اقتصاد

القادم أسوأ في الأزمة المالية العالمية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

د.زايد الحصان : آنا شوارتز، اقتصادية أمريكية معمرة تبلغ التسعين عاما من العمر ولا تزال تتمتع بذاكرة حديدية، تعتبر من أكثر الاقتصاديين الأمريكيين معرفة بخبايا وخفايا السياسات النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر كتابها الذي ألفته في العام 1963م، مشاركة مع عالم الاقتصاد الشهير ومهندس النظرية النقدية الحديثة ميلتون فريدمان، والمعنون ب (تاريخ السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية) من أهم الكتب التي تحتوي على أسرار وآلية عمل السياسات النقدية في الاقتصاد الأمريكي خلال القرن الماضي. ماذا تقول آنا شوارتز عن الأزمة المالية العالمية التي تعصف باقتصادات العالم وأسواقها المالية حالياً وتأكل الأخضر واليابس؟ تقول باختصار إن خطة الإنقاذ التي تدعمها الحكومة الأمريكية الحالية ذات السبعمائة مليار وأختها الأخرى المسماة بخطة المزادات ذات التسعمائة مليار دولار سوف تؤديان إلى (لاشيء)، وكل ماسينتج عن هاتين الخطتين هو إطالة لعمر الأزمة فقط وليس حلها، فالأسوأ قادم لا محالة، فهي تقول إن الحكومة الحالية تركز على مساعدة البنوك وليس مساعدة النظام المالي برمته، وهذين الأمرين مختلفان تماماً. وأن ذلك خطأ جسيم يرتكبه المستشارون الاقتصاديون للرئيس الأمريكي، فالبنوك التي تأثرت بشكل كبير في الأزمة الحالية وبدأت تعاني من خطر الإفلاس يفترض أن ندعها تواجه مصيرها المحتوم نحو الإفلاس حيث يجب عليها أن تدفع ثمن ممارساتها الخاطئة بدلاً من أن يتحملها المواطن الأمريكي العادي وفقا لخطتي الإنقاذ سالفتي الذكر. فلا تزال آنا شوارتز تتذكر جيدا كيف أن قرار الحكومة الأمريكية بضخ مزيد من السيولة في بورصة نيويورك المنهارة خلال العام 1929م أدى إلى دخول الاقتصاد الأمريكي فيما يعرف بالكساد العظيم والذي استمر حتى العام 1933م. ومع إعلان الرئيس الأمريكي وكبار مستشاريه الاقتصاديين نهاية الأسبوع الماضي أن الاقتصاد الأمريكي بدأ يدخل فعلا في نفق الكساد المظلم، تكون الحكومة الأمريكية قد كررت نفس الخطأ السابق. وما يهمني حقيقة في رأي تلك السيدة العجوز هو أن أتوجه نيابة عنها بنداء للحكومات الخليجية بأن تكون حذرة من تداعيات تلك الأزمة وأن تنأى بنفسها عن المشاركة في أية حلول لعلاجها تعتمد بصفة أساسية على تمويل البنوك المتعثرة عن طريق شراء أصول تعرف ب Toxic Securities وهي أوراق مالية ليست ذات قيمة حالياً نظراً لانعدام الطلب عليها رغم حجمها الكبير جدا وهي التي تسببت في تدهور أو بالأحرى تجمد القطاع المالي الأمريكي وبالتالي أدت إلى إفلاس العديد من البنوك. ويجب أن تدرك الحكومات الخليجية بأن تلك الأزمة قد فعلت فعلتها في الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات الغربية بالتبعية وستظل التأثيرات السلبية لهذه الأزمة متواجدة لسنوات يتوقع لها أن لا تقل عن سنتين وأن لا تزيد على أربع سنوات لكي تتعافى تلك الاقتصادات من كبوتها، وليست الأزمة المالية التي ضربت شرق آسيا في نهاية العام 1997م عنا ببعيد حيث احتاجت الاقتصادات الآسيوية المتعثرة لأربع سنوات لكي تستعيد عافيتها وتخرج من نفق الركود الذي دخلت فيه في العام 1998م. إذن يعتبر خيار الهجرة للأموال الخليجية المستثمرة في الأصول الغربية، وهي بالمناسبة تتركز وبدرجة كبيرة في أذونات الخزانة الأمريكية قليلة العوائد وعديمة المخاطر بحكم أنها مضمونة بالكامل من قبل الحكومة الأمريكية، هو قرار سيادي فإما تركها في قنواتها الحالية الآمنة أو سحب جزء كبير منها واستثماره في قنوات استثمارية أخرى في الاقتصادات التي سوف تبرز قريباً كملجأ استثماري جاذب وآمن للأموال الغربية والتي سوف تهاجر مضطرة للبحث عن فرص استثمارية خارج اقتصاداتها المحلية التي تواجه شبح الركود حاليا. ومن المعروف انه في مثل هذه الظروف الاقتصادية غير المواتية في الدول المستقبلة لتلك الأموال، تقوم الدول التي تتوفر لديها رؤوس أموال إضافية بتعزيز البنية التحتية لاقتصاداتها وتزيد من استثماراتها في داخل اقتصاداتها المحلية عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع الجديدة التي تدعم قطار التنمية المحلية وتعمل على استدامة النمو الاقتصادي الوطني وزيادة مستوى الرفاه الاقتصادي لمواطنيها.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف