اقتصاد

مارسيل: "سعودي أرامكو" هي الأكثر ترويًا في الإفادة من مصدر قوتها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منى سلطان من الظهران: تقول فاليري مارسيل خبيرة الطاقة في المعهد الملكي للشؤون الدولية ومؤلفة كتاب"عمالقة النفط" إن مهمة شركات النفط الوطنية الاضطلاع بقسط من المسؤولية لصالح الاقتصاد، من خلال دعم القطاع الخاص مثلاً، على الرغم من أن النجاح في هذا الإطار يعتمد على تنوع أوسع للمجهود. وتشير إلى أن إلقاء نظرة على تاريخ شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سعودي ارامكو إحدها، سيساعد على فهم ما أصبحت عليه الآن، وكيفية تشكل التحديات التي تواجهها اليوم، وكيف تنظر إلى المستثمرين والمستهلكين الأجانب. ولا يعرف هذا التاريخ عن الشركات كما أنه لا يحدد سلوكها، ولكنه في خلفية المشهد جزء من الذاكرة الجماعية للمنتجين التي يجب أن تكون مألوفة للمراقب لفهم الحواريات الجارية اليوم حول الصناعة. وفي كتاب "عمالقة النفط" تقدم الخبيرة نظرة تاريخية على شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل إيران، ودول الخليج، والجزائر، كما تركز على الخلفية الوطنية ونوعية العلاقة القائمة بين شركة النفط الوطنية والدولة، ومناقشة أثر الميول الديمغرافية على التوقعات الوطنية المتعلقة بقطاع النفط والمداخيل التي يؤمنها للدولة، إضافة إلى العديد من المحاور ذات العلاقة.


تقول خبيرة الطاقة لعل مصدر القوة الأكبر لشركات النفط الوطنية هو نظرتها البعيدة الأمد. وبما أنها ضمنت الحصول على احتياطيات بلدانها ولا تفكر بالربع التالي من العام، فقد باتت تنعم بطريقة تفكيرٍ إستراتيجية، وتملك من الوقت لتطبيق إستراتيجيتها. وسعودي أرامكو هي الأكثر ترويًّا في الإفادة من مصدر قوّتها. فقد أعطت الشركة مثالاً مدهشًا عن تطبيق مصدر القوة هذا: لبلوغ هدفها الاستراتيجي المتمثّل بتوسيع نشاطاتها في مجال التكرير في شمال شرق أسيا، أرسلت شبّانًا سعوديين للتدرّب في الصين وكوريا الجنوبية واليابان, وتعلم اللغة والثقافة. ولاختراق هذه الأسواق, ستكون الشركة بحاجة إلى قادة جدد " يفهمون الثقافات في الخارج". ويبدو أن سعودي أرامكو كانت ناجحةً على ذلك المستوى: أخبرتني مديرة في بتروناس عن دهشتها وإعجابها لدى تلقّي زيارة من نظيرٍ لها في سعودي أرامكوا تحدّث إليها بالماندارينية وبطلاقة (لغة بلادها), فقد كان يزور منتجين مختلفين لمناقشة التطورات الحاصلة بالسوق الإقليمية.


ثقافة المؤسسة
تقول مارسيل، إن معظم موظفي شركات النفط الوطنية يريدون إدارةً جيدة مع شيء من العاطفة، أي بما يؤمن تطبيق أفضل مزاولة لإدارة الأعمال، في الوقت نفسه، تلبية التوقعات الثقافية في ما يتعلق بسماحة النفس. دخلت شركات النفط الوطنية مع جماعات خاصة أخرى في شراكات نجمت عنها كما يبدو فوائد جراء مزج ثقافات إدارة الأعمال. فقد نضجت سعودي أرامكو مثلا بسبب شاركتها مع الشركات الأميركية، وتولت زمام الأمور في الشركة تدريجيًا. وتتابع في جزء آخر من الكتاب، سعودي أرامكو هي شركة نفط وطنية ذات وضعٍ استثنائي تعمل في مجمعٍ من المنشآت كشركة نفط أجنبية. وعلى الرغم من أن هذا الأمر هو بمثابة ميزة مهمة تتمثل بعزل صناعة الهيدرو كربون عن أي اضطرابات قد تحصل في المملكة وتطبع الشركة بطابع رائع من روح التضامن، فقد شعرت بأنه يحمل في طياته المخاطر التي تواجهها شركة ما تقوم بتطوير ما دعوته ثقافة حصن ومقاومة التغيير. خلال المقابلات، سألت الأرامكيين عن آرائهم حيال كون شركتهم وطنية تعمل بعزلة بعيداً عن بقية المجتمع السعودي، وما إذا كانوا يملكون ثقافة حصن. أخذ العديد على حين غرة بهذا السؤال وكأنهم لم يصدموا من قبل بغرابة كونهم في مجمع كشركة نفط وطنية. ولاحظ أحد الذين أجريت معهم مقابلة قائلاً: " نما المجمع دون أن يكون حوله أي شيء في الأساس. لم تكن هناك الظهران. الآن هناك مدن حولنا...".

دور النساء في شركات النفط الوطنية
في سعودي أرامكو, لم تتمكن النساء من الحصول بسهولة على مناصب إدارية عالية المستوى. فمعدل النساء في الشركة يبلغ 2 بالمئة فقط (هو أعلى طبيعياً في المراكز الرئيسية للشركة منه في العمل الميداني). وكانت الشركة حساسةً جداً حيال هذا التفاوت. وغالباً ما يتم تدريب الأرامكيين في الولايات المتحدة وتكون مواقفهم من العمل مع النساء ذات طابع غربي أكثر من معظم السعوديين.وتقول مارسيل،عندما زرت المملكة العربية السعودية في كانون الثاني/يناير 2004 لجمع معلومات لهذه الدراسة، كانت الشركة تقوم بتدشين معمل الغاز في حَرَض. وفي غضون أسبوع واحد فقط، بُنيت مدينة كبيرة من الخيم المزخرفة في المنطقة الصحراوية لحَرَض لاستضافة حوالى 3000 ضيف. وغُرست صفوف من 200 شجرة نخيل في هذة المدة القصيرة من الزمن, وكسا العشب والأزهار والرمال. وكان هناك جدالٌ حول ما إذا كان بإمكاني حضور الحدث: كنت المرأة الوحيدة وكنت غريبة. في النهاية, سمح لي بالحضور، وأجبت الإيماءة بإيماءة, فارتديت حجابًا إسلاميًا وفقًا للزيّ المصري. ووجدت نفسي في خيمة ضخمة وشاهقة محاطةً بآلاف الرجال المرتدين الدشداشة التقليدية والذين لم يكونوا ينظرون إليّ إلا قليلاً. فقد كانوا متحفًّظين على نحوٍ مميز.


يُسمح للنساء والرجال بالعمل معًا إلا أن أرامكو تتمتع بوضع خاص حيث يتم توظيف عددٍ كبيرٍ من النساء يعملن جنباً إلى جَنب مع الرجال. ويجب على الشركات العاملة في المملكة العربية السعودية طلب إذن رسمي لاستخدام النساء، ويُرفَض الطلب عادةً. وأكّد بعض المدراء التنفيذيين في أبيكورب، وهو المصرف المحلي في الخُبَر، الأمر. وعلى الرغم من أن سعودي أرامكو معفاة من هذا الشرط الأساسي، فهي تطلب الإذن من الحكومة قبل التوظيف امرأة في منصب مهندسة أعلى للاحتياطيات، وهو أحد المناصب العليا التي يمكن لشركة نفط تقديمها.

كما أشارت إلى تجربتها في زيارة لأحد مواقع ارامكو"وجدتُ نفسي في بيئة مختلفة تماماً عن تلك التي رافقت حدث افتتاح معمل الغاز في حَرَض عندما دُعيت لتناول طعام الغداء في وزارة البترول. فقد رافقتني مجموعة صغيرة من الموظفات إلى مطعم مخصصٍ للنساء. وكانت آلاف العباءات والحجابات تملأ الغرفة الكبيرة. وكنت الوحيدة التي ترتدي ثياباً ملوّنة في هذا اليمّ من السواد, ولكن ثانيةً لم يحدّق بي أحد. هذا, وقد لقيت بعض الاهتمام الودّي من قِبل النساء من كافة الأعمار في إيران".

الأعمال الإدارية
في سعودي أرامكوا، لم يشكُ المجيبون عن الأسئلة من طريقة العمل الداخلية للشركة. ومن شأن هذا الأمر أن يكون معاكساً لثقافتها: هناك قدرٌ كبير من الالتحام بين صفوف الموظفين واعتزاز بالشركة. ومن الواضح أيضاً أن سعودي أرامكو هي في حالة متماسكة, لذلك هناك القليل مما يستوجب التذمر منه. ومن جهة ثانية, هناك بعض الإجراءات المرتبطة بالبنية الإدارية المركزية والهرمية للشركة التي قد تُعيق قدرتها على التكّيف مع التحديات الخارجية الجديدة. يميل المدراء إلى التدقيق في الشؤون الإدارية لأنهم مهتمّون بكشف النقاب عن أي خطأ أو لا كفاءة. وتُطلب موافقة الأعلى مرتبةً لاعتماد إجراءات خارجة عن المألوف. الاتصالات بالعالم الخارجي حساسة بصفة خاصة. بما أنها لم تكن المعيار في السابق, وسعودي أرامكو متكتّمة ولكنها تبدأ الآن بالتواصل. لدى السؤال عن سبب هذا التكتّم, شرح أحد المهندسين أن الشركة شعرت بأنها غير مقدرة كما يجب وأرادت "أن يرى الناس كل ما نقوم به من أعمال". وهناك في الواقع قدر كبير مما يجب إظهاره, ولكن الشركة تجد صعوبةً في التعاطي مع هذا التحول. وبالرغم من انفتاحها على الصحافّيين والزائرين أكثر فأكثر في السنوات القليلة الماضية, تبقى قلقةً من القوى الإعلامية التي لا يمكن التحكم فيها والتي قد لا تُعطي صورةً إيجابية عنها.

إجراءات صنع السياسة
تتعلّق توجيهات الحكومة حيال السياسة عادةً. بمقادير إنتاج النفط, والقوانين البيئية, وأهداف التوظيف وتشجيع القطاع الخاص، والتوجيهات المرتبطة بصيانة النفط. إضافة إلى ذلك, قد تتلقى الشركات توجيهات عامة حول المحافظة على الحصة الإستراتيجية من السوق. وهذه هي حال المملكة العربية السعودية فقد شرح عدد كبير من المدراء التنفيذيين في أرامكو أن الشركة تحتفظ بحصتها للأسواق الأوروبية والأميركية الأقل ربحيّه بهدف "المحافظة على العلاقات هناك". وقد تطلب الحكومة منها أيضاً زيادة حصتها بالسوق. في مثل هذه الأمثلة, لا تّتبع سعودي أرامكو إستراتيجية الحدّ الأدنى المطلوب, ولكنها تؤدي دورًا حاسمًا في مساندة أولويات الدولة.


في المملكة العربية السعودية, كما في إيران والكويت, طلبت الحكومة أيضًا من شركة النفط الوطنية تأمين مستشارين لوزارة الطاقة والمشاركة في اللجان القائمة بين الوزارة والشركة. وعلى الرغم من ذلك, كان واضحًا ممن أُجريت معهم مقابلات أن بعض مسؤولي الوزارة شعروا بعدم القدرة على دفع الآلّية المؤثّرة لشركة النفط الوطنية إلى الأمام. من جهة أخرى، انتقل حقّ صنع القرار في ما يتعلّق بتسعير صادرات النفط الخام إلى شركات النفط الوطنية تدريجيًا، وكان التسعير في السابق من مهام الوزارات حصريًا. لقد شرح موظف وزاري ذو مرتبة عالية في المملكة العربية السعودية أن مسؤولية تسعير النفط الخام المصدَّر كانت بين أيدي سعودي أرامكو بالكامل منذ العام 1986. أضاف مدير تنفيذي في ميدان التسويق في أرامكو أن تسعير النفط الخام هو الآن قرار روتيني وأن لجنةً تجتمع لتحديد "تعديل السعر وفقًا للنوعية" (مكافأة أو الحسم).

توقعات متبدّلة
في البلدان العربية والخليج، شعر الجيل الأسبق بأنه حصل على المناصب التي يرغب فيها بسهولة في حين أن الجيل الجديد يواجه أزمنةً اقتصادية أكثر صعوبة. وشعر أحد مدراء أرامكو بأنه سيكون لزمًا على السعوديين تبديل ذهنّيتهم من "مستهلكين للثروة" إلى "محققي الثروة". "يجب التفكير بطريقة مختلفة الآن. إننا نواجه الآن تحديًا حقيقيًا, والدول كذلك. وعندما أنظر إلى مكتبي ومنزلي, أفكر بالتالي: هل نحن من حقق كل هذا؟ لا, فنحن قد استوردناه. والاستيراد ليس سيّئاً بحدّ ذاته, ولكن علينا تحقيق الأشياء أيضاً. فمن شأن هذا الأمر توفير الأعمال، وهو أمرٌ صعبٌ بالتأكيد بالنسبة إلى هذا الجيل. فالثروة تنخفض مع ازدياد عدد السكان". أولئك الذين التحقوا بسعودي أرامكو هم قلّة محظوظة. وضمّت الشركة المتخرّجين الشبّان الأفضل إلى برامجها التدريبيّة, وهم متحفّزون وطموحون جداً. وعلى الرغم من أنه لا يمكنهم توقّع الارتقاء السريع نفسه في مناصب الشركة كم كانت حال المدراء التنفيذيين الحاليين, فهم سيكافئون مع ذلك بمرتبات عالية وعلاوات جذّابة.

علاقة الحكومة
في سعودي أرامكو, كان مدراء ذوو المناصب العليا واثقين من أن الحكومة لن تغّير علاقة تسير بشكل جيّد. "لا تقتل البقرة التي تمدّك بالطعام", قال أحد المدراء مُلمحاً إلى تدخلات سياسية محتمَلة في شؤون إدارة الصناعة. ولكن المخاوف الاقتصادية التي تعتري الحكومة أثّرت بالفعل في شركة النفط الوطنية السعودية. أولاً, فقد اعتُبرت مبادرة الغاز على نطاق واسع مبادرةً سياسية لاجتذاب رأس المال الأجنبي إلى البلد في زمن انخفاض أسعار النفط. وكان يُراد بضخ رأس المال الأجنبي في قطاع الغاز تأمين مزيدٍ من رؤوس الأموال لسعودي أرامكو بهدف استثمارها في ميادين أخرى. ثانيًا، شعر العديد من المدراء بأن التحدّي الذي يواجهه السكان بعددهم المتزايد للعثور على وظائف كان التهديد الرئيس للعلاقة السليمة التي نعمت بها سعودي أرامكو مع الحكومة حتى الآن. لقد سأل مدير في عمليات استخراج النفط قائلاً: "هل نتّجه إلى حالة نصبح فيها شركة إنعاشٍ اجتماعي يتوجّب عليها إيجاد عمل للناس, أم أنه يفترض بنا بذل جهودٍ للحدّ من التوظيف بهدف تخفيض التكاليف التشغيل المتواصلة؟ التوظيف هو الإنفاق المباشَر الأعلى... تمارس الحكومة ضغطًا علينا فتسألنا عن سبب عدم القيام بأمرٍ ما, أو كيف يُعقَل ألا يحصل هذا الشخص الذي كان من أفضل المتخرّجين في صفّه على وظيفة في سعودي أرامكو؟ ستصبح هذه الأمور أكثر صعوبةً (مع تزايد متطلبات الحكومة). ولا يمكننا حلّ مشكلة التوظيف هذه. وبتزايد السكان, لن يكون لدينا ما يكفي من الوظائف. لذلك, علينا التركيز على دخل متنامٍ للحكومة لا على تأمين وظائف. ومحاولة تخفيض حجم التوظيف هي معركة خاسرة. ولكن بإمكاننا المساهمة في تنويع دخل الحكومة".
توجيهٌ مالي جيّد.

ترى مارسيل، أن الاستعداد لدخول منظمة التجارة العالمية له أثرٌ إيجابي (على الأقل) على إيران والمملكة العربية السعودية. وشرح مسؤول وزاري سعودي قائلاً إن "منظمة التجارة العالمية لا تتدخّل عنوةً كما تظنّون"، مضيفًا أن المتطلبات الجديدة كانت تعني فقط قيام مدقّقٍ أجنبيٍ مستقلّ ولجنة تدقيقٍ داخلية بالتدقيق من الحسابات سعودي أرامكو المالية. وتسلَّم المعلومات المجمَّعة إلى مجلس البترول الأعلى فقط. إن حسابات شركة نفط أبو ظبي الوطنية تخضع لعملية تدقيقٍ مماثلة وراء أبوابٍ مغلَقة. شرح مديرٌ تنفيذي أعلى في أرامكو أن الحكومة السعودية لا تسمح له بإفشاء معلومات ماليّة. لقد شرح مصرفي سعودي قائلاً إنه عندما ذهبت الشركة إلى الأسواق المالية في شأن أسطول ناقلات النفط لديها في أواسط التسعينات, دفعت الشركة القرض مسبقاً لتفادي إفشاء معلومات ماليّة إضافية.ولكن مسؤولاً وزارياً في قطاع النفط شعر بأن هذا الواقع سيتغّير. هناك عناصر في الحكومة يناقشون أمر تأمين شفافّية أكبر. فعلى سبيل المثال, كرّر أعضاء في مجلس الشورى طلبهم من الملك الكشف عن مسائل ماليّة بشكل أكثر تفصيلاً.

وتقول مارسيل في صفحات أخرى من الكتاب، عُرفت سعودي ارامكو بتكتمها في مجال صناعة النفط منذ وقت طويل، ولكن هذا الامر يتبدل. فقد سعت قيادتها إلى حماية الهامش الممنوح لها للعمل باستقلالية. من خلال عدم التكلم علانية، وعدم لفت الانتباه، وتجنب السياسة، يمكن للشركة المحافظة على الإجماع في الحكومة المتمثل بعدم التدخل في شؤونها. من هذه الناحية، يجدر بها الحرص على أن تعتبر منخرطة في الأعمال لا في صناعة السياسة. الآن، يشعر بعض المدراء بأن هذا الأمر هو بمثابة قيد للشركة. فقد رغب مدير علاقات عامة في أن يرى سعودي أرامكو تتواصل أكثر فأكثر، وأمل في أن أبلغ الإدارة العليا انطباعاتي حيال ثقافة التكتم التي تتبعها الشركة. في الواقع، لا تزال عملية تحويل طريقة التواصل جارية يقودها عدد من المدارء التنفيذيين الناشئين الذين يرون الشركة تؤدي دورًا أكثر بروزًا في المستقبل.

ضمان الطلب
لن يتلاشى التحدّي التسويقي الخاص بسعودي أرامكو, والمتمثّل بامتلاكها الكثير من النفط. فبامتلاكها مايقدَّر بـ 23 في المئة من احتياطيات النفط في العالم وإنتاج 13 في المئة من مجمل مخزونها في الوقت الحاضر, تملك الشركة القدرة على توسيع إنتاجها, ولكنها بحاجة إلى العثور على أسواقٍ لذلك النفط الإضافي. على سعودي أرامكو ضمان استمرار الطلب على النفط ما دامت المملكة العربية السعودية تملك نفطاً غير مستخرج. و تشكل المحافظة على النفط مصدراً رئيسًا للطاقة على المدى الطويل تحدياً أساسياً تتعاطى معه الشركة بجدّية. إن استثمار المزيد في أعمال البحث عن تقنيات جديدة وتطويرها سيعزّز الطلب على النفط. لقد شرح عالمٌ في سعودي أرامكو الجهود التي تبذلها الشركة لا تستخدم العلم دعماً للطلب المستقبلي على النفط, قائلاً: "نريد حماية سوقنا النفطية من خلال تقنيّة خليّة الوقود المحفّرة للهيدرو كربون مثلاً (fossil fuel-driven fuel cell technology). ونرغب في اعتماد هذه التقنيّة مع شركات النفط الوطنية, ومنتجي أوبك. لدينا اهتمامات مشتركة".

بالفعل، فقد تحدّث رئيس سعودي أرامكو والمدير التنفيذي الأوّل فيها عن مصلحة الشركة في تطوير التعاون في ما بين شركات النفط الوطنية بهدف تطوير تقنيات نفطية بارعة. وفاتحت سعودي أرامكو شركة البترول الكويتية في موضوع إنشاء برنامج استثمار مشترَك للبحث في أمور خليّة الوقود كجزءٍ من جهودها لتعزيز الطلب على النفط على المدى البعيد. وأُصيب أحد المدراء التنفيذيين المشاركين بخيبة أمل من ردّ شركة البترول الكويتية: ادّعى أن الشركة الكويتية تنظر إلى المسألة من منظور تجاري أكبر (تبتغي الربح فقط من هذا الاستثمار ومن استثمارات أخرى) وتفتقر إلى الرؤية الإستراتيجية الضرورية للتأثير في مسار البحث بالمستقبل. بالنتيجة، قامت سعودي أرامكو بالاستثمار في بحثٍ مشترك حول خليّة الوقود مع ستاتويل النروجية.

تحدّث المدير التنفيذي الأعلى لسعودي أرامكو أيضًا عن مصلحة الشركة في العمل مع منتجين آخرين على مسائل مرتبطة بالتنظيم والضريبة تؤثّر في الطلب على النفط. بالنسبة إلى معظم منتجي النفط, تركّز هذه المسائل على المقدار الضخم من الضرائب التي يفرضها حكومات البلدان المستهلكة على النفط. ففي العام 2002, كانت ضرائب الاتحاد الأوروبي المفروضة على استهلاك النفط تشكّل ما نسبته 59 في المئة من التكلفة التفعليّة " لبرميل النفط الخامل المؤلَّف من مكونات مختلفة" (أوبك, 2003: 120). في الواقع, تُحتسَب الضرائب بأكملها على تكلفة نقل الوقود تقريباً (تبلغ في أوروبا ضعفَي أو ثلاثة أضعاف تكلفة المُنتج) لا على زيت الوقود المخصَّص للصناعة وتوليد الطاقة. وبين عَامي 1999 و2003, جمعت الدول الكبرى السبع 1.4 تريليون مليون دولار من الضرائب المفروضة على مستهلكي النفط, وذلك مقارنةً مع مداخيل أوبك (بما فيها التكاليف) التي بلغت 1.1 تريليون دولار (أوبك 2004).

تُسهم سعودي أرامكو في بحثٍ علمي استجابةً لهذه التحدّيات, وبهدف تخفيض معدلات الانبعاث لديها وتحسين صورة النفط, يملك مركز الأبحاث النابع لها برنامجاً لعزل الكربون (التقاط الكربون المنبعث وتخزينه), كما تستثمر في وسائل لاحتجاز الغاز المحترق في حقول النفط لإعادة حقنه في مستودعات تحتوي على غازٍ طبيعي ونفط خام بهدف زيادة الضغط المحفّر لتدفّق النفط الخام, وهي تُجري بحثًا حول أساليب ابتكاريّة لإزالة الكبريت من البترول. من الواضح أن هذه الخطوات مهمّة، عِلماً أن العديد من المنتجين لا يُدركون كيفيّة الإفادة من العمل الإستباقي في هذا المجال البيئي وفي مجالات بيئيّة أخرى, ولا سيّما في ما يتعلّق بالنظام المُناخي وبرامج تبادل المعلومات حول انبعاثات الكربون وفعالية الطاقة.

مستقبل أسعار النفط
تقول مارسيل، في سعودي أرامكو, كنت مندهشةً بسبب قلّة الاهتمام بالارتفاع المرتقَب لإنتاج النفط في البُلدان غير المنتمية إلى أوبك في السنوات الخمس أو العشر القادمة, وبالخسارة المحتمَلة لحصة المملكة العربية السعودية في السوق. وبدا أن الشعور السائد في الشركة فلسفي: " قاومنا هذه الأمور من قبل وسنقاوم مجدَّداً". فسعودي أرامكو تنظر إلى نتائج المنافسة على المدى البعيد, وعلى الرغم من قلق وزير النفط حيال التهديدات القائمة على المدى القريب, فالشركة تتجاهل التهديدات القائمة على المدى المتوسط وتركّز على تطوّر محيطها في المدى البعيد. لقد مال المجيبون عن الأسئلة المطروحة خلال المقابلات إلى اعتبار التحدّيات على المدى البعيد تواجه الطلب على النفط, كما ذُكر في السابق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ARAMCO
Sami -

ارامكو شركه رائده ولا يجب مقارنتها بشركات النفط الوطنيه الخليجيه .. ارامكو تدار بطريقه احترافيه قل وجودها بالمنطقه ويمكن مقارنتها بالشركات العالميه كجنرال الكترك وجنرال موتورز وشل .. ان مركز ابحاث ارامكو وماتنفقه الشركه على البحث مع المراكز العالميه والجامعات لهو المفخره الحقيقيه لكل الخليجيين والعرب

ARAMCO
Sami -

ارامكو شركه رائده ولا يجب مقارنتها بشركات النفط الوطنيه الخليجيه .. ارامكو تدار بطريقه احترافيه قل وجودها بالمنطقه ويمكن مقارنتها بالشركات العالميه كجنرال الكترك وجنرال موتورز وشل .. ان مركز ابحاث ارامكو وماتنفقه الشركه على البحث مع المراكز العالميه والجامعات لهو المفخره الحقيقيه لكل الخليجيين والعرب