شركات السوق السعودية وشفافية الوقت بدل الضائع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد العنقري: دأبت عدد من الشركات في السوق السعودية إلى نشر إعلانات لا تكفي لسد"عطش" المتداولين من الحقائق والإفصاحات التي تخدم مشاريعهم الاستثمارية وخططهم المستقبلية،و على الرغم من تأكيد هيئة السوق المالية وتشديدها "تصريحا" و"تلميحاً" إلى أهمية الإعلان عن أية تفاصيل قد تؤثر على سعر السهم،إلا أنه لا تكاد تتدخل لتمحص أي خبر صادر سواء عن الشركة نفسها أو عبر وسائل الإعلام نقلاً عن مصادرهم.
فقد أعلنت الشركة العربية للأسمدة "سافكو"عن نتائجها المالية للربع الأول من العام المالي 2008،قبل عدة أيام، محققة أعلى ربح في تاريخها بلغ 723مليون ريال سعودي بنمو قدره 125 في المئة، في الوقت الذي توقعت العديد من المكاتب الاستشارية أن تتخطى أرباح الشركة حاجز 800 مليون ريال.
وفي تعليقه لإحدى القنوات الفضائية صرح رئيس مجلس إدارة الشركة المهندس محمد الماضي أن شركة سافكو أوقفت العمل بمصنع سافكو (4) الحديث العهد لمدة أربعين يوما بغرض الصيانة الدورية. وقال أن الشركة كانت ستحقق أرباحا تزيد بمقدار 20 في المئة عن المعلن لولا التوقف لأعمال الصيانة، أي أن الأرباح كانت ستصل إلى قرابة 860 مليون ريال سعودي عن الربع الأول للعام 2008 .
وبالعودة إلى إعلانات الشركة الأخيرة على مواقع تداول الرسمي لم يظهر أي إعلان يشير إلى توقف مصنع سافكو (4) لأعمال الصيانة أو حتى النية لذلك .ويعتبر هذا الخبر جوهريا ويؤثر على أرباح الشركة وبالتالي على تقييمها من قبل المستثمرين فكان لزاما على الشركة إبلاغ المستثمرين بتوقف المصنع للصيانة وما هي المدة لكي لا يتفاجؤوا بالنتائج إلا إن الخبر جاء بعد إعلان الإرباح وبغير الطرق الرسمية المتبعة .
ولا يقل إعلانا "التعاونية للتامين"و" عسير" خطورة عن إعلان سافكو،فالأولى أعلنت عن انخفاض في الأرباح وصل إلى 81 في المئة وتحقيق الثانية لخسائر وصلت إلى 77 مليون ريال.فلم تفصح الشركتان عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه النتائج الهزيلة متذرعتين بأسباب تظهر إقصاء المستثمرين من حساباتهم بعدم توضيح الصورة الكاملة لاستثمارات الشركتين،ومستوى المخاطرة المحفوفة بنوعيتها.بالإضافة إلى عدم التوضيح من إذا كانت هذه الخسائر هي خسائر على الورق أم أنها خسائر محققة ونهائية.
الأمر ذاته ينطبق على "المتطورة" والتي كان ينتظر مستثمروها نتائج ما ستعلنه من مشاريع وعدتهم بها عند رفع رأس مالها ،فقد نشرت إعلان أرباحها بـ "عبارات فضفاضة" تؤكد بأنها لم لم تشر فيه تفاصيل أرباحها من الشركات التي تستثمر بها .فمن المهم الإعلان عن قيمة تلك الأرباح وتفاصيل،وأن تعامل كشركات مساهمة عامة وليست شركات ملكية خاصة.
إن المطالبة بالشفافية والإفصاح أصبح هما كبيرا لا يمكن أن يتقدم السوق المالي بدونه ،وإذا لم تعي إدارات الشركات أهمية ذلك فسيبقى السوق عرضة للإشاعات وتسريبات الأخبار التي ستضر بتعاملاته أكثر من ذي قبل.
وحري بهيئة سوق المال أن تتابع مستوى الشفافية وان تغير من نمط الإعلانات بحيث تصبح أكثر وضوحا للمستثمرين،فنأمل أن تفرض الهيئة على الشركات الإفصاح عن كل ما يتعلق بنشاطاتها،وأن تتضمن الإعلانات تفاصيل الأرباح كاملة،وأثر كل نشاط تقوم به،بالإضافة إلى حجم مبيعاتها .
كما يجب أن يتضمن الإعلان الأرباح المستقبلية حتى يتمكن المستثمر من اتخاذ القرار الاستثماري المناسب .كما يجب أن يتاح لشركات الدراسات والأبحاث الاستثمارية المرخصة الاطلاع على نشاط الشركة لتتمكن من تقدير الأرباح بشكل صحيح. فما زلنا نرى مستوى متدني لتعامل الإدارات مع ما يتطلبه السوق من معلومات تثمر عن رؤية شفافة وواضحة لمستوى أدائها. ويبقى السؤال هل تحتاج إدارات الشركات لنشاط توعوي كالذي أطلقته الهيئة لتوعية المستثمرين بأساسيات التعامل مع السوق المالية وكيفية إدارة أموالهم بمهنية واحتراف .