إستعدادات واسعة لمؤتمر فلسطين للإستثمار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يقام يوم الأربعاء المقبل
إستعدادات واسعة لمؤتمر فلسطين للإستثمار
أسامة العيسة من القدس
يشهد مركز المؤتمرات، بالقرب من برك سليمان التاريخية، حركة دؤوبة، تمهيدًا لعقد مؤتمر فلسطين للإستثمار، الذي سيقام يوم الأربعاء المقبل، ويستمر ثلاثة أيام.
ويعتبر مركز المؤتمرات، الذي يحلو للشركة التي تملكه، تقديمه بأنه احدث مركز من نوعه في الشرق الأوسط، جزءًا من مشروع لشركة اتحاد المقاولين المعروفة اختصارًا بـ (c.c.c)، بنته بعد أن استأجرت البرك الثلاث التي كانت تزود القدس بمياه الشرب، من وزارة الأوقاف، وقبل شهر من اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، افتتحت الشركة، باحتفال صاخب مركز المؤتمرات، دون أن يعرف أحد بما سيحصل لهذا المشروع بعد فترة وجيزة، ففي اشهر الانتفاضة الأولى، اصبح المركز هدفا للقصف الإسرائيلي، بينما أصبحت منطقة البرك التي يقع فيها بمثابة منطقة عسكرية مغلقة.
ويؤشر حجم المشروع، الذي يتضمن أسواقًا للحرف والمشغولات السياحية، لم يقدر لها أن تفتح أبدًا، إلى المشاعر العاطفية التي كانت لدى إدارة الشركة التي تعمل في دول عديدة، ويملكها فلسطينيون، تجاه الفرصة الاستثمارية التي سنحت في الأراضي الفلسطينية، بعد اتفاق أوسلو، بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية.
وحسب مصادر اقتصادية، فإن رئيس الشركة رجل الأعمال المعروف حسيب صباغ وزملاءه، أرادوا تقديم دعم لشعبهم، فانشأوا مثل هذا المشروع الضخم، بدلا من تقديم أموالا عن طريق أجهزة السلطة الفلسطينية المتهمة بالفساد.
وكانت مجلة نيوزويك، نقلت على لساالذي يقام 1998 قوله عن رجال السلطة إنهم "كالذباب التي تتجمع على طبق حلوى"، وذلك ضمن تحقيق لها عن فساد السلطة التي كان يقودها آنذاك ياسر عرفات المعروف بتفرده، وعدم محاسبته للفاسدين، وتطويع الفساد واستخدمه لضمان الولاءات.
وعلى الرغم من تعرض المشروع إلى التدمير الجزئي، فإنه عندما بدأت الأوضاع تشهد هدوءًا نسيًا، نفذت الشركة عملية ترميم كبيرة للمشروع، الذي سيكون عقد جلسات مؤتمر فلسطين للاستثمار أولى نشاطاته.
وبالقرب من المشروع، تجري عملية بناء أخرى، لكنها مختلفة، ينفذها الجيش الإسرائيلي لاستكمال مقاطع من الجدار الفاصل.
وفي إطار الاستعدادات لعقد المؤتمر، اصبح مركز المؤتمرات، مقصدًا للعديد من المسؤولين الفلسطينيين الذين لهم علاقة بالحدث، مثل الدكتورة خلود دعيبس وزيرة السياحة والآثار، في السلطة الفلسطينية التي زارت المركز لتفقد سير العمل.
وقالت دعيبس إن طواقم من وزارتها، باشرت بالتفتيش على المؤسسات السياحية من فنادق ومطاعم للتأكد من جاهزيتها وضمان توفيرها لوسائل الراحة لضيوف وزوار بيت لحم المشاركين في المؤتمر الذي سيعقد في الفترة ما بين 21-23/5/2008.
وقال جريس قمصية المسؤول الإعلامي في وزارة السياحة والآثار، إن طواقم الوزارة، تحضر، بالتنسيق مع إدارة المؤتمر، لعمل جولات ومسارات سياحية للمشاركين في المدن الفلسطينية، لتعريفهم بالمواقع السياحية والأثرية الهامة في فلسطين وتزويدهم بالمواد الترويجية اللازمة لوضعهم في صورة المناخ السياحي الفلسطيني "الذي يشكل فرصة جيدة للاستثمار" حسب قمصية.
وستشارك الوزارة في معرض المؤتمر الذي يقام في ساحة مركز المؤتمرات بجناح يمثل السياحة الفلسطينية بشقيها العام والخاص.
وتشمل التحضيرات للمؤتمر العتيد، تجميل جزء من شارع القدس-الخليل، الذي سيستخدمه المشاركون، ما بين مكان إقامتهم في فندق الانتركونتننتال، ومركز المؤتمرات، ويشهد الشارع ورشة عمل كبيرة، تشمل زراعة الأشجار، وتنظيف الأرصفة، وإزالة الكثير من المخلفات على الطرقات، والتي يعود بعضها إلى سنوات.
