اقتصاد

خبراء يرون بقصور الخطة الأميركية في معالجة الأزمة المالية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر سترهن مخططها الإنمائي إذا واصلت التعامل بالدولار
خبراء يرون بقصور الخطة الأميركية في معالجة الأزمة المالية
كامل الشيرازي من الجزائر
أجمع خبراء تحدثوا لـ"إيلاف" على "قصور" المخطط الأميركي في معالجة الأزمة المالية العالمية المتفاقمة، والتقى د/ بشير مصيطفى مع الأستاذ عبد الرحمان مبتول، في كون سياسة ضخ الأموال التي تنتهجها الولايات المتحدة الأميركية لن تكون فعالة في القضاء السريع على سوالب الأزمة المالية الدولية والاستبعاد النهائي للمخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي.

ولفت الخبيران مصيطفى ومبتول إلى أنّ السبل التي تنتهجها أميركا هي الاجراءات نفسها التي اتبعتها خلال الأزمة المالية سنة 1929، ولم تنجح آنذاك، ويشيران إلى أنّ سياسة ضخ الأموال في البنوك الأميركية الكبرى يمكن أن يكون حلا مؤقتا، بيد أنّه ليس نهائي أو حاسم للأزمة المالية الكبرى، حيث يذهبان إلى أنّه يمكن أن تتجدد الأزمة الحالية مستقبلا مثلما تجددت بعد العام 1929.

ويشاطر الخبير أرسلان شيخاوي رأي د/بشير مصيطفى، في كون المخرج من الأزمة المالية العالمية يقتضي تعديل القوانين البنكية الأميركية، بداية من إقرار مطالبة المصارف لزبائنها بضمانات، ويلاحظ الخبيران أنّ أميركا اضطرت في أوجّ مأزقها العودة إلى ما تنص عليه المفاهيم الإسلامية في المعاملات التجارية، حيث أقدم خبراء أميركيين على البحث عن حلول للأزمة داخل بنوك الشريعة الإسلامية، وما ترتب عن ذلك من قبول النظام المصرفي الأميركي تداول الصكوك الإسلامية بشرط تسميتها باسم الصكوك المحاكية للصكوك التقليدية.

وتصوّر الأستاذ "رياض عمور" الموظف السابق ببورصة وول ستريت، أنّ جوهر مشكل الأزمة المالية العالمية يعود إلى استخدام الأسهم والسندات، بعدما تحولت التجارة الأميركية من التعامل بالصيغ النقدية إلى استعمال الأسهم والسندات في مشاريع استثمارية، ويقول عمور بفشل استخدام الرهن العقاري، ما أدى إلى بروز عهد التوريق وما ترتب عنه من لجوء البنوك الأمريكية إلى تخفيض الفوائد على القروض، وهو ما زاد من عدد طالبي القروض في صورة العوائل الراغبة في شراء البيوت، ما أسهم أيضا في ارتفاع عدد المشاريع السكنية إلى أن عجز عموم المقترضين عن سداد القروض، وهو ما انعكس سلبا على القروض البنكية بحيث إن سعر الرهن أصبح أكبر بكثير من سعر السكن. وأمام تراجع عدد المسددين للديون، ظهرت الأزمة المالية العالمية.

إلى ذلك، حذر خبراء في الجزائر، من كارثة اقتصادية قد تطال الأخيرة إذا ما واصلت التعامل بالدولار في مختلف تعاملاتها التجارية الخارجية، وجزم هؤلاء أنّ المخطط الإنمائي الذي اعتمدته الجزائر منذ ثلاث سنوات ورصدت له مخصصات زادت عن المئتي مليار دولار، مهدد بالاحتباس.

ويذهب الخبير عبد الرحمان مبتول إلى أنّ الخزانة الجزائرية العامة ستتكبد خسارة تربو عن نصف مليار دولار في حال تمسك الحكومة هناك بالعملة الرئيسية الأولى عالميا في سائر تعاملاتها الدولية، ويلفت محدثنا إلى أنّه بحكم سيطرة المحروقات على 98 بالمئة من الصادرات الجزائرية، فإنّ الوضع المالي للبلد سيتأزم بصورة أكبر، وهو ما يعني أزمة اقتصادية داخلية ستكون آثارها وخيمة على أكثر من صعيد، أبرزها اضطرار الحكومة لاستخدام مخصصات قانون الموازنة للعام القادم، من أجل تغطية نفقات فاتورة الغذاء المتزايدة بحكم تضاعف حجم التبعية للغرب، بدل ادخارها لقطاعات استثمارية منتجة.

وفي وقت أكّد وزير المال الجزائري "كريم جودي" أنّ "وقع الأزمة المالية التي ألمت بالبلدان المتقدمة سيكون محدودا على اقتصاديات مشابهة لاقتصاد الجزائر"، وذهب إلى أنّ الجزائر و"بفضل مواصلة الإصلاحات المعتمدة وتسييرها المالي الحذر"، تبقى في منأى عن هذه الاضطرابات على المدى القصير، شدّد الخبيران مصطفى مقيدش و د/ بشير مصيطفى، على أنّ الجزائر وخلافا لتقديرات مسؤولين حكوميين، لن تكون في منأى عن مخاطر أزمة المال الكونية، وأشار مقيدش ومصيطفى إلى أنّ أولى بوادر ذلك هي عودة انخفاض أسعار النفط إلى مستويات آخذة بالانحدار أكثر وأكثر في ظل الانكماش الاقتصادي العالمي والاضطرار إلى التصرف بالاحتياطات المالية.

وأوعز مقيدش ومصيطفى، أنّ المخاطر التي تحيط بالجزائر تتلخص في اتكاء اقتصادها على البترول، وإذا استمرت الأزمة المالية العالمية ستفرض على أمريكا والكثير من الدول الأوروبية تقليص حجم استيراد البترول، وهو ما سيجعل أسعاره تنخفض يوميا إلى أن تسقط نهائيا، خاصة أن أمريكا تمتلك احتياطيا عالميا. وهنا يمكن بحسب "بشير مصيطفى" أن تتأثر الجزائر لأن اقتصادها مرتبط أساسا بالبترول وبالدولار الذي يعرف نزولا حادا مع الأزمة المالية، وخروج الجزائر من دائرة الخطر يمرّ عبر جنوحها إلى تطوير صادراتها وتنويع المتعاملين الاقتصاديين من مختلف بلدان العالم.

وأيّد مبتول نظرة مقيدش ومصيطفى في حتمية مراجعة السياسة المالية والاقتصادية للدولة الجزائرية، واتخاذ السلطات إجراءات الحيطة من وصول عواقب أزمة المال العالمية إلى النظام المالي والمصرفي الجزائري، تبعا لارتباط الأخير بآليات تصريف الدولار الأمريكي، علما أنّ رئيس الوزراء الجزائري "أحمد أويحيى" صرّح قبل أيام إنّ النظام الاقتصادي والمالي الجزائري "لا يزال متخلفا بعض الشيء" وهو ما يقيه من آثار الأزمة المالية العالمية، وذكر أنّ الاقتصاد الجزائري القائم أساسا على تصدير المحروقات، "سيظل في مأمن ما بين خمس إلى عشر سنوات، ما لم يعرف تطورا"، مبررا قوله بأنّ انخفاض سعر البرميل إلى 60 دولارا، سينجم عنه ظهور نتائج في غضون خمس إلى ست سنوات، وحتى إذا انخفض إلى عشر دولارات، فستكون الجزائر بحسبه "في مأمن لسنتين أو ثلاث على الأقل"، مضيفا "حتى ولو تقلصت عائدات البلاد، فلدينا احتياطي صرف يبلغ 137 مليار دولار، بجانب كون الـ43 مليار دولار وهي قيمة الودائع الجزائرية بالخزانة الأمريكية "محمية ولن تضيع".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف