قمة العشرين الاقتصادية تبدأ وسط نبرة تشاؤمية وتفاؤل حذر

أشرف أبوجلالة من القاهرة:وسط حالة من الإحباط والتخبط على شتي الأصعدة والمستويات الاقتصادية والمالية ، تنتظر كافة دول العالم ما ستسفر عنه قمة أسواق المال والاقتصاد العالمي المقامة الآن في العاصمة الأميركية واشنطن، بمشاركة قادة دول وحكومات مجموعة العشرين والمؤسسات الدولية الكبرى، حيث تهدف هذه القمة إلى بحث سبل مواجهة الأزمة الحالية في أسواق المال العالمية ودعم الوضع الاقتصادي الدولي .. ووسط هذا الكم الكبير من الاهتمام على مستوى المستويات في القمة وما ستؤول إليه، كان كذلك اهتمام الصحف ووسائل الإعلام الأميركية والعالمية بتداعيات القمة وملابساتها وكذلك توقعات الخبراء والمحللين ورؤيتهم للوضع المالي المستقبلي.

ففي تقرير مثير لصحيفة لوس أنجليس تايمز الأميركية ، جاءت الصورة قاتمة بعض الشيء حيث قال مورا رينولدز، محرر الشؤون الاقتصادية في الصحيفة في بداية التقرير إن القادة العالميين الذين احتشدوا في واشنطن من أجل بحث سبل مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية المتصاعدة قد يتهمون باتخاذهم نهجا واهيا وضعيفا في تطوير استراتيجية للخروج من هذا الموقف المتأزم. وتكهن رينولدز بأن يخرج هؤلاء في نهاية القمة ليؤكدوا أنها لم تكن سوى القمة الأولى لمجموعة من القمم التي سيتم الترتيب لها مستقبلا ً. وأن اتفاقهم على خطة مواجهة مشتركةما زال أمامها العديد من الأشهر على أفضل تقدير. وخلصت الصحيفة في مجمل حديثها إلى أن تلك القمة لن تسفر عن حلول سريعة وفورية لتداعيات الأزمة الحالية. وادعت أن الصبغة السياسية سوف تطغى على القمة رغم أنها منعقدة في الأساس لبحث شؤون اقتصادية.

ولم تختلف الرؤية كثيراً عند المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، حيث أكدت في مقابلة خاصة مع صحيفة ( سوديوتشي زيتانج ) الألمانية أن الوقت قد حان لتحقيق إصلاح نظامي. محذرة ً في الوقت ذاته من أن ضرورة خروج الدولة من الأسواق المالية عملية غير مرحب بها. كما توقعت ميركيل بأن تشهد المفاوضات والمحادثات خلال قمة العشرين العديد من الصعوبات ، مشيرة إلى أنها لن تنتهي في هذه القمة ، بل ستدوم لفترات مقبلة. ومع هذا شددت ميركيل على أن هذا التوقيت هو التوقيت المثالي لفرض مزيد من الرقابة على الأسواق المالية. وقالت :" لم يفهم سوى عدد قليل منا لفترات طويلة تلك الأخطار بعيدا من هؤلاء الذين كانوا يريدون كسب المال من المنتجات ( المالية الجديدة المعقدة ) ، وهذا لن يحدث ثانية ً ، ولن يسمح بحدوث ذلك مرة أخرى ".
أما تعليق صحيفة التايمز اللندنية على القمة فقد جاء مبشرا بعض الشيء، وحمل بين طياته روحا واضحة من التفاؤل حول النتائج التي ستؤول إليها .. ففي مقال مثير أكد أندرو هوب - مدير الغرفة التجارية الدولية في المملكة المتحدة - على أن هناك لمحة كي يتخذ المجتمع الدولي خطوات جريئة لاسترداد الثقة في قيمة الاقتصاد العالمي. كما شدد على أهمية انعقاد تلك القمة في هذا التوقيت تحديدا ً من أجل إخراج العالم في مثل هذه الأوقات العصيبة.
أما صحيفة التلغراف البريطانية فكتبت تحت عنوان " قمة العشرين قد تتحول لتصبح إحدى الخطوات المهمة نسبيا على طريق التصحيح المالي "، وأكدت في البداية أن هذه القمة قد تسير على نهج السيناريوهات السينمائية: 20 رجلا وامرأة يجتمعون في مكان سري لساعات قليلة لإنقاذ العالم من كارثة. فهناك الروس المشكوك فيهم وبعض الشرقيين المراوغين وأميركي سيئ السمعة ، لكن القادة الواضحين هما اثنان من أبطال أوروبا الخارقين: طالب اسكتلندي خطر واحد أشباه نابليون المندفعين من فرنسا.

وقد أشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طالبا بأن تكون تلك القمة قمة جديدة علي درب "البريتون وودز" وهو مؤتمر النقد الدولي الذي انعقد من 1 إلى 22 يوليو 1944 في غابات بريتون في نيوهامبشر في الولايات المتحدة الأميركية، وقد حضر المؤتمر ممثلون لأربع وأربعين دولة. وقاموا بوضع الخطط من أجل استقرار النظام العالمي المالي وتشجيع إنماء التجارة بعد الحرب العالمية الثانية. وتمنى الممثلون إزالة العقبات على المدى الطويل بشأن الأقراض والتجارة الدولية والمدفوعات. وأكدت الصحيفة أن هذه الأهداف هي ما سيسعى القادة والحضور في القمة الحالية لتحقيقها.
أما صحيفة صوفيا إيكو البلغارية الشهيرة فقد كتبت تحت عنوان " توقعات مختلطة لقمة العشرين المالية في واشنطن" أنه في الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن قمة العشرين المقامة حاليا ً في واشنطن قد تصبح حدا فاصلا في المناقشات بشأن التوصل إلى حلول الأزمة الاقتصادية العالمية ، شدد مسؤولون بارزون من عدد من الدول المشاركة في القمة بضرورة عدم انتظار الكثير من وراء هذه القمة. في حين أشار موقع كندا دوت كوم إلى أن قمة العشرين تفتح الطريق أمام حلم الخروج من الأزمة العالمية الاقتصادية. وتحت عنوان " هل تنقذ قمة العشرين الاقتصاد ؟" ، خلصت تقرير الموقع إلى أن القمة سوف تمثل بكل ما تحمله الكلمة من معنى حدثا تاريخيا فهناك الدافع الحقيقي لإنقاذ اقتصاديات العالم.