ندرة الاسمنت تهدد بتوقيف عشرات المشاريع العقارية في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: تهدّد مشكلة "ندرة الاسمنت" المستمرة للشهر الثالث على التوالي في الجزائر، بتوقيف العشرات من المشاريع العقارية وورش الانشاءات العامة هناك، وطرق متعاملون وأصحاب شركات مقاولات استجوبتهم "إيلاف" أجراس الإنذار، وأظهر هؤلاء خوفا مضاعفا من التبعات الثقيلة التي ستنجر عن استمرار عدم حل السلطات الجزائرية لهذه المعضلة الحساسة، بما قد يعرقل إتمام إنجاز مشاريع الانشاءات العامة وفي صدارتها تجسيد مشروع مليوني وحدة سكنية في غضون الربع الأول من العام القادم.
ورغم تأكيدات الحكومة بقيادة رئيس الوزراء الجزائري "عبد العزيز بلخادم، أنّ الأمر جرى حسمه منذ قيام الجهاز التنفيذي بتقنين تجارة مادة الاسمنت وإخضاع تداولها لدفتر شروط صارم ومحدد، إلاّ أنّ ندرة وغلاء المادة المذكورة تظل العنوان الأبرز لواقع قطاع البناء محليا، بفعل بلوغ أسعار الاسمنت بنوعيه هناك مستويات قياسية واستشراء ظواهر المضاربة والاحتكار، ما أدى إلى ندرة مقلقة أجبرت كثير من عمال مشاريع البناء على القبول ببطالة إجبارية، وحتى الكثير من المشاريع التنموية التي تعدّ عماد مخطط دعم النمو الذي سينتهي العام القادم، وجدت نفسها مشلولة نصفيا.
وأفاد متعاملون في تصريحات لـ"إيلاف" بأنّ سعر الكيس العادي من الاسمنت صار بحدود 500 دينار جزائري، بعدما كان لا يتجاوز 220 دينار، رغم أنّ الإنتاج المحلي من الاسمنت يقدّر بـ16.5 مليون طن سنويا، وهو كاف بحسب خبراء لتجسيد المشاريع التي هي قيد الإنجاز، في وقت تراج أنباء عن "فضيحة" اختفاء 4.7 ملايين طن من الاسمنت جرى تحويلها على نحو غامض عبر مسارب مجهولة، في وقت يدعو المتعاملون الأمن الجزائري لإجراء تحقيقات حول ظاهرة أخذ مفعولها يتعملق على مرّ الأيام والأشهر، وسط عدم إفلاح السلطات في تحريك السواكن إلى متحركات.
وعبّر مقاولون وتجار وكثير من المواطنين عن تذمرهم للدور الكارثي الذي تفرزه (تحايلات) من يُصطلح عليهم محليا بـ"أرباب السوق السوداء"، ما أسفر عن بلوغ حجم التلاعبات بالإسمنت الأسود وكذا الإسمنت الأبيض، إلى مستويات قياسية صار السعر معه يزيد بأربعة أضعاف قيمته الحقيقية في غياب الرقابة، وهو ارتفاع فاحش ولّد خسائر محسوسة لدى أصحاب المقاولات بفعل عجزهم عن توفير مواد البناء، وانعكاسات ذلك على تسليم مشاريعهم في آجالها القانونية وما سيترتب عن ذلك من عقوبات جراء إخلالهم بتعاقداتهم، رغم أنّ المسؤولية تقع على عاتق المضاربين ولهثهم وراء تحقيق أرباح سريعة بكل الوسائل.
وما زاد الطين بلة، التوزيع غير العادل لحصص مادة الاسمنت من طرف بعض المصانع، وهو ما يخالف رأسا القوانين، من جانبه، يدفع وزير التجارة الجزائري "الهاشمي جعبوب"، بالقول أنّ السلطات العمومية قامت بتقنين تجارة الاسمنت من خلال تحديد هوامش الربح للمتعاملين سواء في تجارة الجملة أو التجزئة، وأوضح الوزير لـ"إيلاف"، أنه تم تحديد هامش الربح بالنسبة لكيس الاسمنت (وزن 50 كلغ) بـ40 دينار جزائري لتجار الجملة بينما حدد هامش الربح لبائعي التجزئة ب 60 دينار جزائري.
كما اعتبر المسؤول ذاته أنّ الاضطراب الذي شهده سوق مادة الاسمنت يعود بالأساس إلى توقف أربع وحدات لانتاج الاسمنت مؤقتا و بشكل متزامن، وركّز أيضا على نفي ما يؤكده المتعاملون من "ندرة للاسمنت" حيث يذهب "الهاشمي جعبوب" إلى التشديد على وفرة الاسمنت حاليا بكل أنواعه عبر كامل التراب الجزائري وبالكميات المطلوبة، مرجعا الاضطراب الذي شهدته سوق الاسمنت في الآونة الأخيرة إلى موجة الارتفاع الحاد لأسعار عدد من المواد الأولية الاستهلاكية في السوق الدولية وليس إلى المضاربة".
وكانت لعنة المضاربة في الجزائر تسببت مؤخرا في إلهاب سوق مواد البناء، ما جعل مادة الحديد تشهد وثبة مهولة بصعودها من 4500 دينار جزائري للقنطار، إلى أزيد من سبعة آلاف دينار، تماما مثل الرمال التي جرى بيعها بخمسة أضعاف سعرها المحلي، ما أدى قبل أسابيع إلى تجميد 65 ورشة كاملة والزجّ بمئات العاملين في إجازة إجبارية غير محددة الآجال.