السياسة والاقتصاد في مؤتمر فلسطين للاستثمار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من بيت لحم
في اليوم الأول الافتتاحي لمؤتمر فلسطين للاستثمار، طرحت مبكرا الأسئلة حول علاقة الاقتصاد بالسياسة، وإذا كانت توجد إمكانية لتحقيق استثمار في ظل الاحتلال.
ولم يكن صدفة أن يبدأ محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، خطابه الافتتاحي في المؤتمر بمواضيع وقضايا سياسية، من توجيهه التهنئة للفرقاء اللبنانيين، بإنجاز اتفاق الدوحة، إلى دعوته لحركة حماس للتراجع عن انقلابها في قطاع غزة، واضعا عدة شروط للمصالحة، منها اعتراف حماس بالشرعية الدولية، والذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة.
وخاطب عباس المشاركين قائلا لهم بأنه لا يريد أن يرسم صورة وردية للوضع الفلسطيني، مشيرا "سنظل نواجه صعوبات حتى إزالة الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
وأضاف "الأمن والاقتصاد هما الطريق إلى السلام، وإذا تحقق السلام، فانه مقدر له أن يعود بالفائدة على جميع سكان الشرق الأوسط".
وانتقل النقاش حول السلام والاقتصاد والاحتلال والاستثمار إلى خارج قاعات المؤتمر، الذي حضره عدد من السياسيين يكاد يعادل عدد رجال الأعمال.
وقال زياد البندك، وزير الحكم المحلي لمراسلنا "هذا المؤتمر هو جزء من العملية التي بدأت في انابولس، واستمرت في باريس، وهذا المؤتمر، جزء من سلسلة مؤتمرات، ولن يكون نهاية المطاف".
وأضاف "بدا هذا المؤتمر فعالياته، التي لها علاقة بتطوير الوضع الاقتصادي في فلسطين، وتوجد أجواء إيجابية، وتأكيدات بأنه سيصار إلى توقيع اتفاقات، نحن متفائلون وفخورون بهذا المؤتمر الذي بدا على الأرض الفلسطينية، وبإدارة فلسطينية، وتم التحضير له في وقت صاروخي".
ومن الشخصيات السياسية الفلسطينية التي شاركت في افتتاح المؤتمر، قيس عبد الكريم (أبو ليلى) عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، ورفض أبو ليلى الربط بين عقد المؤتمر والمخاوف من أن يشكل جسرا للتطبيع مع إسرائيل، قائلا "هنالك فرق بين أن يكون الفلسطينيون جسرا للتطبيع ما بين إسرائيل وبين الدول العربية على الصعيد الاقتصادي، وبين أن يكون هنالك استثمار في المناطق الفلسطينية، بفعل الوضع القائم الآن، وهو وضع ما زال محكوما بالاحتلال، وباتفاقيات أوسلو، واتفاقية باريس الاقتصادية الجائرة، ومع اعتراضنا على كل هذه القيود، إلا أننا في الوقت نفسه لا نرى المشكلة في الخطوات التي تتضمن تقدما اقتصاديا وتخفيف في مشكلة البطالة في الأراضي الفلسطينية، بشرط أن لا تؤدي إلى تكبيل الاقتصاد الفلسطيني بقيود بعيدة المدى تعرقل اقتصاده، وبشرط أيضا ان لا تكون جسرا للتطبيع مع الدول العربية".
وحول ربط عقد المؤتمر بمسار عملية سياسية معينة قال أبو ليلى " الجميع يجمع على أن هذا المسار السياسي متعثر وانه يسير نحو طريق مسدود، لذلك لا أرى مصلحة في أن يربط موضوع التنمية الاقتصادية، بهذا المسار السياسي، لان هذا يعني الحكم عليه بالفشل مسبقا".
وحول ما يقال بان هذا المؤتمر يهدف إلى تدعيم السلطة الفلسطينية وإحداث رخاء في الضفة الغربية على حساب الأوضاع في قطاع غزة قال أبو ليلى "ونحن نعارض حصار قطاع غزة، ونقف في وجهه، ولكن هذا لا يعني الحكم على كل أبناء الشعب الفلسطيني، وأبناء الضفة الغربية أن يكونوا ضحايا لهذه الحصار، وإذا كان هنالك مجال لتحسين ولو جزئي للوضع الاقتصادي في أي موقع من المواقع الفلسطينية، فهذه خطوة إلى الأمام، والتكافل بين أبناء الشعب الفلسطيني لا يعني أن يجوعوا جميعا، ولكن الأصح أن يتمكنوا جميعا من التمتع بمستوى معقول، من التطور الاقتصادي والعيش بكرامة، هذا هو الأساس، وكل ما عدا ذلك علينا أن نواجهه جميعا".
وهناك من يتخذ موقفا أوضح من المؤتمر، مثل الصحافي خالد العمايرة الذي يقول بان الهدف من هذا المؤتمر هو إعادة إنتاح ما وصفه بأوهام أوسلو، في إشارة الى اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل.
وقال العمايرة لمراسلنا "في اتفاق أوسلو، تجاهلوا وجود الاحتلال، وها هم يفعلون الآن نفس الشيء".
وقال فؤاد جبر أمين سر جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين "نتوخى من المؤتمر خيرا، وكوننا تمكنا من عقد هذا المؤتمر، فهذا مدلول ومؤشر على أن الشعب الفلسطيني، رغم الاحتلال والظروف الصعبة، يعمل ويجتهد من اجل بناء دولته وبناء اقتصاده، من الجيد أن نعقد مؤتمرا ونستقطب إخوان لنا فلسطينيين وعرب وأجانب، وسينتج عن هذا بعض المشاريع حتما".
ودعا جبر إلى ضرورة أن تتم إقامة مشاريع في القدس، وقال "أنا اطرح دائما السؤال أين القدس من النشاطات الاقتصادية؟، نحن نعلم أن الظروف صعبة، طالما أننا كفلسطينيين لا نسيطر على المدينة وليس لدينا سيادة عليها، إلا انه يجب دعم مشاريع في القدس، فهي على الأقل مدينة سياحية، والكل يتطلع لان يأتي إليها ويزورها، خصوصا وأنها محرومة من مشاريع اقتصادية ويجب أن تدعم على الأقل بمشروع أو اثنين، هناك مشاريع اقتصادية القدس بحاجة لها، فالسياحة تذمرت على مر السنوات، بسبب الاحتلال، ويجب النهوض بها".
وحول طبيعة المشاريع المتوخاة للقدس قال جبر "يجب أن يتم تنفيذ مشاريع سياحية في القدس، وكذلك مشاريع إسكان، فالقدس بحاجة لمثل هذه المشاريع، مثل اسكانات للأزواج الشابة، وبرأي أن الاستثمار في القدس هو آمن، رغم أن السيطرة إسرائيلية وليست فلسطينية".
وأضاف جبر "من واجب السلطة أن تعتبر القدس جزء لا يتجزأ من فلسطين، وأهالي القدس هم جزء من الشعب الفلسطيني، ويجب أن يتم دعم مشاريع إسكان للأزواج الشابة وأنا اركز على هذا الموضوع".
وجبر الذي يشغل عضوية لجنة شكلها صندوق الاستثمار الفلسطيني، تتعلق بالقدس، يقول بأنه توجد فرص استثمارية في القدس، رغم الصعوبات، مشيرا الى وجود أراض مسموح البناء عليها.
وأضاف "القدس تنتظر مستثمرين فلسطينيين ومن لخارج لديهم الشجاعة والحس الوطني، ونأمل ان يلبوا دعوتنا".
وبالنسبة للبعض فأن المهم، كما قالت الدكتورة خلود دعيبس وزيرة السياحة والآثار، هو الإقبال الكبير على حضور المؤتمر من قبل مستثمرين في المهجر وعرب، ودوليين.
وأشارت دعيبس في حديث لمراسلنا "بالنسبة لنا يعتبر نجاحا كبيرا، كنا نعتقد انه لو سجل لحضور المؤتمر ما بين 200-250 فسيكون ذلك نجاحا، ولكن ما حدث هو حضور الأضعاف".
وقالت بان "المشاريع التي تم تحضيرها من قبل القطاع الخاص الفلسطيني، تصل إلى ملياري دولار، وهذا يؤكد بأنه ما زال لدى هذا القطاع الإصرار على الاستمرار، رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها في ظل الاحتلال".
وأضافت "المشاريع الاستثمارية التي حضرها القطاع الخاص جاءت من دراسة الاحتياجات، فقطاع الإسكان مثلا، الدراسات تشير إلى انه توجد حاجة إلى بناء آلاف الشقق في السنوات المقبلة، لذا كانت حصة البناء والبنية التحتية من هذه المشاريع المقدمة هي النصف، في المرتبة الثانية جاءت السياحة التي تعتبر من أهم القطاعات باعتباره نفط فلسطين، وفي المراتب التالية تأتى المشاريع الخاصة بالزراعة، والصناعة، وتكنولوجيا المعلومات، وحتى التعليم، هناك مشاريع خاصة بها".
ولم يتم الإعلان عن المشاريع حتى الآن، ويعتقد بان ذلك سيتم خلال أيام المؤتمر، وكشفت الدكتورة دعيبس، عن وجود مشاريع خاصة بالسياحة بقيمة 300 مليون دولار، تشمل إقامة فنادق، ومنتجعات سياحية، تشمل مرافق رياضية، وعلاجية، وثقافية.
وقالت دعيبس، بان المؤتمر يحظى بدعم والتزام عربي ودولي، وبأنه سيحضر المؤتمر، شخصيات سياسية، مثل وزير الخارجية الفرنسي كوشنير، الذي سيحضر على راس وفد فرنسي، وتوني بلير ممثل الرباعية الدولية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى وفود عربية مثل المغرب والإمارات.
وأكدت بأن الهدف من المؤتمر هو تقديم وجه حضاري لفلسطين، وإبراز النجاحات في القطاع الخاص، وهي كثيرة.
وأفادت بان وزارتها، ستنظم جولات للمشاركين في المدن الفلسطينية المختلفة، وكذلك إلى مدن عربية في الداخل مثل الناصرة.
واعتبر محافظ بيت لحم صلاح التعمري، رئيس اللجنة المحلية للمؤتمر، أن التحدي الأكبر سيكون بعد انتهاء المؤتمر، في كيفية المحافظة على بيت لحم زاهية ونظيفة كما هي الآن في استقبال المشاركين.