محلل لـ إيلاف: السياسة النفطية السعودية قائمة على ضمان الإمدادات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بوش يكرر المطالبة بزيادة الإنتاج في زيارته للرياض
محلل لـ"إيلاف": السياسة النفطية السعودية قائمة على ضمان الإمدادات
قبول الهاجري من الرياض: قال محلل في اقتصاديات الطاقة أن مطالبة الولايات المتحدة، سواء من قبل الحكومة الأميركية أو الكونغرس الأميركي، لرفع الإنتاج النفطي من قبل السعودية تعود في الأساس للسياسة النفطية السعودية القائمة على ضمان الإمدادات النفطية للأسواق العالمية و تعويض أي نقص في الإمدادات ناتج عن فجوة بين الطلب و العرض، حيث تمتلك السعودية طاقة إنتاجية فائضة تقدر بنحو (مليون برميل إلى 1.5 مليون برميل) تحسبا لأي عوامل سواء جيوسياسية أو تقنية تؤثر على تدفق سلس للإمدادات النفطية.
وفي حديث لـ "إيلاف" مع طارق الصقير محلل اقتصاديات الطاقة في شركة تريس داتا انترناشونال أكد أن مطالبة السعودية برفع الإنتاج النفطي لن يرافقه طلب ملموس في أسواق النفط. معللاً ذلك بكون الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى السعودية أغلبها من النفط الثقيل، وهذا ما يوضح مساعي شركة ارامكو السعودية لبناء مصافي تكرير عملاقة ذات تقنية عالية قادرة على تكرير هذا النوع من النفط، مما يرفع من القيمة المضافة، ويزيد من عوائد الدخل لرأس المال المستنزف لسلعة ناضبة. وأضاف أن خطط ارامكو في المستقبل تعتمد على تصدير المنتجات البترولية بدلا من النفط الثقيل الذي كان يشكل مصاعب وعقبات لأغلب مصافي التكرير في العالم، بسبب بساطة مرافق تلك المصافي حيث أنها تتكون من برج تقطير فقط وذلك النوع من أبراج التقطير لا يتحمل سوى نوع من النفوط الخفيفة والتي لا تحتوي الكبريت وهذا ما تعانيه مع خصائص النفط الثقيل.وهذا ما دفع ارامكو هذا الأسبوع للإعلان عن عقد شراكة مع توتال الفرنسية تضمن بناء مصافي ذات تقنية عالية تصل تكلفة إلى عشرة مليارات دولار.
خريطة حصص أوبك
أشار المحلل إلى أنه من غير المتوقع أن ترفع السعودية إنتاجها النفطي خاصة وأن أعضاء منظمة أوبك أفادوا بأن الإمدادات النفطية في الأسواق كافية جدا ،و لا يوجد ارتفاع ملموس في الطلب يدفع السعودية لرفع إنتاجها.وفي حال رضخت السعودية للمطالبات الأميركية"فإن رفع الإنتاج سيكون ذو عامل نفسي يخفض من علاوة المخاطر المدرجة في أسعار النفط والتي تتراوح مابين 10 إلى 15 دولار،ولكن استمرار ارتفاع معدلات الطلب على الطاقة سيجعل رفع الإنتاج النفطي جرعة مهدئة مؤقتة نسبيا إذا أخذنا بالاعتبار أساسيات الأسواق النفطية على المدى الطويل". ويتابع في حال رفعت السعودية إنتاجها،فإن خريطة الحصص لأعضاء منظمة أوبك لن تتغير ،بل على العكس، فهنالك بعض الأعضاء الذين لا يستطيعون الالتزام بحصصهم الإنتاجية لعدة أسباب إما لارتفاع الطلب المحلي أو لعقبات تقنية في الإنتاج، ومن هنا تقفز أهمية السعودية كبلد ذو طاقة إنتاجية فائضة يغطي تلك الفجوة.
منطقية تذرعات الإدارة الأميركية
وكانت الإدارة الأميركية قد تذرعت، بمطالبتها للسعودية لرفع إنتاجها النفطي ، بالآثار السلبية لارتفاع أسعار النفط على حالة اقتصادها الوطني،وفي هذا الصدد يشير الصقير إلى أن ارتفاع أسعار النفط لا يشكل عقبات حقيقية للنمو سواء في الولايات المتحدة أو في اقتصاديات الدول الأخرى. وذلك لان ارتفاع أسعار النفط الحالية يختلف عن ارتفاعها في السابق حيث أنها لا تعكس صدمة في الإمدادات النفطية كما حدث في فترة السبعينيات من القرن الماضي ،ولكنها تعكس نمو الطلب العالمي واستعداد الاقتصاد العالمي لتحمل أسعار النفط المرتفعة نتيجة وجود بنية تحتية عالمية مستعدة للإنفاق على الطاقة لتغطية النمو الناتج من دخول اقتصاديات الدول الناشئة والآسيوية في معادلة نمو الاقتصاد العالمي.
وقال محلل اقتصاديات الطاقة أن احد أسباب ارتفاع أسعار النفطهو أن أسعار النفط التي نراقبها يوميا تصدر من بيانات التداول في البورصات العالمية مثل نايمكس في نيويورك وبورصة لندن وبورصة سنغافورة والمهم في هذا أن تلك التعاملات تتعلق بالنفط الخفيف فقط والذي يمثل 20 بالمئة من الإنتاج العالمي من النفط فقط،ولذلك نجد أن الطلب عليه مرتفع بسبب قدرة ذلك النوع من النفط على تحقيق معدلات تحويل اكبر للمنتجات البترولية مقارنة بالنفط المتوسط والثقيل،إذن أسعار النفط التي نراها يوميا هي للنفط الخفيف. مشيراً إلى أن أسعار النفط المتوسط والثقيل تختلف عن الأسعار التي نشاهدها يوميا حيث يصل الفارق فيبعض المرات إلى عشرين دولارا للبرميل.
تباطؤ الاقتصاد الأميركي
وبالعودة إلى الاقتصاد الأميركي وأسباب تباطؤه،قال الصقير" إن ما يمر به الاقتصاد الأميركي متعلق بهبوط الإنفاق الاستهلاكي والذي يمثل ثلثي الإنفاق العام في الولايات المتحدة". و أوضح أن أسباب هبوط الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة يعود إلى اضمحلال مصادر تغذية معدلات الإنفاق الاستهلاكي خصوصا أسواق الرهن العقاري. حيث قدمت أسواق الرهن العقاري في الولايات المتحدة قروضا تتعلق بالإنفاق الاستهلاكي تقارب العشرة تريليونات دولار خلال الفترة من 2001 إلى 2007 مما ساهم في رفع معدلات الإنفاق الاستهلاكي وبالتالي رفع معدلات النمو في الولايات المتحدة في تلك الفترة. وعندما بدأت معدلات تعثر سداد القروض المتعلقة بأسواق الرهن العقاري ترتفع، بدأت موجة بيع للمنازل في الولايات الأميركية لاسترجاع الضمانات المتعلقة بتلك القروض مما شكل ضغوطا على أسعار المنازل ودفعها للهبوط وبالتالي هبوط سقف القروض التي تساهم في تغذية معدلات الإنفاق الاستهلاكي. وأشار إلى أن خفض أسعار الفائدة الأميركية المستمر من البنوك المركزية قد دفع أسعار النفط للارتفاع،وذلك بسبب بحث التدفقات الاستثمارية عن عوائد أكبر من معدلات الفائدة الحالية وتأتي سلسلة خفض معدلات الفائدة لتشجيع الإنفاق والاستثمار في الاقتصاد الأميركي مما ساهم في ارتفاع الطلب أيضا.
المخزون النفطي الأميركي
وبين الصقير أن المخزون النفطي الأميركي هو في الحقيقة مخزونان الأول تجاري والثاني استراتيجي وبالنسبة للمخزون التجاري فبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تشير إلى أن مستويات المخزون التجاري الحالية تصل إلى 325 مليون برميل أي فوق متوسط العشرون سنة بقليل مما يؤكد وجود إمدادات كافية لدى المخزون التجاري وبخصوص المخزون الاستراتيجي فهمو مازال عند مستويات 700 مليون برميل أي فوق متوسط العشرون سنة بنحو مئة وأربعون مليون برميل مما يشير إلى أن مستويات مخزون الولايات المتحدة من النفط أصبحت مطمئنة.
