اقتصاد

لعنة المضاربة تطال مواد البناء في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كامل الشيرازي من الجزائر: امتدت لعنة المضاربة في الجزائر هذه المرة لتطال مواد البناء، وعلى منوال ما فعلته الظاهرة في سوق المواد الأكثر استهلاكا والأزمات المتتالية التي أنتجتها في الفترة الماضية، تسببت المضاربات التي غزت مواد الإسمنت والرمال والحديد في ندرة غريبة رغم غزارة الانتاج المحلي، لكن آلة المضاربين أرادت غير ذلك، بما قد يعرقل إتمام إنجاز مشاريع الانشاءات العامة وفي صدارتها تجسيد مشروع مليوني وحدة سكنية في غضون الربع الأول من العام المقبل.


وأفاد متعاملون في تصريحات لـ"إيلاف" بأنّ سعر الكيس العادي من الاسمنت صار بحدود 500 دينار جزائري، بعدما كان لا يتجاوز 220 دينارا، كما أنّ سعر الحديد شهد وثبة مهولة بصعوده من 4500 دينار جزائري للقنطار، إلى أزيد من سبعة آلاف دينار، تماما مثل الرمال التي صارت تُباع بخمسة أضعاف سعرها المحلي، واللافت أنّ حمى المضاربات تسببت في نقص حاد في الكميات المعروضة في الأسواق، بحيث صار الاسمنت والحديد والرمال تنفذ في أوقات جدّ مبكّرة (قبيل الثامنة صباحا)، ما أدى إلى تجميد 65 ورشة كاملة والزجّ بمئات العاملين في إجازة إجبارية غير محددة الآجال.


وعبّر مقاولون وتجار وكثير من المواطنين عن تذمرهم للدور الكارثي الذي تفرزه (تحايلات) من يُصطلح عليهم محليا بـ"أرباب السوق السوداء"، ما أسفر عن بلوغ حجم التلاعبات بالإسمنت الأسود وكذا الإسمنت الأبيض، إلى مستويات قياسية صار السعر معه يزيد بأربعة أضعاف قيمته الحقيقية في غياب الرقابة، وهو ارتفاع فاحش ولّد خسائر محسوسة لدى أصحاب المقاولات بفعل عجزهم عن توفير مواد البناء، وانعكاسات ذلك على تسليم مشاريعهم في آجالها القانونية وما سيترتب عن ذلك من عقوبات جراء إخلالهم بتعاقداتهم، رغم أنّ المسؤولية تقع على عاتق المضاربين ولهثهم وراء الربح السريع بكل الوسائل.


بمنظار السلطات، ليست هناك أزمة، وما يحدث من ضجة غير معلنة حول ارتفاع وندرة مواد البناء، تتحمل مسؤوليته من تسميهم "الوسطاء" وكذا السوق الموازية، وبالنسبة إلى وزير السكن والعمران الجزائري نور الدين موسى، فإنّ الإجراءات التعاقدية مع المقاولات واضحة، لكن عملية المضاربة تقف بالمرصاد، وركّز المسؤول ذاته على أنّ الإنتاج المحلي من الاسمنت يقدّر بـ16.5 مليون طن سنويا، كاف لتجسيد المشاريع التي هي قيد الإنجاز، وأفاد موسى أنّ ملف ارتفاع أسعار مواد البناء موجود حاليا على طاولة الحكومة الجزائرية لدراسته والنظر فيه وإمكانية التقليص من حدته، مشيرا إلى أنه سيتم تقويم حالة السوق في الأسبوع المقبل من خلال مجلس وزاري مشترك، سينظر أيضا في مكافحة ظاهرة المضاربة بالأسعار.


وكـ"حيلة" لتجاوز ورطة المضاربة، لجأ عدد من منتجي الاسمنت والحديد إلى طريقة البيع المباشر للمواطنين، بمعزل عن ممارسات مشبوهة تسببت بحسب مصادر في اختفاء مصير 7, 4 ملايين طن جرى انتاجها وحوّلت على نحو ما عبر مسارب مجهولة، في وقت يدعو المتعاملون الأمن الجائري لإإلى إجراء تحقيقات حول ظاهرة أخذ مفعولها يتعملق على مرّ الأيام والأشهر، وسط عدم إفلاح السلطات في تحريك السواكن إلى متحركات.


ولسدّ العجز في مادة الحديد، أقرت وزارة الصناعة الجزائرية، قبل أسابيع جملة من التدابير لتحسين إنتاج شركات الحديد والصلب لتغطية الطلب المتزايد، خصوصا مع انخراط الجزائر في الورش الكبرى على غرار المساكن والسدود والطرق السريعة وكذا إنجاز خطوط جديدة للسكك الحديدية، علما أنّ الجزائر تعاني عجزا في إنتاج مادة الحديد، يصل إلى حدود 1.5 مليون طن، رغم توفر الجزائر على 5 مصانع كبرى، إلاّ أنّ طاقتها الإنتاجية لا تتجاوز سقف 250 ألف طن سنويا، بينما تبلغ حاجة السوق الداخلية إلى 2 مليون طن، بينما تراهن السلطات على جملة من المشاريع الكبرى لإنعاش منظومة الحديد، على غرار مصنع للحديد والصلب في محافظة جيجل (460 كلم شرق الجزائر) الذي شرعت فيه المجموعة الاستثمارية المصرية "العز ستيل" قبل شهرين، بقيمة إجمالية تصل إلى 1.25 مليار دولار، ويرتقب أن تصل الطاقة الإنتاجية للمصنع 1.5 مليون طن سنويًا من الصلب الموجه للقطاع الصناعي وحديد التسليح الخاص بالبناء بمواصفات تقنية عالية كما يوفر أكثر من 1700 منصب شغل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف