اقتصاد

شركة إنشاءات ضخمة أهم وأنفع من مصرف الإنماء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله ناصر الفوزان
حينما تدافع مواطنونا نحو الإمارات العربية براً وجواً منذ أربع سنوات للمساهمة في "دانا غاز" وناموا في الحدائق بالآلاف وهم يتوسدون نقودهم في ظاهرة غريبة ولافتة اقتنع الفريق الاقتصادي لدينا - فيما يبدو - بضرورة إيجاد قنوات استثمارية كبيرة تمتص السيولة وتبقي "سمننا في دقيقنا" وتسهل على الراغبين في الاستثمار بإيجاد فرص في البلد، توفر لهم ما يريدون وتريحهم من عناء السفر فخرجت فكرة مصرف الإنماء الضخم برأس ماله البالغ 15 مليار ريال.
وإذن فإن فكرة مصرف الإنماء لم تنبع - فيما يبدو - من الحاجة الماسة لإيجاد مصارف جديدة وضخمة وإنما من الحاجة لامتصاص السيولة، وإيجاد فرص استثمارية للراغبين فيها، وهذا لم يكن موجوداً آنذاك وقد توفر الآن بالاكتتابات المتلاحقة، أي أن الهدف من إيجاد المصرف - كما يبدو - قد زال، وهذا لا يعني عدم وجود الفائدة من المصرف، فهو بالتأكيد سيكون مفيداً، ولكن ليس بقدر فائدة مشاريع أخرى مازالت الحاجة لها قائمة وملحّة.
نحن الآن لدينا مصارف عديدة برؤوس أموال ضخمة وفروع عديدة وبعضها ما زال متعثراً ويفتقر للمزيد من العملاء، حتى يستطيع الوقوف على قدميه، ولكن في المقابل ليس لدينا شركات إنشاءات كبيرة كافية تواجه الحاجة المتنامية لأعمال البناء والتشييد ورصف الطرق في ظل نمونا الاقتصادي الكبير بكل ما يصاحبه من مشاريع عملاقة مختلفة الأنواع والأحجام تتطلب إقامتها إيجاد شركات عملاقة بدلاً من أن يتم إسناد تنفيذها لشركات صغيرة محدودة القدرة فيتعثر التنفيذ، أو يتم إسناد مشاريع كثيرة العدد للشركة الواحدة بما يتجاوز طاقتها وربما بأسعار مرتفعة ومضار ذلك أوضح من أن تعرَّف.
الآن أغلب مشاريعنا الكبيرة إما تسند إلى واحدة من شركتين شهيرتين معروفتين في البلد وفي الغالب بالتعميد المباشر بدون منافسة، أو توكل لغيرهما من الشركات غير الكبيرة وربما غير المؤهلة فيتعثر التنفيذ وتتأخر إقامة المشاريع، وعلى سبيل المثال فقد تم إسناد مشروع للصرف الصحي في الحي الذي أسكن فيه بمدينة الرياض لإحدى الشركات وقد استمرت أعمال الحفر في شارع واحد أكثر من أربعة أشهر، كما أن مشروع تطوير طريق الملك عبدالله كان قد أسند بالتعميد المباشر لإحدى الشركتين الكبيرتين الشهيرتين بمبلغ كبير، وقد تم تبرير ذلك آنذاك بالحاجة للتنفيذ بسرعة وبدقة، وقد مضى الآن على ترسية المشروع أكثر من ثمانية أشهر ولم تبدأ الشركة الكبيرة والشهيرة بالتنفيذ، أو أنها قد بدأت الآن بعد كل ذلك الوقت الطويل كما توحي بعض الإحداثات في الطريق، والأمثلة كثيرة وكلها تؤكد أننا نفتقر لشركات تشييد عملاقة تتولى إقامة المشاريع الحكومية وغير الحكومية الكثيرة بقدر أكثر من افتقارنا لمصارف جديدة مثل مصرف الإنماء.
الآن - وعلى أية حال - وقع الفأس في الرأس كما نقول، والمصرف سيطرح في الاكتتاب بعد عدة أيام والكلام عنه أصبح عديم الفائدة، ولكن ما زالت الفرصة مواتية للحديث عن شركة ضخمة للإنشاءات يمكن إقامتها بمؤسسين حكوميين وغير حكوميين بنسبة 50% من رأسمالها ويطرح الباقي على الجمهور للاكتتاب، وتكون متخصصة في الإنشاءات وإقامة الطرق.
إني أعتقد أن وزارة المالية وكافة الجهات الحكومية الأخرى تعاني أشد المعاناة من عدم وجود الآليات الجيدة لتنفيذ المشاريع الكبيرة التي ترد تباعاً في الميزانية، ولذا فإني أطرح الآن فكرة إقامة إنشاء شركة عملاقة لتكون ضمن أهم أدوات إقامة مشاريع الحكومة، راجياً من وزارة المالية والمجلس الاقتصادي الأعلى تأمل الفكرة وتبنيها إن ارتأيا مناسبتها، ولعلها على الأقل تكون حافزاً للإعلان عن المشاريع بشروط ملائمة بدلاً من الأسلوب المتبع الآن بالنسبة لبعض المشاريع الكبيرة، وهو التعميد المباشر ربما بحجة عدم توفر العدد الكافي من الشركات القادرة على التنفيذ.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف