ثالث أكبر بنك في الجزائر يبدأ بمنح قروض عقارية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر
في عملية تعدّ الأولى من نوعها، بدأ ثالث بنك عام في الجزائر، السبت، في منح قروض عقارية، ويتعلق الأمر ببنك "الزراعة والتنمية الريفية" المملوك للحكومة، الثالث من حيث الأهمية في القطاع المصرفي في البلاد، وصرّح الرئيس المدير العام للبنك المذكور إنّ هذه القروض موجه لتمويل الإسكان الريفي وكذا تمويل العقار وفق "فوائد ميسّرة"، مضيفا إنّ ذلك يندرج ضمن خطة الحكومة الجزائرية للإصلاح المالي الذي تمّ مباشرته قبل شهرين.
وبحسب إفادات مصادر مطلّعة لـ"إيلاف"، فإنّ هذه القروض العقارية موجهة لموظفي القطاع العام، وقد نصّ عليها قانون الموازنة للعام الحالي، في إجراء حكومي لدعم القدرة الشرائية للموظفين العموميين للحصول على مساكن وبناء منازل، لكن المصادر ذاتها شدّدت أنّ تفاصيل الجزء الميسر من نسب فوائد قروض السكن المقرر منحها، لا تزال غير معروفة، علما إنّ نسب الفوائد المطبقة حاليا تتراوح ما بين 5,5 في المئة إلى 8 في المئة ، وتسعى السلطات إلى تخفيضها وجعلها تنزل إلى ما دون النصف، أي بواقع 4 في المئة و2.75 في المئة.
وظل النقاش حول القضايا المرتبطة بنسب فوائد قروض السكن المطبقة حاليا من قبل البنوك النشطة في الجزائر، محل شد وجذب، لم يحسم فيه الأوصياء، في وقت ثارت تساؤلات في الشارع المحلي عن فئة المستفيدين بين الموظفين العموميين، حيث لم توضح إدارة بنك "الزراعة والتنمية الريفية" ما إذا كان الإجراء سيمس موظفي القطاع العام بصورة شاملة، أم أنّ الأمر سيكون خاضعا لمقياس المفاضلة وفق معايير محددة؟، وإذا ما سيجري تعميم الإجراء بتمكين المستفيدين من قروض لتوسعة بيوتهم الأصلية.
ويتوقع مراقبو الشأن المالي في الجزائر، إنّ الحكومة هناك ستغدو مجبرة على اعتماد قانون موازنة تكميلي لتحمل أعباء "القروض العقارية" سيما مع صعوبة تقدير حجم المخصصات المرصودة للعملية والتي ستتحمل الدولة أعباءها، بجانب ما سيترتب عن إصلاح القطاع المالي، وإنشاء مجمعات بنكية تابعة للقطاع العام.
وفي سياق متصل، أشاد تقرير حديث بنجاح بنك "الزراعة والتنمية الريفية"، في تجاوز "كبوته" قبل ثلاث سنوات، حيث استعاد المصرف المذكور عافيته، بعدما جزم ثلاثة خبراء محاسبين بالجزائر، بأنّه كان على وشك الإفلاس، إثر بروز عديد نقاط الظل تجاه تعاطي إدارته السابقة مع القوانين التي يسهر بنك الجزائر المركزي على تطبيقها.
وقال التقرير الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه، أنّ البنك المذكور الذي يمتلك حصة 51 في المئة من رأسمال بنك البركة الإسلامي، يتواجد حاليا في وضع مريح يرشحه لتحقيق أرباح هامة بنهاية العام الجاري، خصوصا بعدما برز في اختصاصه الأساسي وهو تمويل مختلف الأنشطة والبرامج الاستثمارية في قطاعي الزراعة والصيد البحري، وذكرت بيانات حديثة إنّ أكثر من 85 في المئة من رأسمال بنك الزراعة والتنمية الريفية، مخصّص أساسا لتمويل قطاعات الزراعة والصناعات الغذائية والتغليف وشبكة التبريد والصّيد البحري والنشاطات المشابهة.
وكان خبراء انتقدوا في السابق أداء بنك "الزراعة والتنمية الريفية"، وذهبوا إلى أنّ مسيريه في الفترة ما بين 2003 و2005، خرقوا القوانين المصرفية المعروفة، فيما يتعلق بمبادئ الحيطة و الحذر في منح القروض، وهي مبادئ يفرض بنك الجزائر على سائر المصارف احترامها وعدم الدوس عليها، وأورد الخبراء الثلاثة، أنّ البنك تجاهل قاعدة "الملاءة" أو ما يعرف القدرة على الوفاء بالدين - كوك - علما أنّ القوانين المصرفية في الجزائر تفرض ألا يقل رأسمال البنوك عن 8 في المئة من مجمل القروض الممنوحة لزبائنها المقترضين، لكنّ البنك الزراعي لم يحترم هذا التوجيه في السابق، حيث أنّ قيمة الرأسمال الذاتي تجاوزت سقف 8 في المئة من القيمة الإجمالية للقروض الممنوحة، كما لم يحتسب البنك، أعباءه بشكل مدقق بحسب ما تفرضه القوانين، متجاهلا خسائره في الصرف التي لا تقل عن 9 مليارات دينار جزائري، وأعباء التخفيف من تكلفة استثماراته المقدرة بـ5 مليارات دينار جزائري، بجانب عدم اتخاذه لثمّة احتياطات على سبيل مواجهة أخطار عدم وفاء المستفيدين من القروض، حيث اكتفى بنك الزراعة، إما باستلام ضمانات لا تغطي القيمة الإجمالية للقروض أو منح قروض مقابل ضمانات لم تسلم رغم التعهدات.
ووصل إجمالي ما استفادت منه ثلاث مؤسسات عمومية وهي "المجمع الجزائري الصناعي لإنتاج الحليب"، و"المؤسسة الجزائرية للدسم"، إضافة إلى "الشركة الجزائرية لإنتاج المعدات الزراعية " حدود الـ43.6 مليار دينار جزائري، كان يمكن أن يحتسب بأضعاف لو تم الأخذ بعين الاعتبار مجمل القروض الممنوحة للمؤسسات الأخرى، وعدم احتساب هذه الأعباء كان عاملا أسهم في رفع نسبة رأسمال البنك الإجتماعي إلى أكثر من 8 في المئة، مع الإشارة أنّ قانون القرض والنقد في الجزائر شدّد أطر التعاملات المالية، عقب انهيار أول بنك خاص في تاريخ الجزائر، وهو بنك الخليفة المصفى في ربيع العام 2003، وتكبّد الخزانة العامة لخسارة زادت عن 1.5 مليار دولار.