ويجري كل هذا وسط اهتمامات من المواطنين وقطاعات من الرأي العام، الذي يبدو ما يجري بالنسبة لهذا المؤتمر غامضا لها، حتى أن صلاح التعمري محافظ بيت لحم، ورئيس اللجنة المحلة للمؤتمر، أشار إلى عدم علمه بكثير مما يحضر له.
وفي لفتة متأخرة، حاول القائمون على المؤتمر، التوجه إلى الجمهور الفلسطيني، لتوضيح بعض الأمور، وعقد الدكتور حسن أبو لبدة، الرئيس التنفيذي للمؤتمر لقاء موسعًا مع الصحافيين، أكد فيه أن المؤتمر ليس مؤتمرًا تنمويًا، وانما لمحاولة إقناع المستثمرين المشاركين بجدوى الاستثمار في فلسطين، من خلال مشاريع أعدت بقيمة نحو ملياري دولار.
ولكن التوضيحات التي قدمها أبو لبدة لم تكن كافية بالنسبة للجمهور، خصوصًا ارتباط المؤتمر بالتحركات السياسية، حيث سيفتتحه محمود عباس (أبو مازن)، بمشاركة شخصيات سياسية دولية تدعم نهج عباس، مثل طوني بلير ممثل الرباعية الدولية، وتيسبي لفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية.
ووفقا لاجندة المؤتمر، كما وزعها أبو لبدة على الصحافيين، فان المؤتمر سيفتتح مساء الأربعاء (21-5) بجلسة افتتاحية، يليها حفل استقبال، وفي اليوم الثاني، ستعقد جلسة عامة حول البيئة الاستثمارية في فلسطين، وعقد جلسات تتناول الفرص الاستثمارية في بعض القطاعات الفلسطينية مثل: القطاع المالي، والقطاع السياحي، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والقطاع الصناعي.
وستخصص جلسة عامة حول غزة، وفي اليوم الثالث، سيناقش المشاركون، الفرص الاستثمارية في القدس.
وما يلفت الانتباه هو حجم المشاركة في المؤتمر، والاهتمام الإعلامي، وسجل نحو 200 صحافي من فلسطين وخارجها، لتغطية المؤتمر، بينما يتوقع مشاركة نحو 1700 من رجال الأعمال.
ويأمل العديد من الاقتصاديين، أن يشكل المؤتمر رافعة للنهوض بالاقتصاد الوطني، وان كان ذلك غير مؤكد، خصوصا وان الاقتصاد الفلسطيني ما زال ملحقا بالاقتصاد الإسرائيلي، ويعاني من تشويهات مزمنة، ومع حقيقة أن نحو 40في المئة من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر، وارتفاع نسبة البطالة إلى أرقام قياسية وصلت إلى 60في المئة، وهجرة الرساميل الوطنية إلى الخارج.
وقال الدكتور سيمر حزبون، رئيس مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة بيت لحم، وهو محاضر جامعي في الاقتصاد "تخرج الجامعات الفلسطينية سنويا نحو 30 ألف طالب، سيجدون أنفسهم في الشارع، بينما تستمر الكوارث التي لا تقتصر على الاقتصاد التي يسببها الاحتلال، مثل ازدياد عدد الأسرى والجرحى والثكلى، واستمرار الحصار والاستيطان، وانخفاض الإنتاج الزراعي بسبب ذلك".
واضاف حزبون "بسبب كل هذه الظروف، نضجت فكرة عقد مؤتمر فلسطين للاستثمار، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة الدكتور سلام فياض، وضمن برنامج الحكومة للإصلاح".
وقدمت الحكومة الفلسطينية ما تعتبره ضمانات للاستثمار في فلسطين من خلال قانون الشركات وقانون التجارة الفلسطيني، ولكن هذا لم يكن كافيا، بدون الضمانات الدولية، المتمثلة بالدعم الأميركي والغربي لأبي مازن والدكتور فياض، وهي التي يعول عليها الكثيرون من المشاركين، ولكنه يبقى دعما سياسيا، محكومة باعتبارات غير اقتصادية.
وحسب الدكتور أبو لبدة، فان الجهات الدولية التي أبدت اهتمامها بالمؤتمر هي: مجموع الدول المانحة التي شاركت في مؤتمر باريس الاقتصادي، والحكومات العربية في الخليج والمشرق والمغرب، واللجنة الرباعية ممثلة بطوني بلير، بالإضافة إلى مؤسسات تمويلية عربية ودولية.
ويبقى السؤال عن ماذا سيتمخض المؤتمر؟ وهل سيقدم المشاركون فيه على الاستثمار في فلسطين، التي يدخلونها باذونات إسرائيلية، وما هو حجم هذا الاستثمار؟ اكثر الشخصيات المتفائلة لا ترى بان الأمر سيكون سريعًا، مثل أبو لبدة الذي يقول "لن يكون اليوم التالي لانتهاء المؤتمر، يومًا جديدًا في فلسطين، ولكننا نأمل أن يشكل بداية نهوض اقتصادي".