وقال أن أساسيات الأسواق النفطية قوية وتعكس طلب قوي على النفط والأمر لا يتعلق بصدمات في الإمدادات النفطية،وذلك تعقيباً على ما ذكره البيت الأبيض هذا الأسبوع بشأن استخدام المخزون الاستراتيجي من النفط،وتأكيده على أنه لن ينجح في تهدئة الأسعار.كما أقر الكونغرس الأميركي مشروع قانون جديد هذا الأسبوع لمطالبة الرئيس بوش بوقف شراء النفط وملئ المخزون الاستراتيجي لمحاولة خفض الأسعار وكان رد الرئيس بوش على أن المخزون الاستراتيجي مهم لمعالجة وقف مفاجئ في الإمدادات وان عمليات الشراء اليومي لملئ المخزون الاستراتيجي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة جدا من الطلب العالمي حوالي 0.01 بالمئة
مصادر طاقة إضافية
أما ما يتعلق بوجود مصادر إضافية للطاقة في الولايات المتحدة فقال الصقير "إن ذلك أمر مشجع للصناعة النفطية، إذ أن تلك المصادر الأخرى كالفحم والغاز الطبيعي ومحطات الطاقة النووية أسهمت في كبح الطلب على النفط، بشكل يستدعي الانتباه "وأضاف لو كانت تلك المصادر الأخرى من الطاقة غير متوفرة لكانت أسعار النفط عند مستويات تفوق الأسعار الحالية بكثير ،ولهذا فإن مصادر الطاقة الأخرى هي من العوامل الرئيسية للحفاظ على الصناعة النفطية من الطلب المفرط على الطاقة والذي يحافظ على بنية الحقول النفطية من الاستنزاف، إضافة إلى إطالة العمر الافتراضي لتلك الحقول، والسماح بتحقق أهداف وخطط التنمية المستدامة إن كان هنالك حاجة لمدى زمني أطول لتطبيق أهداف التنمية المستدامة. وقال "إن المهم في هذا هو تغيير المفاهيم القديمة من أن عصر النفط سينتهي بقدوم البديل خصوصا أن النفط يحقق كفاءة في الطاقة أعلى بكثير من المصادر الأخرى والذي يبقي الطلب علبه قويا حتى عند مستويات أسعاره الحالية".
المشروع الأميركي لتقليص الاعتماد على النفط العربي
"إن الاقتصاد هو الذي يحرك السياسة وليس العكس" هكذا يرى الصقير حينما سألته "إيلاف" عن ما إذا كانت السياسة هي التي تحرك الاقتصاد وذلك على خلفية المطالبات والتهديدات الأميركية،وأوضح أن السياسة أحد أدوات تفعيل الأهداف الاقتصادية ،لذا فإن مسألة وجود ضغوط سياسية تؤثر على الاقتصاد لأي دولة أمر لا يمت للواقع بصلة، والأهم أن السياسة النفطية لأعضاء منظمة أوبك تتمحور في ضمان الإمدادات وأعضاء الكونغرس الأميركي يدركون المعطيات الحالية في الأسواق النفطية ويدركون أيضاً دور أوبك الفعال في اتزان أسواق النفط.
أما فيما يتعلق بمسألة تقليص الاعتماد على النفط العربي قال الصقير:"هذا أمر غير دارج في أجندة الأسواق النفطية، إذ أن الطلب على النفط لا يمثل الحكومات ولكن يتمثل في شركات عالمية تحكمها أسس مبنية على مفاهيم اقتصادية ووجود الحكومات هو للعب دور المهيئ للبيئة الاقتصادية التي تناسب المعطيات في أسواق العالم،فالتزام السعودية بمستويات إنتاج معينة يتعلق بسياستها المنبثقة من سياسات منظمة أوبك والتي تصب في ضمان الإمدادات النفطية .ومن غير المنطقي أن يكون هنالك طلب حقيقي ملموس في أسواق النفط ويتم تجاهله من قبل أعضاء أوبك، ولهذا فإن آلية سقف الإنتاج هي لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط وإيجاد البيئة الملائمة لاستيعاب مستجدات الأسواق النفطية.
التضخم هل هو ضريبة تجنيها دول الخليج من ارتفاع النفط؟
أكد الصقير أن أحد أسباب التضخم يعود إلى ارتفاع أسعار الواردات من أوروبا مثلاً.،موضحاً أن الانتقائية في السلع هي التي تلعب دوراً في الشعور بالتضخم لدى المستهلك في دول الخليج، ولذا فإن اغلب الواردات من السلع الأميركية تحمل درجة عالية من التنافسية مقابل الواردات الأوروبية، ومن المفترض أن تكون أسعار الواردات الأميركية على نحو ثابت تقريباً في أسعارها. وأَضاف"من الممكن معالجة بعض ظواهر التضخم من السلع الأوروبية وخصوصاً الأدوية والمواد الطبية بإنشاء صندوق للتحوط في حركة أسواق العملات بإشراف وزراء الصحة في مجلس التعاون الخليجي، حيث أن إنشاء صندوق للتحوط كفيل بجعل أسعار السلع والأدوية والمواد الطبية من أوروبا ذات كلفة ثابتة.