منظمة الدفاع عن المستهلك في تونس: طموح تحده الإمكانيات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"إيلاف" تفتح ملف جمعيات المستهلكين (1/5)
تونس... طموح للحمايةتحده الإمكانيات
إيهاب الشاوش من تونس: "ما باليد حيلة"، قد ينطبق هذا القول على منظمة الدفاع عن المستهلك بتونس، فالمنظمة وعلى الرغم من انتشارها وإرتفاع عدد تدخلاتها من سنة إلى أخرى، إلا أنها ما تزال تشكو من عجز في الموارد المالية والبشرية، إلى جانب انحصار دورها في التوعية ونشر ثقافة المستهلك وفض النزاعات والدفاع عن حقوق المستهلك، لكن كل ذلك يتم "بالحسنى" وليس عبر آليات تدخل فاعلة، حسب ما ينص عليه نظامها الأساسي.
نشأة المنظمة
أحدثت المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك يوم 21 فبراير 1989 وتكتسي طابعًا اجتماعيًا واقتصاديًا ذا مصلحة وطنية وفقًا للأمر عدد 318 المؤرّخ في 8 فبراير 1993. كما أن المنظمة عضو منخرط بالمنظمة الدولية للمستهلكين منذ سنة 1995 وبهذه الصفة تشارك في كلّ التظاهرات الدولية ذات الصّلة بالاستهلاك وتحصّلت سنة 2004 على صفة عضو مكتمل الشّروط له حقّ التّمثيل والتّصويت.
وينص الفصل الثاني من النظام الأساسي للمنظمة، أن هذه الأخيرة تهدف إلى العناية بالمستهلكين في جميع الميادين والقطاعات وحمايتهم والدفاع عن مصالحهم وترشيد المستهلكين وتوعيتهم بما يتعلّق بسلامتهم وحسن التصرّف إلى جانب تمثيل المستهلكين في جميع المجالات والمستويات ولدى مختلف السّلط. في حين ينص الفصل التاسع من النظام الأساسي في الباب الثاني، وهو فصل جديد، يخص ميادين و قطاعات الاستهلاك، على أن المنظمة تهتم بكل الميادين و القطاعات التي تقدم منتجات أو خدمات مباشرة أو غير مباشرة بمقابل أو بدونه و يستفيد منها المواطن أو يتأثر بها.
طموحات وحدود
الأرقام الخاصة بتدخلات المنظمات الخاصة بسنة 2007 ، تشير إلى ارتفاع التدخلات مقارنة بالسنوات الماضية فيما حافظت مسألة التلاعب بالأسعار والغش على صدارة عدد التدخلات بـ 2691 أي بنسبة 23.6 في المئة من المجموع العام، تليها الجودة بـ 19.9 في المئة. غير أن التدخلات تقتصر على الوساطة والتربية والوقاية، وتنحصر على فئة معينة من المواطنين "الواعين" بحقوقهم وواجباتهم.
كما تلجأ المنظمة في آخر المطاف إلى القضاء حيث إن التّقاضي لفائدة المستهلك حقّ منصوص عليه بالنّظام الأساسي، إلاّ أنّ ذلك، حسب المنظمة، لا يكفي لممارسة هذه العمليّة بصفة ناجحة طالما لم تتغيّر النّصوص القانونيّة العامّة ولم يقع تخصيص إجراءات قانونيّة كفيلة بالحصول على أحكام غير مكلفة وفي آجال محدودة. واقترحت المنظمة، بالتّالي أن يرتكز عمل المنظّمة في الفترة المقبلة على التّعاون مع وزارة العدل وحقوق الإنسان والإدارات المعنيّة لإيجاد ما يسمّى بـ " قضاء المستهلك " إمّا عبر محاكم مستقلّة أو بإحداث دوائر للمستهلك صلب المحاكم الموجودة تحظى بالمجانيّة وبإجراءات مبسّطة وآجال سريعة.
يقول كمال الغربي، الكاتب العام للمنظمة، في حديثه لإيلاف" مثل كل المنظمات، فإن العائق الأكبر هو المال، و ضعف الموارد البشرية. و في بعض الأحيان لا تجد أي أرضية توافق مع التاجر أو مقدم الخدمات فنحيل الأمر إلى الجهات المعنية، التي تتخذ الإجراءات المناسبة. لكن يمكن أن أؤكد انه عند الوصول إلى القضاء فإن شهادة المنظمة تكون حاسمة لصالح المستهلك. وطبعًا نحن لا نتدخل إلا إذا كنا متأكدين من أن المستهلك تعرض إلى عملية تحايل أو غش أو هناك مشكل ما. ولا نتحرك على أساس الإشاعات".
الوساطةلصالح المستهلك
تتدخل المنظمة لفائدة المستهلك في صورة حدوث خلافات مع التاجر ومقدم الخدمات. ويكتسي هذا التدخّل الذي يعرف بــ "الوساطة " طابعًا يقوم على التراضي وينبني على علاقة ثقة ومسؤولية. ويولي هذا التماشي الأوليّة للوفاق والتراضي ويرمي إلى إشعار الطرف المقابل بأهميّة التعاون مع المنظمة، إلاّ أنّ هذه المقاربة لا تنفي اللّجوء إلى الهياكل المختصّة إذا لم تسفر جهود الوساطة عن النتائج المرجوّة. وتقول المنظمة انه حرصًا منها على إكساب تدخلاتها النجاعة المنشودة لصالح المستهلك، فإنها لا تتوانى عند الضرورة الملحّة في اللّجوء إلى العدالة لفرض احترام حقوق المستهلك.
الأولويّة للوقاية
تمثّل الوقاية عبر التكوين والإعلام حول المواضيع المتعلّقة بالصحّة والسلامة الصحّية أحد المحاور المهمّة في عمل المنظمة الذي يمنح الأولويّة للوقاية، وبالتالي حماية المستهلك من كلّ المخاطر التي قد تضرّ بصحّته وتؤثّر على الميزانية العائلية سعيًا إلى تمكين المستهلك من بلوغ مرتبة "الدّفاع الذاتي" على أسس علمية. كما تقوم المنظمة بنشاطها في إطار المناسبات الدّينية (رمضان والمولد النّبوي وعيدي الفطر والأـضحى) والعودة المدرسية وفصل الصيف وغيرها من المناسبات ذات الطابع الخصوصي.
وسائل اتّصال
تعتمد منظمة الدفاع عن المستهلك لإيصال رسائلها والقيام بدورها في التوعية والإرشاد على النشر ( المطويات الإعلامية والتحسيسة مجّلة "المستهلك التونسي" اصدار البلاغات والإدلاء بتصريحات في الصحافة المكتوبة )هذا إلى جانب القيام بحملات تحسيسيّة وإعلاميّة والندوات والتظاهرات. غير أن المتابع لنشاط المنظمة يمكن أن يلاحظ أن هذا "النشاط" يتكثف خلال المناسبات و الأعياد، في حين يكاد يركن للراحة طيلة بقية أيام السنة. كما أن المنظمة لا تمتلك برامج تلفزيونية خاصة بإرشاد المستهلك كما هو معمول به في العديد من القنوات الأجنبية، التي تخصص يوميًا قرابة الدقيقتين لمعالجة احد المواضيع التي تهم المستهلك.
وتماشيًا مع مقتضيات تحرّر الاقتصاد، اختارت المنظمة انتهاج تعاقد يقوم على إرساء علاقات شراكة مع المنظمات ومختلف الفاعلين الاقتصاديين.و على سبيل المثال فقد أبرمت يوم 5 أبريل 2003 مدوّنة سلوك حول السّياحة الدّاخليّة مع الجامعة التّونسيّة لوكالات الأسفار والجامعة التّونسيّة لأصحاب النّزل تهدف إلى دعم السّياحة الدّاخليّة وتنشيطها وإلى إحداث مزيد من مجالات وفرص التّرفيه لفائدة السّائح التّونسي. وفي يوم 6 سبتمبر 2004 وقعت المنظمة ميثاقًا وطنيًا "من أجل تجارة مستديمة" مع الاتّحاد التونسي للصناعة والتجارة والصّناعات التقليديّة والاتّحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري.
مقترحاتتواكب التطور
جملة من المقترحات قدمها المشاركون في المؤتمر الأخير للمنظمة، تتماشى حسب المؤتمرين مع إنّ انخراط تونس في اتفاقية الشّراكة مع الاتحاد الأوروبي، ودعوا في هذا السياق إلى اعتماد طرق اتّصاليّة طريفة وناجعة تتلاءم ونسق التطوّر السّريع الّذي تشهده السّوق، مثمنين إنشاء المعهد الوطني للاستهلاك.
أما بخصوص المعاملات التجارية فقد دعا المشاركون، إلى مراجعة مسالك التوزيع ودور الوسطاء في مرحلة التوزيع واقترحت المنظّمة في هذا الإطار العمل على تقليص عدد الوسطاء تجنّبًا لتضخّم الأسعار مع ضرورة مرور كلّ المنتجات بأسواق الجملة والعمل على القضاء على ظاهرة التّجارة الموازية والتقليد وذلك بتجفيف المنابع وسنّ قوانين أكثر صرامة في قطاع التّجارة.
وحرصًا على تطبيق قانون إشهار الأسعار، فقد أكدت المنظمة في مؤتمرها الأخير، على إعلان أسعار الشّراء وأسعار البيع حتّى يتمكّن المستهلك من أخذ القرار في كنف الشّفافيّة التامّة، وإضفاء مزيد من الشفافيّة على قاعدة العرض والطلب المعمول بها في سوق الجملة للخضر والغلال، وذلك بعدم تحديد السعر الافتتاحي من قبل وكلاء بيع أسواق الجملة.
وقالت المنظمة إنه حان الوقت لإقرار مبدأ مقاطعة المستهلك للمنتجات ذات الأسعار النشطّة أو متدنية الجودة. ودعت المنظمة بخصوص الإشهار إلى التعجيل بإحداث هيكل مختصّ مكلّف بمراقبة الإشهار والتثبّت منه على غرار ما هو معمول به في عديد البلدان وتخصيص ومضة تلفزيونيّة مجانيّة على قناة تونس 7 لفائدة المنظّمة للتدخّل بطريقة حضاريّة عند انزلاق الإشهار وانحرافه عن أهدافه.