اقتصاد

الحل الأمثل لتوفير الغذاء وتخفيض الأسعار

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

فواز العلمي
في نهاية الأسبوع الماضي عقد مدير عام منظمة التجارة العالمية اجتماعاً مصيرياً مطولاً لمناقشة ظاهرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وكيفية معالجتها مع كل من مدير عام البنك الدولي ومدير صندوق النقد الدولي. نتج عن الاجتماع قناعة أقطاب مؤسسات "بريتون وودز" وتصريحاتهم المثيرة للجدل بأن هذه الظاهرة خطيرة للغاية، وأن ارتفاع الأسعار سوف يستمر لعدة سنوات، وقد تتفاقم حدّتها في الدول النامية والفقيرة المستوردة للغذاء، ولن تعود في المستقبل لمستوياتها السابقة. جميع الدول اقتنعت بأسباب ارتفاع الأسعار وأسلمت بنتائج اجتماع أقطاب الاقتصاد والمال والتجارة العالمية وبدأت في اتخاذ إجراءاتها الحازمة للحد من سلبيات تفاقم هذه الظاهرة.
المستغرب حقاً أن الدول الإسلامية سبقت كافة دول العالم في التخطيط الاستراتيجي للأمن الغذائي وتوفير الحلول المناسبة لظاهرة ارتفاع الأسعار. قبل 34 سنة وقعت الدول الإسلامية في مدينة جدة على اتفاقية إنشاء البنك الإسلامي للتنمية التي احتوت أحكامها على 69 مادة، أهمها المادة 16 التي نصّت على: "أن يراعي البنك في أعماله قواعد التمويل لرفع مستوى معيشة السكان في الدول الأعضاء عن طريق المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل المثمر". وأكد الإطار الاستراتيجي لاتفاقية إنشاء البنك على: "أن أولوياته تصب في ضرورة تنمية القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي في الدول الإسلامية".
56 دولة إسلامية يقطنها 1200 مسلم يعيش 37% منهم تحت خط الفقر وتبلغ نسبتهم إلى فقراء العالم 39%. وفقاً لتصنيف الأمم المتحدة لا توجد دولة إسلامية واحدة متقدمة، بل تقع 31 دولة منها ضمن مجموعة الدول النامية و25 دولة ضمن مجموعة الدول الفقيرة. تبلغ مساحة أراضي العالم الإسلامي 32 مليون كيلومتر مربع تساوي ربع مساحة الأرض اليابسة وعشرة أضعاف مساحة دول الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لا تزيد مساحة أراضيه الزراعية عن 11.3% من مساحة العالم الإسلامي، كما لا تزيد حصة الزراعة في ناتجة المحلي الإجمالي عن 24% والصناعة 30% والخدمات 46%، وهي من أقل النسب المتعارف عليها في دول العالم.
يطل العالم الإسلامي على أعظم المحيطات والبحار، ويحتوي على أطول وأهم الأنهار التي فاقت أطوالها 24 ألف كيلومتر، مثل النيل (6.695 كيلومترا) والنيجر (4.700 كيلومتر) والسند (2.900 كيلومتر) والفرات (2.736 كيلومترا) وزمبيري (2.700 كيلومتر) ودجلة (1.835 كيلومتر) والسنغال (1.700 كيلومتر). ويضم العالم الإسلامي أكبر بحيرات الأرض مثل بحيرة قزوين (500 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة فكتوريا (83 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة أرال (63 ألف كيلومتر مربع) وبحيرة تشاد (16 ألف كيلومتر مربع) والبحر الميت (ألف كيلومتر مربع). يحتوي العالم الإسلامي على 67% من ثروات الأرض وينتج 43% من الطلب العالمي على النفط و8% من الغاز و47% من القصدير و23% من الحديد، ومع ذلك ما زالت الشعوب الإسلامية من أكثر الدول اعتماداً على الغذاء المستورد والمعدات والأجهزة المستوردة والمواد الاستهلاكية والأساسية المستوردة.
العالم الإسلامي الذي يمتلك الآلية المثالية لتوفير الغذاء لشعوبه النامية والفقيرة في حاجة ماسة لوضع هذه الآلية موضع التنفيذ وتوفير الحلول الفورية الملّحة لمستقبل غذاء شعوبه وأجياله. لماذا لا يقوم البنك الإسلامي للتنمية بتمويل إنشاء مئات السدود في بانجلاديش لمنع الفيضانات من إتلاف المحاصيل الزراعية، وتشييد آلاف القنوات لتوزيع مياه الأنهار في السودان والنيجر والسنغال لمضاعفة مساحات الأراضي الزراعية، وإنشاء أكبر وأعظم المخازن الاستراتيجية للغذاء لعدة سنوات في الدول المستوردة للغذاء؟ لماذا لا يقوم البنك الإسلامي للتنمية بتمويل زراعة أفضل أنواع الأرز البسمتي في باكستان وكازاخستان وجميع أنواع القمح والشعير في نيجيريا والسنغال وكافة مدخلات إنتاج الأعلاف من الذرة وفول الصويا وقصب السكر في النيجر والسودان ومختلف أنواع الخضار والفاكهة الموسمية في ماليزيا وسوريا ولبنان والعراق والأردن؟ لماذا لا يضع البنك الإسلامي للتنمية نصب عينيه هدفاً استراتيجياً لتوفير الغذاء لجميع الشعوب الإسلامية في غضون خمسة أعوام، وتوصيل المياه العذبة للأراضي البور في مصر والجزائر والمغرب وتونس في غضون ثلاث سنوات، وبناء الشراكات الدولية لتنمية الموارد المائية والقطاع الزراعي في الصومال وموريتانيا ومالي وليبيا وإندونيسيا وغينيا؟ لماذا لا يقوم البنك الإسلامي للتنمية بتقديم الضمانات المالية والسيادية اللازمة للدول الغنية المانحة للقروض الزراعية، وتوفير سبل وطرق تسويق وتوزيع الغذاء في أسواق الدول المحتاجة للسلع الغذائية؟
بإمكان البنك الإسلامي للتنمية أن يكون الآلية المناسبة لتحقيق الأمن الغذائي في جميع الدول الإسلامية. لماذا لا نستفيد من اتفاقية إنشائه وقواعد أحكامها التي مضى على توقيعها 34 عاماً؟

* كاتب سعودي

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف