عودة النقاش حول خصخصة المصارف الحكومية في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: بعد أربعة أشهر عن إعلان الحكومة الجزائرية عن تأجيلها خصخصة بنك "القرض الشعبي الجزائري" المملوك للحكومة، إلى أجل غير مسمى، وما خلّفه الإجراء آنذاك من تساؤلات وتأويلات خبراء الشأن الاقتصادي في الجزائر، أعاد إعلان الوزير الجزائري للصناعة والاستثمارات "عبد الحميد طمار" عن فتح رأسمال "بنك التنمية المحلية" العام، النقاش مجددا حول إمكانية بعث السلطات هناك لخطة خصخصة بنكين هامين هناك، بعد قيام الجزائر بإعادة رسملة كل بنوكها العامة عدة مرات منذ صدور قانون النقد والقرض سنة 1990.
وأسرّت مصادر غير رسمية لـ"إيلاف"، أنّ دخول تخصيص "بنك التنمية المحلية" ساعة الحقيقة، ما هو إلاّ إيذان بتسريع خصخصة جزء هام من القطاع المصرفي العام في الجزائر، حيث يٌرتقب استئناف عمليات خصخصة بنك "القرض الشعبي الجزائري"، وكذا مصرف "الصندوق الجزائري للتوفير والاحتياط"، علما إنّ وزارة المالية الجزائرية أوعزت إنّ العملية لن يتّم الحسم فيها إلى حين اتضاح الرؤية في أسواق المال العالمية.
وتفضل الجزائر إيجاد شركاء استراتيجيين يفعلون مسارات خصخصة بنوكها، على خلفية حاجة الأخيرة إلى إعادة هيكلة وإدارة أفضل، مع الإشارة أنّ الحكومة الجزائرية، برّرت هذا التوجه، بما يقتضيه برنامج تقويم القطاع المالي، وستسمح بحسبها، بتعميق دور التمويل المصرفي للتنمية في البلاد، وحفز الاقتصاد وتحسين مناخ الاستثمار، إلى جانب تطوير مناخ الاستغلال لدى البنوك للحد من نفقات الوساطة المالية والتحكم في السيولة النقدية التي تتحصل عليها الجزائر من ريع المحروقات والتركيز على الأطوار التي تحد من المخاطر على البنوك، بجانب فسح المجال أمام القطاع المصرفي الخاص الذي لا يزال في طوره الأول وحجمه صغير جدا.
وتعثرت عملية تخصيص مصرف "القرض الشعبي الجزائري" البنك الأول من حيث الأهمية في البلاد، مرات عديدة منذ العام 2003 بسبب تشبث الحكومة في السابق بعدم فتح رأس مال البنك المذكور بأزيد من 49 بالمائة، بمعنى أنها كانت تريد الاحتفاظ بنسبة أغلبية أسهم القرض الشعبي، خلافا لتوصية أصدرها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي بفتح رأس مال القرض الشعبي، كخطوة لتحديث النظام المصرفي والدفع بوتيرة إصلاحه، ناهيك عن تحسين قدراته على تمويل الاستثمار والنمو.
وتبلغ قيمة أصول "القرض الشعبي الجزائري" نحو ستة مليارات دولار، كما يحوز 30,6 % من إجمالي أصول القطاع المصرفي العام، وله 125 وكالة توظف حاليا 3900 شخص، وأوكلت مصاحبة عملية خصخصة القرض لبنك الإستثمار "روتشيلد".
وتسعى الجزائر إلى خصخصة 40 في المائة من مصارفها العمومية ومنحها للقطاع الخاص في أفق العام 2010، علما أنّ شبكة البنوك العمومية تضم 1.097 وكالة و فرع، في حين تضم شبكة البنوك والمؤسسات المالية الخاصة 130 وكالة بمجموع 1.227 شباك مصرفي.
ويؤكد الخبير المالي عبد الرحمان مبتول لـ"إيلاف"، على ضرورة امتلاك خطة الخصخصة الجديدة للبنوك لمقومات الوضوح والشفافية والتخطيط البعيد المدى وكذا الشفافية المطلوبة، كما أورد الخبير المالي عبد الرحمان مبتول، خلال الملتقى الدولي السادس حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أنّ الشراكة مع بنوك أجنبية هامة "ستساعد بشكل كبير في تسوية مشكل المصارف الجزائرية"، مضيفا أنّه حتى وإن كانت السوق الجزائرية صعبة الاقتحام بالنسبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، فإنها تبقى من الأسواق "الواعدة"، في وقت أثار الوزير الجزائري للصناعة وترقية الاستثمارات عبد الحميد تمار، ضجة بقوله أنّ "تطبيق إصلاح النظام المصرفي لم يتم مع أنّ الدولة خصصت مبالغ معتبرة لذلك" (..).
وكان خبراء أجمعوا في ندوة نظمتها "إيلاف" على أنّ الخصخصة لم تنضج ثمارها، لنقص الدقة في الأهداف، وعدم إجابة أهل الحل والعقد على السؤال الكبير:''ماذا نريد من وراء بيع البنوك الحكومية؟، وبقاء الأمور مراوحة لمكانها رغم إعلان الحكومة الجزائرية أوائل العام الجاري، عن إقرارها إعادة إصلاح المنظومة البنكية بداية من سنة 2008، بسبب المشاكل الكثيرة التي خلفها نظام التسيير القديم على مستوى الاقتصاد المحلي، حيث لا تريد البنوك مثلا التعامل مع المزارعين، الأمر الذي أثر سلبا على النشاط الزراعي على سبيل المثال لا الحصر.
ويتواصل جدل (عقيم) حول غائية حاجة البلد إلى ''تطهير مالي'' جديدة، لضمان متنفس للبنوك المراد خصخصتها، طالما أنّ الأخيرة تعاني من اختناق مالي شديد، بعدما ثبت فشل خطط الحكومات المتعاقبة، وهو ما نجم عنه تأخير إعادة تأهيل المصارف هناك، التي تفتقد نظام رقابة فعال مبني على أساس المعايير الدولية، في ظل النقص الكبير المسجل في مجال الرقابة القبلية والبعدية والرقابة الداخلية المنصوص عليها في مقررات اتفاقية ''بال الأولى'' التي وقعت عليها الجزائر.