الشيخ محمد بن راشد .. كان في سيتي سكيب

زيارته طمئنت الكثيرين .. ومشاريع دبي تعيد الثقة في ظل الازمة
الشيخ محمد بن راشد .. كان في سيتي سكيب

زيد بنيامين من دبي :

سيارته المارسيدس كانت واقفة امام بوابة مركز دبي الدولي للمعارض والمؤتمرات، وحيدة وحولها امرأتان من جنوب شرق اسيا تتحدثان بالموبايل دون معرفة كما يبدو باهمية السيارة التي تقفان الى جانبها.. وعدد اخر من الزائرين الذين كانوا يحملون اكياس تحتوي على الملصقات والهدايا التي تقدمها المنصات العارضة ومنهم من يركض محاولاً اللحاق بالاشارة الضوئية التي ستصبح خضراء وبالتالي يفقد الفرصة للعبور الى الجانب الاخر من الطريق ومنهم من يحاول اللحاق بالتاكسي وهناك من المواطنين من يريد ان يلتقط صورة للسيارة لانهم يعلم جيداً لمن تعود.. عموماً كانت الحياة عادية رغم ما فعله هذا الرجل في هذا البلد لم يكن عادياً ابداً..

لطالما عكس معرض سيتي سكيب الذي اختتم اليوم صورة امارة دبي صاحبة الطفرة العقارية التي اطلقها الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في نهاية العقد الماضي ومن هنا فان الشيخ محمد لا يفوت دورة منه الا ويزوره سواء في وفد رسمي ام بعمل زيارة مباغتة "للتأكد من كلام المسؤولين اللذين يقولون ان كل شيء تمام!" ووجوده يمثل اكبر عامل للاطمئنان.

دبي اختارت اطلاق معرض هذا العام بصورة مغايرة، فعشية انطلاقه قام الشيخ حمدان بن محمد بن راشد ال مكتوم ولي عهد دبي بمشاهدة عرض لبرج نخيل الجديد والذي يعرف بين العامة بـ (برج الـ 1000 متر) وفي اليوم الاخير من المعرض زار الشيخ محمد ذات المنصة ليطلع على المشاريع القادمة التي تحاول دبي ان تبقى في المركز الاول على مستوى المنطقة ومن مشاريع نخيل.

يسير بسرعة بين المنصات وكأنه يستعرض جنوده، وهم هنا يختلفون في المعنى عن الجنود اللذين طالما عرفتهم منطقة الشرق الاوسط، فدبي تدافع عن نفسها بالمزيد من البناء ولا وقت لتعليق الاسباب بعنق ازمة عالمية خانقة، او خطة انقاذ، فلدبي خطة طريق للنجاح تسير عليها واجبرت الاخرين حولها بالسير عليها ايضاً.

الامارة فعلت ما عليها وبقي على المستثمرين بث الثقة في قلوبهم فالازمة العالمية كانت هناك في جنبات المعرض، وعلى مدى ايام كنا نسمع ما يقوله هولاء، بعيداً عن شاشات التلفزيون.

تقول مديرة التسويق باحدى الشركات "يذكرني ما يحدث بحرب العراق، فاثناء تلك الفترة في 2003 كنا نجلس امام شاشات التلفزيون ننتظر كل ما هو جديد وقلوبنا تتقطع على هذا البلد، وقد تذكرت هذا المشهد حينما وقعت عيني على شاشة التلفزيون وانا مجتمعة بعدد من العملاء، ذكرني اللون الاحمر على الشاشة وتوالي التراجعات بحرب العراق فالكل يترقب ما يحدث ومالذي سيحدث ولايعرف ما هي الخطوة التالية".

اغلبية ما يقال على الشاشات في سيتي سكيب هو مطمئن ولكن الاهم ما يقال قبل ان يعطى الضوء الاخضر للمايكرفون للقيام بواجبه "كانت الوحدات السكنية تباع لدينا مثل الملح، اما اليوم فالامور متراجعة بمستوى كبير ، الكثيرون يعزفون عن الشراء ويحضرون للزيارة والمشاهدة فقط، ولا نعرف تفسيراً معيناً لهذا التراجع.. استطيع ان اقول لك اننا لم نقوم ببيع شيئ تقريباً".

اللافت خلال ايام المعرض مدى الارتباط بسوق دبي المالي، فالكل كان يسمع خلال الايام الثلاثة الاولى بالتراجع الكبير الذي يشهده السوق، ويتابع سعر سهم اعمار الذي وصل الى 5.11 درهم للسهم يوم الاربعاء وهو اليوم الذي شهد سوق دبي المالي اكبر انخفاض له في يوم واحد على مدى تاريخه وصل الى نحو 10% قبل ان يستعيد بعض خسائرة ويغلق على تراجع تجاوز الـ 8%، لكن الخميس كان الامر مختلفاً فقد ساهم قرار البنوك المركزية العربية والعالمية بخفض سعر الفائدة في غسل اللون الاحمر الذي ظل طاغياً على المؤشر طوال الاسبوع الماضي.

ثم يأتي الحديث عن الاندماجات وكان احمد مفيد السامرائي ابرز المتحدثين في هذا الموضوع، انها احد ادوات الحل المطروحة وبقوة "لماذا نمتلك 42 مصرفاً في دبي، ولماذا لا نعمل مثل سنغافورة التي تملك ثلاثة مصارف وتساوينا في الاهمية، ولا يمكن لاي ازمة ان تهز اقتصادها او بنوكها؟".

حينما سألته عن خطوة الاندماج بين املاك وتمويل فاختصر الموضوع بالقول "انها خطوة جيدة رغم انها متأخرة" ، كان احمد السامرائي احد ابرز المحللين الاقتصاديين والماليين في دبي قد اكد على هذا الكلام اليوم في حلقة نقاشية حضرها بالجينز مع كبار المطورين في مدينة عرفت بقادتها الشباب، وكان مختصر الكلام "ان المصارف هي سمعة اي دولة، ولو سقط اي بنك عربي من بين البنوك الـ 270 ستتساقط بقية البنوك لانها كالسلسلة او احجار الدومينو، فلماذا نخاطر".

ولكي لا يكون الكلام كله (متشائماً) فأن احمد السامرائي يرى ان الوقت اليوم هو افضل فرصة للاستثمار "افضل وقت لشراء الاسهم، لمن يريد ان ينظر الى الاستثمار طويل الامد".

لاشك ان الكثيرين حاولوا ان يستفيدوا من معرض سيتي سكيب من اجل استمالة الاموال التي سحبها المستثمرون من اسواق الاسهم واعادوها الى (تحت وساداتهم) ولو الى حين، فالعقار هو الاكثر اماناً لكن الكل اتفق ان "الوقت كفيل بحل هذه الازمة" وان "بنوك المنطقة تعلمت جيداً من الدرس في الخارج" وانه "من الجيد ان الازمة قد بدأت في الخارج ولم تبدأ من المنطقة، لان البنوك المركزية اثبتت انها قد استفادت من دروس الباقين وتحركت بنضج" وان "هناك من يتوقع ان تساهم خطة الانقاذ ومبلغ الـ 700 مليار دولار في حل الازمة حالاً وهو كلام مجموعة من الهواة ولكن لو نظرنا الى المستقبل فأنه افضل بالتأكيد وقد انتهى زمن التضخم في اسعار الاسهم".

الكل كان متفقاً ان الامور بخير، ففي اي بلد تستطيع ان تقترب من السيارة التي تحمل لوحة (1) وتلتقط صورة او تتكلم بالموبايل بالقرب منها، الا دبي والامارات حيث تستطيع الاقتراب من السيارة التي تحمل لوحة (دبي - 1) ومن صاحبها وتلتقط له صورة وتسلم عليه، رجل يؤمن بالافعال التي تتحدث عن نفسها، ويمشي بخطى ثابتة وسريعة.. كما تسير دبي.

السيارة التي تحمل الشيخ محمد بن راشد في جولاته الميدانية