بل في كيفية تحصين الاقتصاد الجزائري ضدّ الهزات، من خلال عدم اقتصاره على البترول كما هي عليه الحال في الوقت الراهن، ويضرب لعميري المثل بالقفزة النوعية التي حققتها دول الخليج، ونجاحها في تقليل الاعتماد على البترول بـ40 في المئة فقط من مداخيلها، وارتضائها تطوير قطاعات أخرى على منوال السياحة، ما جعلها تقوى على حصد إيرادات فاقت الأربع مليارات دولار، بشكل يجعلها تستعد بثقة لمرحلة ما بعد البترول.
ويؤيد الخبير المالي "أرسلان شيخاوي" هذه النظرة، لكنه يركّز على عامل استقرار الاقتصاد يقود حتما إلى استقرار العملة، ويلاحظ بأنّ الدولار فقد حوالى 35 في المئة من قيمته منذ العام 2001، في حين لم تؤثر الهزات كثيرًا على اليورو، وجعلته مستقرا إلى حد ما.
من جانبهما، يلتقي الخبيران عبد الرحمان مبتول ومصطفى فتحي، في كون "النفط كما احتياطات الصرف لا تصنعان اقتصادا"، لذا يناديان إلى حتمية التعجيل بتطوير الاستثمارات التي لا تزال تراوح مكانها حتى وإن كانت متزايدة ، حيث تنحصر في المحروقات والاتصالات السلكية واللاسلكية والصيدلة، في وقت بلغ حجم السوق الموازية في الجزائر ما يقارب19 مليار دولار، أي نسبة 30 في المائة من الناتج المحلى الخام، ما جعل الحياة الاقتصادية المحلية تتميّـز بمنطق لا يعترف بمفاهيمية الضرائب وإتاوات الدولة.
من جهته، كشف وزير المالية الجزائري السابق "عبد اللطيف بن أشنهو" إنّ بلاده تخسر . 250 مليون دولار جرّاء انخفاض سعر الدولار فى مقابل اليورو، وأوضح بن أشنهو لـ"إيلاف"، إنّ الجزائر لا يمكنها اعتماد اليورو كعملة مرجعية فى تعاملاتها التجارية فى مجال الصادرات لأن الدولار بالنسبة للأسواق النفطية، هو العملة المرجعية الأساسية، مشيرًا إلى صعوبة إقدام الجزائر على تقليص اعتمادها على اليورو فى وارداتها، لارتباطها التجاري بأوروبا، حيث تعد القارة العجوز الشريك التجاري الأول للجزائر بما يصل إلى حدود 80 في المئة من الواردات الجزائرية، مقابل 20 في المائة فقط بالدولار.
بجانب ذلك، يتساءل مختصون في الشأن الاقتصادي الجزائري عن دواعي استمرار اعتماد الجزائر 19 دولارًا كسعر مرجعي في إعدادها مختلف قوانين الموازنة، رغم الارتفاع القياسي لسعر البترول وتجاوز سعر البرميل مستوى المائة دولار، ويستغربون لتبريرات التكنوقراطيين الجزائريين وتبريراتهم لهذه السياسة، على الرغم من أنّ بترولاً بـ 19 دولارًا يضع الموازنة الجزائرية في عجز دائم، وهذا القدر من العجز يزيد من الجدل حول سر تفضيل العجز في الموازنة على التوازن المالي، وهو ما أفرز وصول نسبة التضخم إلى 3.5 بالمائة خلال الأحد عشر شهرا المنقضية.
ويتساءل الكاتب سليم لعجايلية، عن مسارب الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط
وكيفية استثمار فوائض الميزانية، حتى وإن كان المتعارف عليه في الجزائر أنّ هذه الفوائض توضع في صندوق خاص يطلق عليه "صندوق ضبط الموارد" يستوعب قيمة مالية تربو عن الأربعين مليار دولار، وتتمتع الحكومة هناك بصلاحية اللجوء إلى30 مليار لسد أي عجز، لكن الأزمات الاجتماعية المتتالية، جعلت مراقبين يطرحون استفهامات بالجملة عن فعالية توظيف الفوائض لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي كمعدل النمو ومعدل البطالة، سيما وأنّ احتياطي الصرف الجزائري يضمن للبلاد أكثر من ثلاث سنوات استيراد.
وقد بلغ رصيد صندوق ضبط الإيرادات البترولية قرابة 41 مليار دولار بعد أن تعدت مجمل مداخيله منذ تأسيسه، 68 مليار دولار و قد صرف منها 22.2 مليار دولار لتسديد مسبق لمديونية الجزائر الخارجية.
وبالنسبة لوزارة المالية الجزائرية، فإنّ أموال الصندوق يتم تسييرها بشفافية وفق القانون المسير للصندوق الذي ينص على إنفاق أمواله في اتجاه يخدم الأجيال القادمة، بالخصوص تسديد الديون الخارجية التي كانت ستتحملها الجزائر في المستقبل، ومنه تم استخدام 22.2 مليار دولار من أموال الصندوق لتسديد مسبق للديون، خفض دين الجزائر الخارجي إلى أقل من 5 مليارات دولار مع نهاية السنة الماضية.
من جهته، يدافع وزير المالية الجزائري كريم جودي، عن نظرة السلطات، ويتصور إنّ المؤشرات إيجابية على طول الخط، طالما أنّ الديون العمومية الداخلية سجلت تراجعًا جديدًا لتبلغ 1.050 مليار دج في نهاية سنة 2007 مقابل 1.780 مليار دج في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2006 أي بانخفاض بلغ 41 في المئة، كما تراجعت الديون العمومية الداخلية لتمثل 15 في المئة من الناتج المحلي الخام بنهاية 2007 مقابل 32.6 في المئة سنة 1999.
وتتمثل هذه الديون أساسًا في ديون المؤسسات العمومية المعنية بالتطهير وكذا في سندات الخزينة، وقد أشار جودي أن صندوق ضبط العائدات قد عرف هو الآخر ارتفاعا خلال الأشهر الأخيرة ليقفز إلي 3.215 مليار دج في نهاية 2007 مقابل 2.931 مليار دينار في نهاية 2006 بفضل فائضات القيمة الجبائية المفروضة على المنتجات البترولية.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
البترول والتضخم
رتيببة -

الفوائد ارتفاع سعر البترول تقابلها ارتفاع الاسعار المواد الاساسية الغذائية نجد انفسانا امام مشكل ماهي الفائدة من زيادة اسعار البترول