دافوس الظل الأمريكي وأزمة أسواق المال وعواصف السياسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: أجمع أكثرية خبراء الشأن الاقتصادي عبر العالم، إنّ تشابكات الواقع الأمريكي، وأزمة أسواق المال ومن خلال ما تسبب به تأرجح سوق العملة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الغذاء، وأزمة الشرق الأوسط، ارتسامات ستلقي بظلالها على مؤدى منتدى دافوس في طبعته الـ38، المفتتح الأربعاء بسويسرا، وعلى منوال ما هو واقع من اختناقات اقتصادية على مستوى أقطاب دولية حساسة، ينظر مختصون بتشاؤم إلى ما سينتجه المنتدى رغم رفع عرّابي الأخير لشعار "قوة الابتكار التعاوني" كعنوان كبير لدورة هذا العام، بجانب تموقع المنتدى كأول ساحة حوار في العالم لـ2500 صانع قرار من 88 دولة من جميع الأصناف.
وإذا كان "كلاوس شواب" رئيس ومؤسس منتدى دافوس، قال إنّه "لا يجب الوقوع في التشاؤم المبالغ فيه"، فإنّ خبراء الاقتصاد، يبدون مخاوف متعاظمة من سقوط المنتدى في خانة رد الفعل، بدلا من المبادرة بأساس الفعل، ولعلّ هذا الشعور يفسّر كل القلق العارم والإحباط الذي يغلّف نفسيات المتابعين لأشغال المنتدى.
ويخشى كثير من الفاعلين، تداعيات اندلاع أزمة مالية كونية بمفعول ما يعرف بـ "تأثير الدومينو"، بعد يومين من الهبوط الحاد فى أسواق الأسهم العالمية، لذا يشددون على ضرورة معالجة الرهانات العالمية بطريقة شاملة، تنأى عما يراد لها أن تنحصر في شكلانية التأزم الاقـتصادي الأمـريكي، وتبحث عن صيغ تجعل اقتصاديات العالم في حيطة من تقلبات إقليمية جديدة، وتكفل انتقالا مرنا لرؤوس الأموال من الدول المستهلكة للطاقة إلى الدول المنتجة للطاقة على منوال ما أفرزته أزمة قروض الرهن العقاري عالي المخاطر في الولايات المتحدة، من بوادر كساد، وشبح التضخم، وقضية المياه.
ويرجح مراقبون أن تصبح صناديق الثروة السيادية التي تستثمر مليارات الدولارات من احتياطيات دول معظمها نامية، مصدر الجذب الرئيس هذا العام، علما إنّ 20 في المائة من كبار رجال الأعمال الذين سيشاركون في المنتدى هذا العام هم من دول نامية، وسط انتقادات متسارعة لإقدام المصرف المركزي الأمريكي في خطوة موصوفة بالمستعجلة والمنفردة المنفرد للمركزي الاميركي الثلاثاء عندما خفض الفائدة بواقع 75 نقطة أساس ، ما قد يغذي فقاعة جديدة في الأسواق المالية، في وقت يرى مختصون أنّه كان حريا بالجانب الأمريكي التوغل إلى عمق معضلة القروض الرهنية، لدرء شبح التباطؤ الاقتصادي، بهذا الصدد تصوّر جون ستودزينسكى رئيس الأنشطة الاستثمارية في مجموعة بلاكستون الأمريكية للاستثمار الخاص "ما تحتاجه الأسواق بشدة الآن هو القيادة سواء كانت على المستويين العالمي أو الإقليمي"
ويلاحظ الخبير الاقتصادي نوريال روبيني، إنّ الانكماش الخطير لاقتصاد الولايات المتحدة، ستكون له تبعاته على اقتصاديات الدول الناشئة وحتى المجموعة الأوروبية، ما قد يورث تباطؤا اقتصاديا كبيرا، إذا لم يتصدى منتدى دافوس بنجاعة لهذا الإشكال، ويؤيده في ذلك ستيفن روتش رئيس الفرع الآسيوي في المصرف الأمريكي "مورغن ستانلي"، تبعا لاستحالة "الفصل" بين اقتصادات الدول الناشئة والاقتصاد الأميركي، كما يتوقع روتش "ألما عالميا مضاعفا، تبعا للآلام التي يواجهها المستهلك الأميركي"، بينما يذهب الخبيران إلى إبراز مخاوفهما من احتمال أن يأخذ الاقتصاد العالمي:"تباطؤا أكثر قوة مما يتوقع كثيرون".
وتبدو خطورة تفاقم تأثير أزمة القروض الرهنية الأمريكية، في كون المارد الصيني والعملاق الهندي سيتأثران تبعا لحجم صادراتهما الكبير، وهو ما سيزيد من متاعب الأفارقة، ما لم تحسم فيها "ورشات العمل" والجلسات الـ 235، حتى وإن كان الرهان الاقتصادي لا ينفصل عن اللحاق الاجتماعي الطاغي على منتدى دافوس، خصوصا مع الأحاديث المتداولة عن مقاربة ما يسمى "المواطنة الشاملة للشركات".
وينقسم البرنامج الرسمي للمنتدى، إلى خمسة محاور رئيسة تتعلق بـ: التجارة: التنافس في إطار التعاون، الاقتصاد والمالية: التصدي لانعدام الامن الاقتصادي، الجغرافيا السياسية: التوفيق بين المصالح عبر الانقسامات، العلوم والتكنولوجيا: استكشاف آفاق جديدة للطبيعة، قيم المجتمع: فهم تحولات المستقبل، مع الإشارة أنّ المنتدى يشهد مشاركة شخصيات مالية وصناعية وسياسية بارزة بينهم، 27 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب 113 وزيرا وأكثر من 900 من رجال الأعمال ونحو 10 رؤساء منظمات دولية، فضلا عن 1370 من أصحاب كبرى الشركات، يمثل بعضهم 74 شركة من بين أكبر 100 شركة على مستوى العالم، حسب تصنيف مجلة فورتشن أو فوربز ومن بينهم بيل غيتس رئيس مجلس ادارة مايكروسوفت ولويد بلانكفين الرئيس التنفيذي لبنك غولدمان ساكس وكارلوس غصن الرئيس التنفيذي لرينو ـ نيسان.
وتتضمن لائحة المشاركين، الرئيسان الباكستاني برويز مشرف والأفغاني حامد قرضاي، إضافة إلى وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ورؤساء الوزراء البريطاني والفرنسي والياباني والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وكذا الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي سيكونون بين الحاضرين، ناهيك عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إضافة الى المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي والمدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس ـ كان ورئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه. بينما اعتذر عدد من صانعي السياسة عن حضور لقاء دافوس بسبب مشاغلهم الداخلية، بينهم وزير الخزانة الأمريكي هنرى بولسون ووزير المالية البريطاني اليستير دارلنج.