السّائح الألماني يرى في تونس وجهته المفضّلة

إسماعيل دبارة من تونس: مع إقتراب فصل الشتاء من كلّ عام تشدّ السائحة الألمانية بريجيت تومان 34 سنة الرحال إلى تونس لتقضي فيها إجازة تستمرّ ما بين عشرين يومًا وشهرًا واحدًا.
عادة السائحة بريجيت في زيارة تونس شتاء لم تنقطع منذ العام 2003 ، تتردّد باستمرار على المناطق السياحية التونسية كنابل وسوسة وتصل أحيانًا إلى أقصى الجنوب لتقضي بعض الوقت في جزيرة الأحلام جربة وبعض المحافظات الصحراوية، هناك كتعبير عن ارتياحها لما تجده في تونس من طقس دافئ ومناطق جذابة وترحاب من أهل البلد.

تقول لـ "إيلاف": "أقرّر كل سنة تغيير وجهتي نحو إحدى الدول الآسيوية أو أميركا اللاتينية ، لكنني لا أجد مبررًا لذلك، ففي تونس وجدت حسن الاستقبال والطقس الملائم خصوصًا وأنني أشكو من مرض أصاب أطرافي، ثم إنّ أهل تونس مضيافون مبتسمون في وجوهنا".
السائح الألماني ،سائح بمزاج خاص للغاية ، تتنافس دول شمال إفريقيا وحوض المتوسّط على كسب ودّه ونيل ثقته بما تقدمه له تلك الدول من خدمات متنوعة، وهذا التنافس قد يكون مبررًا للغاية كون السائح الألماني مهم للغاية، وله من المميزات والخصوصيات الكثيرة.
يتميز السياح الألمان بأطول مدة إقامة مقارنة ببقية الجنسيات وذلك بمعدل 11 يومًا مقابل 6 أيام فقط للسائح الفرنسي مثلاً.

كما يتميز السائح الألماني بزيارته لجل المناطق السياحية عند تواجده في البلاد ويبرمج زياراته في فترات مختلفة من السنة، إلا أنّ الخصوصية الأهم والتي تجعل من مسؤولي القطاعات السياحية يتهافتون على هذه الجنسية، ارتفاع معدل إنفاق السائح الألماني مقارنة ببقية السياح، وتشير البيانات الرسمية في تونس إلى أنه ينفق أكثر من 812 يورو خلال زيارته.
رودولف سابيين 55 عامًا ، يتردّد على تونس مرتين كلّ سنة ، رجل أعمال سابق سلم كلّ ما يملكه من متاجر متخصصة في بيع الحلوى إلى ابنه و تفرّغ للتجوال و زيارة البلدان ، يقول لإيلاف:إن رغبت في اكتشاف الجديد أزور مصر ، و إن أحببت قليلاً من الصخب و المتعة أزور المغرب ، و عندما أركن إلى الراحة و الاستجمام فأنا أفضل تونس و طقسها المعتدل و مناطقها الخلابة".

وردًا على سؤالنا المتعلّق بما يقال عن غلاء المعيشة في تونس و ما يواجهه السائح الأجنبي من معاليم باهضة للغاية يقول السيد رودولف:"ما يُدفع هنا يكون عن طيب خاطر لأن الخدمات مُميزة ، ولكنني أعتقد أنّ أثمان الفنادق والمرافق تبقى في المتناول مقارنة ببقية الدول الأخرى التي أزورها ، و إن كنت اقرّ بتزايد ملحوظ في التكاليف من سنة إلى أخرى".
الحكومة التونسية ممثلة في وزارة السياحة تدرك من جهتها قيمة السائح الألماني و الفوائد التي يمكن أن تُجنى من وراء قدومه و أولها العملة الصعبة و الإنفاق المتزايد ، و تحاول تونس قدر الإمكان الحدّ من تراجع إقبال السياح الألمان إليها.
وعلى الرغم من أنّ التقارير الحديثة تقول إنّ عدد الوافدين الألمان على تونس خلال التسعة اشهر الأولى من السنة الجارية سجل زيادة بـ2 في المئة مقارنة بما تم تسجيله خلال الفترة نفسها من السنة الماضية ، إلا أنّ التراجع الحاصل في عددهم قدّر بـ 6.3 في المئة استنادًا إلى بيانات الديوان التونسي للسياحة للعام 2007.
وتشير التوقعات لسنة 2008 إلى أنّه قد تسجل زيادة بحوالى 5 في المئةأي أن عدد السياح الألمان سيصل إلى 580 ألف سائح مقارنة بـ 500 ألف سنة 2007.

وفي تونس توجّه رسمي نحو استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح الألمان عبر التركيز على النواحي الترويجية والاتصالية من منظمي الرحلات ووكالات الأسفار الألمانية وفي هذا السياق احتضنت محافظة توزر الجنوبية و المعروفة بسياحتها الصحراوية منذ أسابيع اجتماعا لوكالة الأسفار الألمانية "نيكرمان- توماس كوك" لتقديم مطوية برنامجها الترويجي للصيف المقبل.و تصنّف هذه الوكالة في المرتبة الأولى ضمن وكالات الأسفار الألمانية التونسية ومن المتوقع أن تساهم في جلب ما لا يقل عن 200 ألف سائح.
إلا أنّ الوضع المالي والاقتصادي العالمي يشير إلى إمكانية تضرر السياحة التونسية ببعض التداعيات خصوصًا على الميزانية التي سيخصصها السياح الأوروبيون ومن بينهم الألمان أثناء تواجدهم في البلاد، علاوة على منافسة قوية من قبل مصر و تركيا.

إلا أنّ عددًا من الاقتصاديين و المحللين يرون في الأزمة المالية العالمية فؤائد عدة قد تحسب لصالح السياحة التونسية إذ أنّ تخوف السائح الأوروبي والسائح الألماني من تداعيات الكساد الجديد من شأنه أن يدفع باتجاه اختيار الوجهات القريبة التي تقدم أسعارا تنافسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط وهو حال الوجهة السياحية التونسية، وعلى هذا الأساس يمكن الاستفادة من الوضع الراهن لطرح الوجهة التونسية بقوة في السوق السياحية الألمانية.

و للإشارة شهد العام 2002 ضربة قاضية للسياحة الألمانية بتونس اثر مقتل 21 سائحا بينهم 14 ألمانيًا في هجوم إرهابي على معبد يهودي بمنتجع في جزيرة جربة الجنوبية.
هجوم اعتبرته السائح المسنّ باتريك كلوسو 65 عامًا بالقول على لسان دليله التونسي إنه "من الماضي ، فتونس تضلّ في مأمن أكثر من أيّ بلد مجاور و أكثر حتى من مصر و تركيا اللتان تنافسانها على السياح الألمان لأن ما يوجد في تونس لا مثيل له في تلك الدول" على حدّ تعبيره.