اقتصاد

الأزمة الائتمانية ترسم ملامح ومعايير الحقبة الرأسمالية المقبلة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

النيوزويك الأميركية تفجر القضية قبل وقوعها (2-2)
الأزمة الائتمانية ترسم ملامح ومعايير الحقبة الرأسمالية المقبلة

أشرف أبوجلالة من القاهرة
مهدت بالفعل عمليات رفع القيود والليبرالية المالية علي مدار العقدين الماضيين لحقبة جديدة وصلت فيها نسب الفائدة المصرفية لمثل هذه الارتفاعات الخطرة كما حدث لمؤسسات مورجان وجولدمان ساكس وميريل لينخ، وشأن تلك الشركات هو شأن باقي المؤسسات المالية العملاقة الأخري التي استعانت بأعداد متنامية من الأوراق المالية المعقدة مثل المشتقات المدعومة بالرهن العقاري لدعم أرباحهم وإيصالها لمعدلات قياسية، بحسب ما أفادت مجلة النيوزويك الأميركية.

أما الآن، فقد أصبحت مثل هذه البنوك أكثر تنظيما بشكل محكم وستنخفض فوائدهم ومن خلالها سيجنون أرباحهم. ولا يعد ذلك بمثابة الأخبار السيئة للبنوك فحسب، بل للاقتصاد ككل - وعلي مدار السنوات القليلة الماضية، قامت المؤسسات المالية بتمثيل ما يقرب من ربع الربح الإجمالي للشركات في الولايات المتحدة، وتراجعهم سوف يأخذ قسما كبيرا من الدخل القومي للولايات المتحدة.

وقالت النيوزويك أنه وعلي الرغم من ذلك ، تحمل الأغنياء نظاماً أصبح معقدا ً للغاية وغير شفاف عن ان كثير من الناس الذين يبرمون اتفاقات وصفقات لا يكون لديه أي فكرة في النهاية عن قيمة الأصول الذين يمسكون زمامها. ونقلت المجلة عن ستيفين روش، رئيس مجلس إدارة مؤسسة مورجان ستانلي آسيا :" ما نحتاجه للخروج من تلك الأزمة هو الالتزام بإدارة أكثر حكمة لرأس المال، وكذلك مؤسسات ووسائل مالية أكثر شفافية. وكنتيجة لذلك، سيتم إفراز نظاما سيرتبط بشكل أفضل مع الاقتصاد الحقيقي الذي تم تصميمه ليخدم في المقام الأول. لقد انتقلت عملية التمويل بصورة بسيطة بعيدا عن مراسيها في الاقتصاد الحقيقي".

كما أكدت المجلة علي أن تلك الأزمة لم تكن وليدة الصدفة علي مدار الأسبوعين الماضيين. فمنذ أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي فصاعداً حررت مجموعة من التغيرات القانونية والتكنولوجية عمليتي نمو ومكسب المؤسسات المالية، وسمح لأموال المعاشات بالبدء في استثمار حقائبهم في الأسواق المالية، كما كان بمقدور الوسطاء أو السماسرة أن يعرضوا أموالاً متبادلة للأفراد، وسمح لأنواع مختلفة من البنوك بالظهور والدخول في مناطق عمل جديدة وشكلت ماكينات الصرف الآلي والبرمجيات التجارية نظام تمويل إلكتروني علي مدار 24 ساعة في الأسبوع.


كما ارتفعت في الفترة ما بين سبعينات القرن الماضي وحتي عام 2005 نسبة الأميركان المالكين للبورصات من 16 % إلي أكثر من 50 %. تماما مثلما جاء في كتاب يحمل اسم " الرأسمالية العظمي" كتبه وزير العمل الأميركي الأسبق في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون حيث قال :" هناك تغير جذري في علم النفس الاقتصادي للأميركان. فالموفرون تحولوا إلي مستثمرين والمستثمرين تحولوا إلي نشطاء ". هذا وقد استمر عملية رفع القيود علي مدار عقد التسعينات من القرن الماضي.

وأشارت المجلة إلي البنوك استغلت فرصة اقتصاديات المدي المتلاحقة ( وكما يقول البعض ، صراعات المصالح ) لكي تنمو أكبر وأكبر وتصبح من أكبر المؤسسات التي تحقق أرباحا كبيرة والقيام بعمليات اكتتاب ضخمة للغاية لمكاتب الملكية الفكرية. ونقلت المجلة يف هذا الشأن عن نوبيل لوريت جوزيف ستيجليتز :" بسماحنا حتي للبنوك التجارية الدخول إلي تلك المنطقة الخطرة، وتشجيع خيارات البورصة مثل الدفع،فانك تكون في ذلك صاحب بعد أو تركيز قصير المدي علي الأرباح الفورية . وذلك يساعد علي خلق ثقافة المقامرة ".

كما أكدت المجلة علي أن تغيرا طرأ علي الاقتصاد قبل عام 2001 ، ما صعب من الأمور بعض الشيء علي طاولة الروليت، لكن بفضل التدني المتزايد في أسعار الفائدة ( تم خفض قيمة الفائدة في الاحتياط الفيدرالي تحت قيادة آلان جرينسبان بنسبة 1 % عام 2003 ). واستمرت عمليات ضخ الأموال اليسيرة. كما كان لانخفاض قيمة سعر الفائدة تأثيرا أيضا علي تفجير السوق إلي مشتقات ائتمانية. وتعد عملية تقسيم الأوراق المالية هي لب وجوهر الأزمة الحالية ، فالمصرفيون يبحثون عن سبل تمكنهم من دعم العائدات في بيئة تشهد انحداراً كبيراً في قيمة الفائدة.

وفي الفترة ما بين عام 2002 حتي الصيف الماضي ، انتعش سوق مقايضة الائتمان الافتراضية وهو النوع الرئيسي للمشتق الائتماني ، ليرتفع من 100 مليار دولار إلي 62 تريليون دولار. وبالنسبة لأسعار المنازل التي شهدت انتعاشة وطفرة كبري في الفترة ما بين عامي 2001 و 2005 فقد تراجعت وكشفت عن معايير الائتمان السيئة. وقال روبيرت ريتش :" لم يكن كل هذا الغضب الذي نشب علي مدار الأسبوع الماضي بسبب قيام الحكومة بتكوين شبكة الأمان الضخمة هذه، لكن نتج نظرا لأن الأشخاص الذين سيتلقونها هم أنفسهم مرتادي الـ وول ستريت الذين يتصرفون كما لو أنهم قطاع طرق خلال السنوات القليلة الماضية ".

ويتوقع عدد من الخبراء أنه مع زوال الرهون العقارية المؤمنة سوف يتقلص سوق الرهن العقاري الإجمالية في الولايات المتحدة لعشر حجمها الحالي. وفي الوقت ذاته، تكون الأسواق المشتقة المعقدة التي زادت ثراء الطبقة الغنية عرضة للتقييد. وتتزايد النداءات في الولايات المتحدة المطالبة بإنشاء مركز لتبادل المعلومات يجعل التجارة أكثر شفافية . وفي أوروبا ، وتسير خطط تنظيم المشتقات إلي الأمام بالفعل : ففي الأسبوع الماضي قامت المفوضية الأوروبية بصياغة اقتراحا ً يحظر أو يحد من الحيل المصرفية السحرية التي تحول الديون الخطرة إلي ثلاثة أضعاف ألف الأوراق المالية.

واختتمت المجلة حديثها بالقول أن العالم قد يصبح وهو في طريقه لدخول الحقبة الاقتصادية الجديدة مثل أوروبا. ويقول بوب ماكيكي، كبير الاقتصاديين بالاستراتيجية المستقلة في لندن :" سوف نتجنب الفشل، ونشكو كثيراً بدون حدوث أي زيادات كبري في النمو، لكن لن تحدث كوارث في الوقت ذاته أيضا ". وأشارت المجلة إلي أن المرحلة المقبلة سوف تشهد زيادة كبيرة في أعداد الموفرين عن المستثمرين. وسوف تهيمن ثقافة التوفير مع توقع استمرار اشتداد الأزمة الائتمانية علي المدي القصير.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف