اقتصاد

الأزمة المالية تفرز مصطلحات ومفردات جديدة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مجدي عبيد
أفرزت الأزمة المالية العالمية مصطلحات ومفردات للتعبير عن مجرياتها وملابساتها من حالات إفلاس متتالية وعمليات بيع اضطرارية وتدخل الدّولة لإنقاذ المؤسسات، وكان مصطلح "الضغوط الائتمانية credit crunch الأكثر تداولا، ويعني انكماش حجم السيولة المتوفرة للإقراض، كما أن هناك من يترجمه بأزمة الائتمان ولقد ظهر هذا المصطلح القديم الجديد مع أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية في الوقت الحالي.

وفي قلب الأزمة يقع القرار الذي اتخذته شركات القروض السكنية الأميركية بتقديم قروض إلى زبائن لم يكونوا "ملأى"، بمعنى أنهم لم يكونوا متمتعين بالقدرة المالية على تسديد أقساط الديون في مواعيدها، ويميز هذا النظام في السوق العقارية قطاع التصنيف الممتاز prime عن قطاع القرض عالي المخاطر (سب برايم) subprime، حيث توضع شروط التسليف بتضخيم أسعار الفائدة العادية بعلاوات مخاطرة والمقصود بهذا التعبير هو القروض الرديئة (من سكنية وغيرها) التي تم تحويلها إلى سندات وأنواع أخرى من الأوراق المالية والتداول بها، ما كان من شأنه نشر السموم في جميع أرجاء النظام المالي.

وظهر في خضم تصاعد الأزمة مصطلح الأوراق المالية المهيكلة والمدعومة بالموجودات، ويعبر هذا المصطلح عن اضطرار البنوك وغيرها من المؤسسات إلى تخفيض قيمة الموجودات المدعومة بالقروض السكنية والمجاميع المعقدة من السندات مثل الأوراق المالية المهيكلة والمدعومة بالموجودات، حيث ساعدت الأوراق المالية المشتقة من هذه السندات، أي المشتقات الائتمانية، على نشر مخاطر المنتجات إلى مدى أبعد في جميع أنحاء السوق.

وللاحتماء من احتمال عجز عن سداد هذا المبلغ الهائل من القروض، شرعت هذه المؤسسات المقرضة من تجميع القروض وإصدار سندات صَرَفتها في الأسواق المالية، وبالخصوص في البنوك الكبيرة: كانت هذه المنتجات المشتقة المدعومة بالرهون العقارية Mortgage Based Securities وبشكل خاص (سب برايم) تدر في الواقع فوائد تفوق بشكل واضح السندات الأخرى.

ووبدرها جرى ضمانها بمنتجات مشتقة أخرى تسمى "سندات الدين الجانبية Collateralized Debt Obligations التي تؤلف بين القروض الأكثر خطورة وأخرى أكثر ضمانا.

لقد مكنت أمثال هذه الآليات من تصدير وتوزيع المخاطر المتزايدة باستمرار، غير أنها يسرت في الآن ذاته مضاعفة لا محدودة لهذه المخاطر مراهنة على تمويهها وتوزيعها.

ويتبع المحاسبون أسلوباً معيناً في قيودهم برفع أو إنقاص قيمة الموجودات الموجودة في قيود البنوك حين ترتفع قيمتها السوقية أو تهبط. وكان من شأن هذا الأسلوب إشعال فتيل خسائر هائلة من قبل البنوك، حين انهارت القيمة السوقية لموجوداتها.

وكان مصطلح السيولة من المصطلحات المتداولة في توصيف مجريات الأزمة والمقصود بالسيولة هو القدرة على تحويل الموجودات والأموال بسرعة وبتكلفة رخيصة. ولكن حين تتجمد السيولة، يتجمد معها كذلك النظام المالي.

ومن الناحية التاريخية فإن البنوك تبلغ من الكبر والجدارة الائتمانية حداً يجعل سعر فائدة ليبور يزيد بمقدار يسير للغاية عن سعر الفائدة الرسمي الذي تحدده البنوك المركزية للإقراض بين البنوك، وتشتق هذه الكلمة مشتقة من الأحرف الأولى من التعبير الإنجليزي London Interbank Offered Rate، الذي يعني سعر الفائدة على القروض بين البنوك في سوق لندن. ومع انتشار المخاوف في السوق، اختارت البنوك أن تكنز الأموال النقدية، وألا تقرضها إلا مقابل فائدة أعلى بكثير من الفائدة الطبيعية.

وحاولت البنوك المركزية مساعدة البنوك التجارية التي تحتاج إلى السيولة وذلك من خلال الالتفاف على أسواق المال وتقديم مليارات الدولارات إلى البنوك المذكورة بصورة مباشرة، وهو ما درج على تسميته "بالتسهيلات الائتمانية" credit facilities.

وهكذا لم تعمل الأزمة المالية فقط على كشف حقيقة ما يدور من ملابسات وأحداث والتي جري توصيفها بمفردات عديدة، من بينها "الزلزال" و"الصدمة" و"الانهيار"، فضلا عن صياغة ألفاظ وكلمات لوصف درجات تصاعد الأزمة في الأسواق المالية، من بينها "الذعر" و"الرعب" والهلع" وإنما كشفت كذلك عن العدد الكبير من المصطلحات الفنية التي يعتمد عليها العاملون في القطاعين المالي والمصرفي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف