اقتصاد

خبير اقتصادي: البنوك المركزية الخليجية عاجزة عن مواجهة الأزمات المالية العالمية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حوار: كفاية أولير قال طارق يوسف عميد كلية دبي للإدارة الحكومية في حديث لـ "البيان الاقتصادي" على هامش منتدى واقع المنطقة العربية 2008 والذي احتضنته دبي مؤخرا أن التحدي ألأكبر الذي يواجه الدول الخليجية يتمثل في بناء مؤسسات محلية قائمة على الشفافية والمرجعية القانونية والانفتاح في تعاطيها مع المعلومات. وتوقع يوسف أن تبقى الدول الخليجية على ارتباط عملاتها بالدولار حتى بعد توحيد العملة الخليجية المتوقع بحلول 2010، وتحدث يوسف عن الحمائية الغربية تجاه الصناديق السياسية العربية قائلا بأن الأصوات التي ترتفع في الغرب مطالبة بالحمائية تجاه تلك الصناديق أغلبها أصوات سياسية لا تعكس الحاجة الاقتصادية ولا رغبة الشركات والقطاعات الاقتصادية الغربية للاستفادة من ثروات المنطقة الهائلة. طالب يوسف البنوك المركزية في الدول الخليجية من لعب دور أكبر من خلال تطوير آلياتها وأدواتها في غسل السيولة الفائضة وكذلك تدارك مصادر الخطر و التعامل بجرأة أكبر مع الأزمات الاقتصادية العالمية، مؤكدا على استقلال آليات ومحركات النمو في المنطقة الخليجية: *إلى أي مدى تأثرت اقتصادات المنطقة بانعدام الاستقرار في أسواق المال؟بالتأكيد هذه موضوعات معقدة، ومن الظلم أن نتصور بأن وضع صانعي القرار لقراراتهم في المنطقة ناهيك في بلدان مفتوحة على العالم ومرتبطة بعجلة الاقتصاد الدولي سيكون بالأمر البسيط وأنها ستأتي بدون أية مخاطر. لذلك يجب وضع كافة التقارير والتكهنات الخارجية في إطارها الحقيقي وخاصة أن منطقة الخليج تمر بنمو غير عادي قد يكون نتيجة لأوضاع استثنائية قد ترتبط بارتفاع أسعار النفط وما تحققه من عوائد نفطية ضخمة. ولكن بالتأكيد جزء منها مرتبط بتغيرات في نظرة الساسة في المنطقة إلى مستقبل اقتصادياتها.. فحاليا هناك حرص على التطوير الاقتصادي وتطوير القطاع الحكومي وعلى تنويع مصادر الدخل في ظل وجود سيولة ضخمة منحت العناصر المهمة لتحقيق هذا النمو. تحديات النمو*في ظل المخاطر الخارجية مع التذكر بأن البعض منها خارج عن إرادة صناع القرار مثل ارتفاع مستوى التذبذبات التي تحصل في أسواق المال العالمية، كيف يمكن لدول المنطقة أن تحافظ على زخم نمو اقتصادياتها؟منتدى واقع المنطقة العربية 2008 والذي احتضنته دبي مؤخرا ناقش العديد من القضايا منها على سبيل المثال ارتباط التضخم بالسياسة النقدية، وكذلك الارتباط بالدولار، كما تطرق إلى مناقشة المخاوف من حدوث هزات عنيفة أو ركود اقتصادي عالمي ينعكس سلبا على المنطقة، إلى جانب مناقشة التحديات وعملية تطوير المؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية في بلدان المنطقة، لذلك جميع تلك القضايا بحاجة إلى معالجتها أو على الأقل الوصول إلى قراءة فيها لتحقيق التنمية المستدامة للحفاظ على المنجزات الاقتصادية التي حققتها دول المنطقة. *إلى أي مدى تأثرت الاقتصاديات الخليجية بالأزمة التي عصفت ومازالت تعصف بالاقتصاد الأميركي في ظل ارتباط عملاتها الوثيق بالدولار؟إذا كان هناك تأثر فهو غير مباشر وغير واضح في الوقت الحالي، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن احتمالات حدوث ركود أو كساد اقتصادي في الولايات المتحدة، لا يتحدث أحد عن هذه الظاهرة أو احتمالاتها في المنطقة، صحيح أن الأسواق المالية العالمية بما فيها الخليجية قد شعرت وتأثرت بهذه التذبذبات. ولكن الاقتصاديات الحقيقة أو ما يطلق عليه زخم النمو مثل الاستثمارات والإنفاق الحكومي والمشاريع المالية خارج إطار القطاعات النفطية حافظت جميعا على تماسكها وزخمها، وفرضت نوعا من الحماية على الاقتصاديات الخليجية، لذلك نجد أنه في ظل النظرة التشاؤمية التي ينظر بها تجاه بالاقتصاد الأميركي نرى بأن النظرة نحو الاقتصاديات الخليجية تتسم بالتفاؤل بصورة أكبر. *هل يعني ذلك أنه إذا ما حصل مستقبلا هزات وكساد اقتصادي أكبر وأعنف مما هو حاصل الآن في الولايات المتحدة فإن اقتصاديات المنطقة ستكون محصنة ضدها؟ما أعنيه هو أن آليات ومحركات النمو هنا في المنطقة الخليجية إلى حد كبير مستقلة وغير مرتبطة بما يحدث في الولايات المتحدة الأميركية حتى في ظل ارتباط عملات الدول الخليجية بالدولار، ودعيني أعطيك مثالا، لاحظنا في الفترة الأخيرة أن كثيرا من الصادرات الخليجية ومن التدفقات المالية ما بين دول الخليج وخارج المنطقة الخليجية بدأت تأخذ هوية آسيوية بصورة أكبر، وطالما أن الدول الآسيوية تمر هي الأخرى بحالة نمو وطفرة لذلك فإن ارتباط الدول الخليجية بها بصورة أكبر من شأنه أن يساعد الدول الخليجية على التقليل من احتمالات تأثرها سلبا بالولايات المتحدة والتي يعيش اقتصادها حاليا أزمة. قلق غربي وترحيب آسيوي*هل تعتقد بأن القلق الغربي من الصناديق السيادية الحكومية العربية إذا ما استمر فقد يدفع بالأموال العربية إلى التدفق نحو آسيا؟هذا احتمال وارد، وفي الوقت ذاته نجد أن الفرص الاقتصادية والتجارية في آسيا الآن هي أكثر منها في الولايات المتحدة يعنى أن هناك أكثر من حافز، أي حافز اقتصادي وقد يكون أيضا سياسيا وفي الوقت ذاته فإن الأصوات التي ترتفع مطالبة بالحمائية من تلك الصناديق العربية أغلبها في الحقيقة أصوات سياسية لا تعكس الحاجة الاقتصادية ولا تعكس رغبة الشركات والقطاعات الاقتصادية من الاستفادة من هذه الثروات الهائلة. لذلك إذا كان صانع القرار في الولايات المتحدة سواء في المجال التجاري أو الاقتصادي يمتلك بالفعل رغبة حقيقة في الحصول على هذه التدفقات الاستثمارية فإن هذه الرغبة ستطغى في النهاية على الأصوات السياسية والتي لديها تحفظات على أي شيء يرتبط بالمنطقة ناهيك عن أموال من المنطقة تستثمر في شراء أصول حقيقية في الولايات المتحدة الأميركية لذلك أنا في الحقيقة لا أريد أن أبالغ فيما يتعلق بأهمية هذه الأصوات. *هل دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على أن تكون قوة اقتصادية توازي قوة الاتحاد الأوروبي وقوة تجمع دول الآسيان، في ظل تبادل بيني خليجي مازال ضئيلا؟لتبادل التجاري الخليجي البيني في نمو وازدياد ولكنه مازال ضئيلا، ولكن علينا أن نتذكر بأن الدول الأوروبية عندما بدأت في الأربعينات والخمسينات لم تكن بهذا الاندماج الذي تتواجد في صورته الآن، ثانيا ان مجلس التعاون الخليجي يطرح في الوقت الحاضر مشروعات أكثر أهمية وأكثر تحديا من قضية تطوير التبادل التجاري البيني بين الدول الخليجية، وبالعكس فإن أسس تطوير التجارة البينية ما بين الدول الخليجية قائمة، فالحديث جار عن عملة خليجية موحدة...الخ. قوة اقتصادية قائمةوبرأيي أن دول مجلس التعاون الخليجي قادرة بالفعل على أن تكون قوة اقتصادية مؤثرة في العالم فجميع عناصر النجاح في هذا المشروع قائمة، والأمر الذي ربما قد يكون غير واضح هو وجود الرغبة السياسية الجماعية داخل مجلس التعاون الخليجي للدفع بهذا المشروع، فالرغبة تلك لم تصل بعد إلى درجة من النضوج بحيث التفكير الجماعي في هذه القضية يطغى على الرغبات الوطنية لدى الدول الخليجية منفردة. *ما هي المبادرات التي نحتاجها لتعزيز رأس المال البشري في القوة العاملة ولبناء مؤسسات قابلة للاستمرار تسهم في تحقيق تنمية مستدامة في المنطقة؟معظم المبادرات التي تطرح محلية وتبقى مرهونة بما يحدث في أسواق الهجرة والوافدين، وهناك قنوات للتنسيق والاندماج فيما يتعلق بحركة المواطنين وحركة العمالة ما بين الدول الخليجية فيما يخص المواطنين الخليجيين وهناك حرية حركة فيما يخص المواطنين من كل الدول، وهناك حرية الاستثمار، وحرية تنقل رؤوس الأموال وتلك خطوات تسير في الطريق الصحيح، وعليك أن تتذكري بأن المشروع الأوروبي بدأ في الستينات. فما بالك بدول حديثة المولد تجربتها محدودة وفي الوقت ذاته محاطة بكم كبير من المشاكل في المنطقة إلا أنها نجحت في تطوير سبل التنسيق فيما بينها على المستوى الأمني والسياسي والاقتصادي والمالي، لذلك فإن رؤيتنا للدول الخليجية يجب أن توضع في إطار وخصوصا أن المنطقة العربية خالية من أي تجارب ممثالة وصلت إلى أي درجة من النضوج أو النجاح. لذلك فإنه من المستحيل مقارنة تجربة مجلس التعاون الخليجي مع أي تجربة أخرى في المنطقة العربية فالتجربة الخليجية تجربة فريدة وقائمة وتزداد زخما، صحيح أنها تواجه تحديات ومشاكل ولكن في الوقت ذاته لها رصيدها من النجاح. *ما هي قراءتكم لارتباط العملات الخليجية بالدولار؟ هل تتوقعون فكا لهذا الارتباط في المستقبل القريب إذا ما استمر الدولار الأميركي بالتهاوي؟موضوع العملة آت أجلا أم عاجلا. وقد لا يحدث فك ارتباط، وقد يستمر ارتباط العملات الخليجية بالدولار إلى حين الإعلان عن ولادة عملة خليجية موحدة وفي ذلك الوقت على الدول الخليجية إما أن تطرح بديلا عن ارتباط عملاتها بالدولار أو تستمر في هذا الارتباط... وشخصيا أنا لا أتوقع أن تتجه الدول الخليجية لفك ارتباط عملاتها بالدولار حتى بعد توحيد العملة الخليجية بحلول 2010، وهذا يعد أحد العوامل وراء تردد الدول الخليجية في فك ارتباط عملاتها بالدولار فهي بانتظار توحيد العملة الخليجية أو على الأقل اتخاذ قرار خليجي بهذا الشأن. التضخم والعوائد النفطية*كيف تفسرون ارتفاع مستويات التضخم الحاصلة في المنطقة الخليجية في ظل عوائد نفطية هائلة؟ وكيف يمكن خفض مستويات التضخم تلك؟الدول الخليجية تعيش حاليا ما بين المطرقة والسندان، تريد معدلات هائلة من النمو وتريد الإبقاء على السياسة النقدية المرتبطة بالولايات المتحدة الأميركية والتي ترتبط على أساسها بالدولار، وفي ظل وجود أسعار فائدة منخفضة فإن ضخ السيولة سيزداد إضافة إلى السيولة الآتية من الصادرات النفطية فإن كل هذه العوامل تحتم بقاء معدلات التضخم المرتفعة معنا على الأقل لثلاث أو أربع سنوات مقبلة. المطلوب تطوير أدوات نقدية، فمعظم البنوك المركزية في الدول الخليجية تفتقد لوجود خارطة طريق. لذلك على البنوك المركزية الخليجية أن يكون لديها خارطة طريق واضحة للسياسات النقدية الخليجية وبالذات في ظل وجود حرص ورغبة في المحافظة على معدلات النمو المرتفعة وفي ظل وجود ضخ حكومي في مشاريع البنية التحتية وفي مشاريع تجارية واقتصادية واجتماعية ضخمة. ومن الصعب مطالبة البنوك المركزية الخليجية في ضوء هذه المحددات من لعب دور فعال فهي في حقيقة الأمر عاجزة لقلة خبرتها خلال 20 إلى 30 عاما الماضية ولقلة تطويرها للأدوات النقدية والتي قد تساعدها على رسم خارطة طريق واضحة. حلولأزمات اقتصاديةيرى طارق يوسف أن حجم الارتباط ما بين اقتصادات دول العالم يفرض وجود حل جماعي ودولي للأزمات الاقتصادية الحاصلة منها والتي قد تنشب مستقبلاً، فمن الصعب على الولايات المتحدة أن تقوم بأي خطوات لحل أزمة ما دون التنسيق مع دول أوروبية وآسيوية أخرى، فالرد هنا يفترض أن يكون جماعياً ودولياً ويفترض أن تكون هناك سياسات دولية متبعة، إما من قبل مؤسسات دولية أو من قبل تجمعات عالمية، فهذا ثمن الارتباط، وحل الأزمات ينبغي أن يكون دولياً. نقاششبه توصياتقال طارق يوسف إن منتدى واقع المنطقة العربية كان قد ناقش "الاستفادة من الفرص وإدارة المخاطر" بتنظيم من كلية دبي للإدارة الحكومية وضم جمعا غفيرا من الباحثين والمختصين وسفراء الدول والاقتصاديين ومؤسسات عاملة في الدولة. المنتدى خرج بشبه توصيات فالنقاشات المهمة والصريحة التي أثارها المنتدى من شأنها أن تنعكس على تبادل الأفكار بين كل المؤسسات المشاركة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف